مونيت وشومان وآديناور وتشرشل.. آباء الوحدة الأوروبية في سطور

لا يختلف اثنان على أن السياسيين الفرنسيين والألمان كانوا من أبرز الشخصيات السياسية الأوروبية التي ساهمت بشكل ريادي في تحقيق الوحدة الأوروبية. فالتاريخ ما زال شاهدا على ما يعرف بـ"إعلان شومان" وعلى تصريحات صاحبها، وزير الخارجية الفرنسي الأسبق روبير شومان الذي أعلن من خلالها في التاسع من مايو/آذار 1950 عن ضرورة وضع قطاعي الحديد والصلب الألماني والفرنسي تحت إدارة واحدة.

وبتوقيع اتفاقية الحديد والصلب بين ألمانيا، ممثلة بالمستشار الألماني الأسبق كونراد آديناور وفرنسا بوزير خارجيتها روبير شومان، تم استبعاد معدني الحديد والصلب كأداة مهمة لشن الحروب. ولم تقتصر النواة الأساسية للاتحاد الأوروبي على انضمام ألمانيا وفرنسا إليها، بل أن تصريحات شومان في هذا الخصوص جاءت لتناشد الدول الأوروبية الأخرى بالانضمام إلى الاتفاقية المذكورة. وقال شومان في هذا الخصوص إنه "يأمل عن قناعة راسخة بانضمام دول أوروبية أخرى" إلى الاتفاقية. وفي الثالث من يونيو/حزيران 1950، وقعت كل من بلجيكيا وفرنسا ولوكسمبورغ وايطاليا وهولندا وألمانيا على "إعلان شومان". ووعد شومان في الإعلان ذاته "بتجميع القوى والنوايا الأوروبية من أجل إتمام المشروع الطموح."

جان مونيت: مستقبل واحد

وإذا كان "إعلان شومان" قد وضع حجر الأساس للوحدة الأوروبية على الصعيد الصناعي، فإن فكرة هذا الإعلان هي ملك دبلوماسي فرنسي قدير هو جان مونيت الذي كان يعد من الشخصيات السياسية المعروفة في المحافل الدولية آنذاك. وبدلا من وضع شروط قاسية وغير مناسبة للانضمام إلى الاتفاقية، أراد مونيت تغيير هذه الشروط. وكان مونيت مقتنعا بضرورة تنظيم التطور الاقتصادي في أوروبا بالشكل الذي يخدم المصالح الفرنسية. وقال مونيت في حينها إن الوحدة الأوروبية "لا غنى عنها من أجل نهضة الحضارة الأوروبية والحفاظ على السلام في القارة الأوروبية." ومن هنا تأتي أهمية الشخصيتين السياسيتين في السعي إلى توحيد أوروبا. ولهذا فإن جان مونيت وروبير شومان يعتبران دون منازع مهندسيْ الوحدة الأوروبية.

وينستن شيرشل: لا غنى عن الشراكة الألمانية ـ الفرنسية

وعلى صعيد المطالبة بإيجاد اتحاد أوروبي فإن رئيس الوزراء البريطاني الأسبق وينستن تشرشل يعتبر من أوائل المطالبين بإنشاء اتحاد يجمع الدول الأوروبية. ففي كلمة له بجامعة زيورخ السويسرية في التاسع عشر من سبتمبر/أيلول عام 1946، تطرق المسؤول البريطاني وينستن تشرشل إلى الوحدة الأوروبية. وبهذا يكون تشرشل من أحد الشخصيات المهمة التي ساهمت في إحياء فكرة الوحدة الأوروبية، على الرغم من أنه لم يعرف بتحمسه الكبير للوحدة الأوروبية. ونادى السياسي البريطاني في حينها بتأسيس ما سماه بـ"الولايات المتحدة الأوروبية." وأكد تشرشل في الخطاب ذاته على ضرورة السعي إلى وحدة أوروبية، قائلا إنه "إذا توحدت أوروبا في يوم من الأيام، فإن حدود السعادة والغنى والمجد بين بلدانها وشعوبها ستزول." ودعا السياسي البريطاني إلى شراكة ألمانية ـ فرنسية كشرط لتحقيق الوحدة الأوروبية. وبهذا كان الخطاب الذي ألقاه تشرشل في زيوريخ بمثابة إحياء لفكرة الوحدة الأوروبية من جديد.