الجزائرـ إمكانيات اقتصادية ضخمة تقابلها تحديات كثيرة
٢٨ فبراير ٢٠١٠عندما أعلن وزير البيئة والسياحة الجزائري شريف رحماني عن الأهداف التي تسعى الجزائر إلى تحقيقها قال:"نريد إظهار جزائر قادرة على النجاح، نريد استعادة مكانتنا وسوقنا في منطقة البحر الأبيض المتوسط" .والجزائر تبدو مقبلة فعلاً على تحقيق النجاح. وعندما تأسست غرفة التجارة والصناعة الألمانية الجزائرية قبل أربع سنوات في الجزائر، صرح القائم بأعمال الغرفة أندرياس هيرغنروتر أنه يوجد في الجزائر إمكانيات تجارية ضخمة لاسيما على صعيد التجارة الثنائية، وأشار بهذه المناسبة إلى برنامج الدعم الاقتصادي الذي أرادت الجزائر تنفيذه في إطار الخطة الخمسية، وخصصت 150 مليار دولار من أجل تطوير المرافق العامة، مشيرا إلى أنه يمكن للصناعة الألمانية أن تكون "شريكا ممتازا للجزائر".
قوة اقتصادية إفريقية كبيرة
تمتلك الجزائر ثالث أكبر اقتصاد في إفريقيا، بعد جنوب إفريقيا ونيجيريا، وأقوى اقتصاد قومي في شمال إفريقيا، قبل مصر. وينبع غنى الجزائر من احتياطياتها الضخمة من النفط، وفيها يبلغ متوسط دخل الفرد السنوي 4500 دولار، ونسبة النمو الاقتصادي خمسة المائة، واحتياطياتها من العملة الصعبة 144 مليار دولار، في الوقت الذي تقل ديونها الخارجية عن أربعة مليارات، أي أقل من عشر الديون الفرنسية الرسمية. ويوجد في السوق الداخلية الجزائرية 36 مليون شخص أكثر من نصفهم تحت سن الخامسة والعشرين.
ويزداد عدد الذين يحققون نجاحات تجارية، مثل ريان فيزوين الذي يعتبر نفسه من أبناء الجيل الجديد الذي أراد تحقيق شيء ما. ويقول فيزوين "لقد غادرنا بلادنا إلى الخارج لأنه كان لدينا طاقات كثيرة يمكن تسخيرها بشكل أفضل خارج الجزائر، واليوم نجد أنه يمكننا أن نقدم هنا شيئاً ما". ثم يحكي كيف عاد قبل ثماني سنوات إلى الجزائر لقضاء إجازته، لكنه بقي فيها لأنه يجد الجزائر كما يقول "بلاداً مثالية لكل الذين يريدون العمل في التجارة، فهي تنتهج سياسة انفتاح اقتصادي وتملك ثروة مالية"، وإذا كان الشخص يتقن اللغة، كما يؤكد التاجر الجزائري، ويعرف بعض الأشخاص تسهل عليه الأمور. وفي الوقت الحاضر كما يضيف"لا يوجد أي بلاد أخرى يمكن الاستثمار فيها بهذا الشكل الجيد كما هو ممكن حالياً في الجزائر."
ريان فيزوين يمتلك وكالة للسفر والسياحة، يقوم العاملون فيها بمرافقة السياح الأوربيين عبر الجزائر ويصل عددهم إلى حوالي مائة سائح في السنة، لكن العمل يسير بشكل أفضل بكثير في الاتجاه المعاكس، فألف جزائري يطيرون سنوياً بواسطة شركة ريان لقضاء إجازة في مالطا، وهؤلاء من أبناء الطبقة الوسطى التي تستطيع تمويل هذه الإجازات.
في أواخر الثمانينات انتقلت الجزائر من سياسة الاقتصاد الاشتراكي الموجه إلى اقتصاد السوق وحررت التجارة. ويقصدها تجار من مختلف أنحاء العالم ويتقدمون بطلبات لبناء المساكن والمدارس والطرق السريعة والخطوط الحديدية ومنشئات لتحلية المياه. وتراجعت البطالة في هذا البلد إلى حوالي 11 المائة، لكنها ما تزال بين الشبان 25 بالمائة. وتريد الحكومة توفير أماكن عمل في قطاعات عديدة من بينها القطاع السياحي .
كثيرون لا يستفيدون من الإصلاحات
ويمتد خطة التنمية الحكومية إلى عام 2025 لكن كادا الساحلي الذي كان يعمل في قطاع السياحة يجد أن هذه الفترة طويلة جداًً، فهو عاطل عن العمل منذ 1980 ويقول:" في عام 2025 أبلغ سن التقاعد،ً ويتعين علي عندئذ أن أكتب في طلب التقاعد أنني كنت طيلة حياتي عاطلاً عن العمل، فمن هو الذي سيدفع لي؟".
إن الإصلاحات التي تقررها الحكومة من "فوق" يتم تنفيذها "تحت" ببطء شديد من قبل السلطات المختصة والشعب.
والجزائر تتمتع بمستقبل باهر، لكن حاضرها ما يزال صعباً، والشعب يعبر باستمرار عن استيائه والشباب الجزائري يحلم بالهجرة لأن الوضع يبدو له عديم الأمل. محمد عبدو، وزير سابق وعضو في المجلس الدستوري، يقول حول ذلك:" الناس ترد بعنف لأن الإدارة التنظيمية الرسمية لا تستجيب بسرعة للمطالب الاجتماعية. وطواحين البيروقراطية تدور ببطء". وهو يؤكد في هذا السياق على ضرورة تنفيذ الإصلاحات بسرعة أكبر وإلا اشتعلت الاحتجاجات من جديد. ويضيف "الشعب يريد أن يُمنح آذاناَ صاغية، لكنه لا يريد تعريض البلاد إلى الخطر" والأجيال الشابة كما يقول محمد عبدو، تزداد عدداً ومن الضروري " تغير طبيعتنا ونحذو حذو الشباب في تفكيرنا". في الوقت الحاضر يوحد البلاد بصيص من الأمل. والشعب يوجه بأكمله أنظاره إلى الفريق الوطني لكرة القدم، وكثير من الموسيقيين يدخلون إلى أغانيهم نفحات وطنية، والى كأس العالم في كرة القدم 2010 ينطلق الجزائريون بتفاؤل كبير.
الكاتبة:مارتينا تسيمرمان/منى صالح
مراجعة: عبده جميل المخلافي