قطاع التصدير في ألمانيا يستعيد عافيته ويتوجه عربيا
٨ فبراير ٢٠١٠أظهرت دراسة تحليلية أجرتها مؤسسة جرماني تريد اند انفيست، التي تتخذ من مدينة كولونيا مقرا لها، أن قطاع التصدير في الاقتصاد الألماني يشهد عودة حثيثة إلى النمو. وكان هذا القطاع قد تعرض بدوره لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ما تسبب في تراجع التصدير إلى الأسواق التقليدية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بشكل ملحوظ.
وفي الوقت الذي بينت فيه الوقائع العملية أن الأزمة الاقتصادية العالمية قد ساهمت في تراجع النمو في الدول الصناعية المتقدمة، الأمر الذي دفع بحكوماتها إلى اتخاذ إجراءات تحفيزية لإنعاشه، فإن الدول الصاعدة كالصين والهند والبرازيل والمملكة العربية السعودية أثبت قدرتها على مقاومة الأزمات الكبيرة بشكل ملفت للنظر. هذا ما يؤكده ميشائيل بفايفير، المدير التنفيذي لمؤسسة جرماني تريد اند انفيست، في سياق عرضه للدراسة التحليلية التي تناولت وضع الأسواق في ثمانية وستين بلدا من بلدان العالم.
وبهذا التحليل تضع الدراسة الشركات الألمانية أمام توجه جديد في المستقبل القريب. فمن جانب تدعو الدراسة، حسب بفايفير، إلى زيادة الاهتمام بالأسواق التقليدية للمنتجات الصناعية الألمانية، رغم التراجع الذي تشهده حاليا نتيجة للأزمة؛ ومن جانب آخر تحض الشركات المنتجة على التوجه نحو أسواق الدول الصاعدة التي تحقق نموا متزايدا رغم الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالدول الصناعية الكبرى.
شمال إفريقيا تحت مجهر الشركات الألمانية
وتأخذ شمال إفريقيا موقعا متميزا في دراسة المؤسسة الألمانية التي تعتبر دليل الشركات المنتجة في ألمانيا في الخارج ودليل المستثمرين الأجانب في ألمانيا. فأسواق ليبيا تعتبر واعدة بالنسبة للمنتجات الألمانية، كما تشير إلى ذلك الدراسة. وهي تضع المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية في ليبيا في مقدمة اهتمام الشركات والمستثمرين الألمان، خصوصا بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن هذا البلد العربي.
وتشهد ليبيا نموا كبيرا في قطاع البناء والبنية التحتية عموما إذ يتم تنفيذ مشاريع إنمائية وتطويرية كبيرة كبناء الشقق السكنية وشق الطرقات ومد السكك الحديدية وبناء الموانئ والمطارات. كما يتم حاليا في ليبيا إعادة ترميم أحياء سكنية بكاملها وذلك بتعاون المؤسسات المحلية مع شركات ألمانية وماليزية، وفق هذه الدراسة.
وحسب الدراسة الألمانية أيضا فإن الجزائر تشهد نموا اقتصاديا منقطع النظير في قطاعات الصناعة والخدمات . فقد خصصت الحكومة الجزائرية برنامجا استثماريا وطنيا للتنمية في البلاد، في السنوات الأربع الماضية، بلغت كلفته حوالي 155 مليار دولار أمريكي. وفي هذا السياق تلعب الشركات الألمانية دورا كبيرا حاليا ويمكن لها أن ترفع مستوى انخراطها في النمو الاقتصادي في الجزائر في المستقبل من خلال زيادة اهتمامها بالسوق الجزائرية الواعدة.
السعودية تسعى للتحرر من التبعية للنفط
وتعتبر الدراسة المذكورة المملكة العربية السعودية من الدول الصاعدة أسوة بالبرازيل والهند فيما يتعلق بمستوى النمو الاقتصادي فيها. وتشير إلى عدم تأثر اقتصاد المملكة بتداعيات الأزمة المالية العالمية بشكل كبير. وتستثمر المملكة العربية السعودية مئات المليارات من الدولار الأمريكي في القطاع الصناعي، بهدف خلق قاعدة صناعية كبيرة للمستقبل تضمن تحرر الاقتصاد السعودي من التبعية لعائدات النفط التي "ستنتهي عاجلا أم آجلا".
وتضيف الدراسة بأن التوجه السعودي نحو التحول إلى دولة صناعية ناشئة يفتح فرصا كبيرة أمام الشركات الألمانية وأمام المستثمرين الألمان. إذ يحتاج القطاع الصناعي السعودي إلى معدات وآليات ثقيلة تشتهر ألمانيا بصناعتها، وهي مادة التصدير الأولى إلى العالم؛ بالإضافة إلى خبرات المؤسسات الألمانية في مجال التخطيط وتصميم المنشآت الصناعية وفق متطلبات واحتياجات المستثمرين السعوديين.
وتدعو الدراسة، في الوقت نفسه، إلى تشجيع المستثمرين الخليجيين عموما والسعوديين خصوصا على العمل والاستثمار في ألمانيا. وحسب كلام ميشائيل بفايفير فإن "المستثمرين الأجانب يأتون إلى ألمانيا كي ينطلقوا منها للعمل في الأسواق العالمية، لأن لألمانيا سمعة جيدة في هذا المجال". كما أن ألمانيا رائدة في الصناعات الثقيلة، ما يؤدي ليس إلى زيادة الطلب على الشركات الألمانية فحسب، بل يؤثر أيضا في بقاء المستثمرين في ألمانيا والانطلاق منها نحو العالم.
الكاتب: حسن ع. حسين
مراجعة: أحمد حسو