إلى أين تسير مصر في ظل العنف السياسي ؟
٢٦ سبتمبر ٢٠١٣لا يزال العنف يسيطر على الأجواء السياسية المصرية منذ عزل محمد مرسي من رئاسة الجمهورية في الثالث من يوليو الماضي. ومنذ فض اعتصامي رابعة والنهضة بالقوة، تنوعت أساليب العنف على الأرض ما بين إطلاق نار في محاولات الاغتيال وبين زرع عبوات متفجرة في بعض الأماكن العامة.
آخر العمليات كانت محاولة الإخوان السيطرة على بعض القرى النائية وإخراجها من نطاق سيطرة الدولة. حدث ذلك بشكل جلي بقرية دلجا بمحافظة المنيا وكرداسة بالجيزة. قوات الأمن واجهت بعنف تلك الإستراتيجية واعتقلت من وصفتهم بالإرهابيين.
الإخوان: " نحن أبرياء من تلك الاتهامات التي يلصقوها بنا "
"كلها تلفيقات وكرداسة ستبقى صامدة"، بتلك الكلمات بدأ أحد أعضاء جماعة الإخوان حديثه لDWعربية. العضو رفض تماماً ذكر اسمه "لدواعي أمنية". واتهم الرجل ألإخواني "الإنقلابيون" – كما أطلق على السلطة الحالية- بإقامة "مذابح" في دلجا وكرداسة. وحول ما إذا كان السيطرة على دلجا وكرداسة هي محاولة للضغط على السلطة رفض عضو الجماعة لفظ "سيطرة" قائلاً: "نحن لا نسيطر على أحد، تلك المناطق وقفت حرة تقول لا للانقلاب".
ولم ينف الرجل استخدام البعض للسلاح في وجه قوات الأمن والجيش مبرراً ذلك بأنهم يواجهون "عدواناً غاشماً" يحق لهم فيه المواجهة والدفاع عن أنفسهم – على حد قوله، لكنه عاد وأكد أن كل ما يثار حول عبوات ناسفة وغيرها من التحركات غير السلمية ما هي إلا افتعال من السلطة الحاكمة مشيرا بالقول "هم يحاولون خداع الشعب وإشعاره بالخطر وشيطنة كل من يقف في وجه انقلابهم ونحن أبرياء من تلك الاتهامات التي يلصقوها بنا".
وكان بيان على الموقع الرسمي للجماعة قد تحدث في نفس هذا السياق بالقول : "درج الإنقلابيون على استخدام الإعلاميين التابعين لهم لتهيئة الرأي العام للأعمال الإرهابية التي ينوون القيام بها وإلصاقها بالإخوان المسلمين لتشويه صورتهم وتحريض الناس عليهم".
"العنف جزء أصيل من إستراتيجية الجماعة"
من جانبه، لا يرى السفير د/ عزمي خليفة، المستشار بالمركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية الوضع ما يراه عضو الجماعة. ففي حديث لDWعربية كشف خليفة أن "العنف ليس منهجا جديدا على الإخوان بل منذ نشأتهم وهو جزء أصيل من إستراتيجية الجماعة". ودلل على قوله بحادثة اغتيال محمود النقراشي باشا، رئيس وزراء مصر في عهد الملك فاروق، بعدما أصدر قرارا بحل الجماعة وكذلك محاولات اغتيال جمال عبد الناصر وأنور السادات، رؤساء مصر الراحلين.
وتابع القول: " هو عنف مستمر على مدار العصور من أيام الملكية وحتى اليوم". ولا يرى خليفة انفصالا في موقف الإخوان عن موقف حليفتها الجماعة الإسلامية وجميع الحركات الإسلامية في العالم العربي. ويفسر تلك النقطة قائلاً: "جميع الحركات الإسلامية في الوطن العربي خرجت من عباءة الإخوان والاختلاف الأيديولوجي بينهم ضئيل".
وتطرق المستشار السياسي لأحداث دلجا وكرداسة قائلاً: " الإخوان وحلفائهم يحاولون أن يلفتوا نظر العالم إلى أنهم موجودون وكان الاتجاه لديهم الانفصال بمحافظات حدودية كمطروح أو سيناء لكن لم يستطيعوا لذا لجأوا لفكرة السيطرة على قرى صغيرة لإظهار أنهم مسيطرون على الأرض".
ومن نفس النقطة تحدثت إيمان رجب، الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية، لDWعربية مؤكدة أن محاولة السيطرة على بعض المناطق ما هي إلا محاولة من الجماعة لإظهار القوة وإثبات الوجود والتي تدخل في نطاقها أيضاً مظاهراتهم ومسيراتهم. وخلصت الى القول: "لم تعد الجماعة الإسلامية هي الفاعل الذي يحرك العنف على الأرض".
"الإخوان لن يستطيعوا فرض شروط على الحكم الجديد"
دور الدولة والأمن القومي موضوع يسيطر على المشهد المصري اليوم وكان محور حديث DWعربية مع د. حمدي السيد، المحلل السياسي ومستشار الأمن القومي الأسبق بسفارة مصر بواشنطن الذي أشار إلى أن الجماعة الإسلامية تنتهج نهجاً عنيفاً لكنه يظل أقل من حجم العنف الممارس من جانبهم فيما مضى. ويفسر رأيه قائلاً: "الوضع يتماشى مع المعطيات على الأرض في ظل الواقع السياسي الجديد والإجراءات الأمنية المشددة واستخدام التقنيات الحديثة في مراقبتهم وتحديد أماكنهم". ويتابع: "لذا تدرك الجماعة أن نشاطاتها ستواجه بشكل أكثر حزماً مما كان عليه الوضع سابقاً لأن من سيتصدى لها سيكون الجيش والشرطة وليس كما الماضي الشرطة وحدها".
واستبعد الخبير السياسي قدرة الإخوان وحلفائهم السيطرة على قرى أو مدن لعدم وجود "القوة الضاربة لتحقيق ذلك" حيث يرى السيد أن تلك المحاولات ستبوء بالفشل في ظل وجود القبضة الأمنية الشديدة والتي تدعمها قوى سياسية وشعبية. "وحتى إذا استطاعوا السيطرة لفترة فلن يستطيعوا فرض شروط على الحكم الجديد لأن المسألة للنظام الحالي هي حياة أو موت وبالتالي لن يسمح بذلك مهما كانت التضحيات".