ازدياد العنف ضد الأقباط في مصر
٢٣ أغسطس ٢٠١٣لم تكن الأمور سهلة أبدا على المسيحيين الأقباط في مصر. ولكن ما يحدث في بلاد النيل منذ الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي يفرض نوعية حياة جديدة على الأقباط: منذ المجزرة التي ذهب ضحيتها المئات من المتظاهرين الإسلاميين في 14 أغسطس/ آب 2013، وقع 44 هجوما على الكنائس المسيحية، وفقا لإسحاق إبراهيم من "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية". وهذا يشمل فقط تلك الهجمات التي دمرت الكنائس كليا أو جزئيا، ولا يتضمن عدد الهجمات التي تسببت بأضرار محدودة.
الوضع ساء كثيرا، وخاصة منذ الإطاحة بمرسي في الثالث من يوليو / تموز الماضي. بالنسبة لإسحاق إبراهيم، مسؤول ملف حرية الدين والمعتقد بالمبادرة المصرية، هناك سبب رئيسي لذلك: "استطعنا ملاحظة كيف يقوم قادة الإخوان بالتحريض ضد الأقباط. إنهم يعطون أنصارهم انطباعا أن الأقباط يقفون مع الجيش لعزل الرئيس الإسلامي السابق محمد مرسي من الحكم".
الإخوان المسلمون يحرضون ضد المسيحيين
طالما ادعى كبار ممثلي الإخوان بأن الأقباط هم ضد الشريعة والإسلام في مصر. بابا الأقباط تواضروس الثاني كرر أكثر من مرة، قبيل عزل مرسي، تأييده لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي ولقوات الأمن في "الحرب على الإرهاب". وعندما ألقى السيسي في 3 يوليو/ تموز خطابا أمام كاميرات التلفزيون أعلنت فيه عزل مرسي، كان بابا الأقباط يجلس إلى جانب قائد الجيش - ولكن أهم شخصية دينية من السنة، أي شيخ الأزهر أحمد الطيب، كان جالسا إلى جانبه أيضا.
حتى لو كان الإخوان المسلمون يؤكدون علنا بأن ليسوا ضد المسيحيين، ولكن يمكن للمرء أن يقرأ في موقعهم العربي دائما عكس ذلك. على صفحة الفيسبوك الخاصة بفرع حزب الحرية والعدالة لجماعة الإخوان المسلمين في حلوان، اتُهم بابا الأقباط تواضروس الثاني بأنه يدعم مجموعات تهاجم المساجد وتخلق حالة من الفوضى في الشوارع. بالإضافة إلى اتهام الكنيسة بأنها تخوض حربا ضد الإسلام والمسلمين.
هذه المواقع مزيفة وتنتحل اسم الإخوان، من أجل تشويه سمعة الجماعة، كما تقول جماعة الإخوان المسلمين. ونفس النفي تدعيه حول الادعاءات على الكنائس المسيحية.
ولكن خطاب الإخوان القديم، والذي يحمل صبغة التحريض في جزء منه، يشير إلى أن الهجمات الحالية أتت في الواقع من إسلاميين. إحدى هذه الهجمات وقعت في أوائل أغسطس/ آب في قرية بني أحمد بالشرقية. المشكلة بدأت بخلاف بين مسيحي احتفل بعزل مرسي، ومسلم من مؤيدي الرئيس السابق. عضو المبادرة المصرية إسحاق إبراهيم يلخص ما حدث بعد ذلك: "هاجم عدة مئات من المسلمين من القرى المجاورة بيوت المسيحيين والكنيسة. حاول المسيحيون حماية منازلهم، ولكن في النهاية تم حرق أكثر من 43 منزلا بعد سرقة محتوياتها".
تقويض النظام القانوني
الشرطة – كما يحدث عادة في مثل هذه الحالات – بعد ساعات من ذلك. ولكن المشكلة الرئيسية هي طريقة التعامل بعد مثل هذه الهجمات: حيث تُعقد بعد ذلك ما تسمى باجتماعات المصالحة. وهي اجتماعات بين ممثلين عن السكان المسيحيين والسكان المسلمين في المنطقة. وفي هذا الاجتماع غير الرسمي يتم التوصل لتسوية خارج المحكمة بين الجماعتين.
سلطات الدولة تدفع الطرفين في الغالب للتوصل لمثل هذا الاتفاق. ويتم بالتالي تعطيل النظام القانوني. ويفلت الجناة غالبا من الملاحقة القضائية. ويصبح لهذا الإفلات المتكرر من العقاب آثار سلبية مخيفة.
في بني أحمد، تقدم المسيحيون المتضررون بشكوى لأقرب مركز للشرطة. بعدها قال ممثلون لجماعة الإخوان المسلمين، بأنهم سيتولون حل المشكلة، كما يقول إسحاق إبراهيم. وفي النهاية تقرر إنشاء "لجنة قضائية" من سبعة أعضاء. الأعضاء السبعة كانوا مسلمين، وخمسة منهم أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين.
يصف إسحاق إبراهيم النتيجة التي تم التوصل إليها في لقاء المصالحة: "توجب على المسيحيون سحب شكواهم التي تقدموا بها إلى مركز الشرطة، ولم يتم تعويض الضحايا ماديا. وفي حال اندلاع أعمال عنف مرة أخرى، فيحظر على الطرفين مهاجمة دور العبادة للطرف الآخر".
نتيجة لقاء المصالحة في بني أحمد تظهر أن المشكلة لا تكمن فقط في هجمات يقوم بها متطرفون إسلاميون. بل هناك مشكلة أكبر تتمثل بجهاز أمن والسلطة القضائية التي تفشل في جميع المجالات، كما تقول الكثير من منظمات حقوق الإنسان مرارا. ولا يمكن للأقباط بالتالي الحصول على حقوقهم، وغالبا ما يكونوا تحت رحمة الإسلاميين.
هذا الفشل في عمل مؤسسات الدولة كان موجودا في ظل نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك وفي ظل حكم محمد مرسي. ولكن مع الزيادة الكبيرة في الاعتداءات بعد عزل مرسي أخذت المشكلة بعدا جديدا. وانحسار هذه الهجمات لا يبدو قريبا في الوقت الراهن. تقريبا كل يوم هناك هجمات جديدة على كنائس مسيحية.