وقف التنسيق مع إسرائيل وجائحة كورونا يحاصران مرضى غزة!
٢٣ يوليو ٢٠٢٠بالنسبة لأم شابة مريضة تعيش في قطاع غزة، فقد كانت الأشهر الثلاثة الأخيرة مليئة باليأس والإحباط. فولاء الزريدي (31 عاما) مصابة بسرطان الثدي، تحتاج إلى علاج غير متوفر في قطاع غزة المغلق حيث تعيش مع عائلتها.
وتقول الزريدي عبر الهاتف من غزة لـ DW: "لا أعرف ما إذا كنت سأحصل على العلاج أم لا. فبدونه، هناك خطر على حياتي". بعد خضوعها لعملية استئصال الثدي، يتوجب على الأم الشابة مواصلة العلاج الإشعاعي في مستشفى فلسطيني بالقدس الشرقية. لكن قيود السفر التي فرضتها جائحة كورونا، وقرار السلطة الفلسطينية في مايو/ أيار الماضي بتعليق التنسيق المدني والأمني مع إسرائيل، احتجاجا على خطط إسرائيل بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، تركتها عالقة.
بالنسبة لسكان غزة مثل الزريدي، أصبح الوضع المعقد الذي يعيشونه أكثر صعوبة وغموضا بالفعل. فالأم المريضة لم تعد تعرف كيف يجب عليها التقدم بطلب للحصول على تصريح للخروج من قطاع غزة عبر معبر إيرز الذي تسيطر عليه إسرائيل. وتقول "لم نعد نعرف ما إذا كان مسموحا لنا بمغادرة غزة. يقول البعض إنه لا أحد يستطيع الخروج. في الأخبار، يقولون إن هناك أشخاصا يغادرون عبر إيرز، لكننا لا نعرف أين من الممكن أن نحصل على التصاريح اللازمة للمغادرة ".
البيروقراطية الإسرائيلية والفلسطينية
على مدى السنوات الـ 13 الماضية، فرضت إسرائيل رقابة مشددة على حركة الأشخاص والبضائع عبر نقاط عبورها مع قطاع غزة الذي تحكمه حماس. عادة ما يكون الحصول على تصريح إسرائيلي للخروج من غزة عملية بيروقراطية صعبة. وتسمح إسرائيل للأشخاص من فئات معينة فقط بالخروج، مثل الحالات الطبية الصعبة، كما تسمح أيضا للتجار والطلاب والحالات الإنسانية الأخرى بتقديم طلب.
اعتاد سكان غزة على التقدم للحصول على تحويل طبي في المكتب المحلي التابع للجنة الشؤون المدنية، وهي هيئة تديرها السلطة الفلسطينية من رام الله / وتحولها بدورها إلى السلطات الإسرائيلية للبت فيها، بيد أن هذا الأمر توقف في آواخر مايو/ أيار من العام الحالي. الأمر الذي دفع مرضى سرطان آخرين مثل عالية آغا من رفح جنوب قطاع غزة إلى البحث عن بدائل. وتقول عالية "لا نعاني من المرض فقط، بل نعاني من صعوبة الحصول على العلاج أيضا".
منظمات الإغاثة في وضع صعب
في النهاية لجأت المريضة عالية إلى منظمات حقوق الإنسان في غزة وإسرائيل للحصول على المساعدة، و"على الرغم من أن هذه المنظمات عادة ما تتدخل في حالة وجود مشاكل في التصاريح، لكنها لا تقدم أي طلبات مباشرة إلى مكتب التنسيق الإسرائيلي"، بحسب غادة مجادلة من منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان (PHR)، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية. ووفقا لمجادلة فإن المنظمة تلقت 104 طلبات للمتابعة في شهر يونيو/ حزيران فقط وهي أرقام تفوق قدرة المركز على المتابعة، وتقول "عادة نتلقى 30 طلبا كل شهر". وتضيف "يجب ألا تحل منظمات حقوق الإنسان محل هيئة رسمية تقوم بالتنسيق (مع السلطات الإسرائيلية)"، مضيفة أنه يجب إيجاد حل للمشكلة السياسية الأساسية القائمة.
انخفاض كبير في أعداد المغادرين
"الوقت هو العامل الحاسم لعلاج مرضى السرطان" يقول أخصائي في إحدى مستشفيات القدس الشرقية، حيث تقدم الرعاية لمرضى غزة. ويتابع الطبيب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أنه "إذا لم يتلق المريض العلاج الإشعاعي في الوقت المحدد، فهناك خطر لعودة السرطان". ويعبر عن قلقه من عدم تمكن مرضاه من العودة في الوقت المناسب لمواصلة العلاج.
وبحسب منظمة "غيشا" الإسرائيلية غير الحكومية، التي تناضل من أجل حرية السفر لسكان قطاع غزة، فقد انخفض عدد الرحلات عبر معبر إيريز للمرضى ورفاقهم إلى أقل من 200 رحلة في يونيو / حزيران. في فبراير/ شباط كان العدد للمقارنة زهاء 2900 مغادرة.
ويرى مراقبون أن بعض المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة ربما تلقوا رفضا لطلبهم بمغادرة القطاع، بسبب التدابير الصحية لفيروس كورونا، كما تفرض حماس حجرا صحيا صارما لمدة 21 يوما على أي شخص يعود إلى قطاع غزة.
السلطة تناشد الأمم المتحدة
"الصعوبات محسوسة في رام الله، ولكن لا يوجد حل لها حاليا"، بحسب المتحدث باسم الحكومة في رام الله إبراهيم ملحم والذي تواصل مع DW في رسالة عبر تطبيق واتسآب. ويقول "المرضى يعانون ولقد طلبنا تدخلا من الصليب الأحمر الدولي ومنظمات الأمم المتحدة للسماح لهؤلاء المرضى بالوصول إلى المستشفيات في الضفة الغربية والقدس وإسرائيل".
من جهته يقول جيمي ماكغولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في القدس، إن الأمم المتحدة تعمل حاليا على نظام للتدخل كوسيط بين الجانب الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية. ويضيف أن هذا لن ينطبق إلا على الحالات الصعبة، حيث يحتاج المرضى إلى العلاج في الضفة الغربية وأماكن أخرى. ويتابع "على المدى الطويل، يجب على جميع الأطراف العمل على توفير علاج شامل للسرطان داخل غزة".
مكتب التنسيق المدني العسكري الإسرائيلي وضع نموذجا عبر الانترنت، أعلن فيه قبوله تلقي طلبات التصاريح مباشرة وذلك لبعض الحالات الإنسانية. ولكن لا يزال من غير الواضح كيف سيتم التعامل مع الشرائح الأخرى مثل الطلاب والعمال وغيرهم ممن يرغبون في العودة إلى عائلاتهم في غزة.
وفي رسالة مشتركة حثت خمس منظمات حقوقية إسرائيلية - بما في ذلك PHR و Gisha وزارة الدفاع الإسرائيلية والمدعي العام الإسرائيلي "على رفع القيود وتمكين الفلسطينيين من السفر خارج غزة عبر معبر إيرز إلى ما بعد الحالات الطبية العاجلة و بغض النظر عن هيئات التنسيق الفلسطينية".
المريضة عالية آغا تأمل في أن يتم إصدار تصريحها بحلول نهاية تموز/ يوليو. وتقول "لا أريد مغادرة غزة، أريد البقاء مع عائلتي، لكن ليس لدي خيار سوى الذهاب للعلاج في الخارج".
تانيا كريمر/ حازم بلوشة/ علاء جمعة