إلى أي مدى تذهب المخططات الإسرائيلية لضم أجزاء من الضفة؟
١ يوليو ٢٠٢٠في وسائل الاعلام الاسرائيلية تستمر التكهنات حول ما إذا كانت إسرائيل ستبدأ فعلا في عملية الضم المرتقبة لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة. ومايزال غير واضح ما هي المواقع التي ستضمها إسرائيل. وفي رام الله بالضفة الغربية المحتلة يبقى شباب فلسطينيون مثل سالم برحمة محبطين عندما يتحدثون عن التأثير على مستقبلهم من جهات خارجية. "أنا من جيل أوسلو الذي حصل على وعد الدولة التي لم نحصل عليها أبدا"، يقول برحمة، مدير المعهد الفلسطيني للدبلوماسية العامة، منظمة غير حكومية. "نحن محبطون للغاية وغاضبون، كما أننا مستاؤون لكون العالم لا يصغي إلينا. أرضنا تتعرض عمليا منذ مدة طويلة للاستيطان ولا أحد فعل شيئا ضد ذلك".
وابتداء من الأول من يوليو قد يبدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضم حتى 30 في المائة من الضفة الغربية المحتلة ـ على أساس خطة الشرق الأوسط، التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يناير/ كانون الثاني. لكن إلى حد الآن لا توجد إلا تكهنات حول متى وفي أي حجم ستحصل عملية الضم. وتحدث نتنياهو في البداية عن إدماج غور الأردن وعن 135 مستوطنة تُعتبر غير شرعية من طرف المجتمع الدولي. والآن توجد تقارير غير مؤكدة تتحدث عن نية الحكومة الاسرائيلية في خطوة أولى ضم بعض المستوطنات المتفرقة. كما أن المحادثات مع واشنطن تستمر حول هذه المخططات.
نهاية حل الدولتين؟
"نحن نقف أمام لحظة ذات أهمية تاريخية في هذه المنطقة"، كما قال نيكولاي ملادينوف، منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي أمام صحفيين أجانب في القدس. وحذر ملادينوف من أن الخطوة الأحادية الجانب تمثل خرقا للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كما أن هذا يثير الشكوك حول حل الدولتين.
والفلسطينيون يعتبرون أفق حل الدولتين يضمحل منذ سنوات. وفي استطلاع للرأي لمركز الاعلام والاتصال في القدس ومؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية يقول 45.3 في المائة من الفلسطينيين المستطلعة آراؤهم إن عملية الضم من طرف إسرائيل قلما تسمح ببقاء هذا الحل. وبالنسبة إلى سالم برحمة فإن المشروع قائم منذ مدة، لأن سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية تسيطر عمليا على 18 في المائة فقط من الضفة الغربية المحتلة، والسيادة العليا في أهم القضايا تبقى في يد إسرائيل. " إسرائيل تراقب حرية الحركة وموارد المياه والخدمات. والوحدات الإسرائيلية تذهب كل ليلة إلى المدن والقرى لاعتقال أشخاص. نحن نعيش حاليا في واقع الدولة الواحدة الذي تراقب فيه إسرائيل جميع من يعيشون بين نهر الأردن والبحر"، كما أضاف سالم.
هيجان لدى الفلسطينيين ولا مبالاة في إسرائيل
وبالنسبة إلى كثير من الإسرائيليين لا تلعب قضية الضم دورا كبيرا. فهم قلقون أكثر من وباء كورونا والوضع الاقتصادي المتوتر بسببها، كما كشف استطلاع "لمبادرة جنيف" لإنهاء نزاع الشرق الأوسط. فقط شريحة ضيقة من المستطلعة آراؤهم تريد أن تجعل الحكومة الإسرائيلية قضية الضم من الأولويات الكبرى. واستطلاعات أخرى كشفت جزئيا عن نتائج متناقضة. "هناك غالبية قليلة من الإسرائيليين اليهود الذين يدعمون نوعا من الضم، لكن لا يوجد إجماع حول كيف سيكون ذلك"، يقول عوفر زالتسبيرغ، المحلل السياسي. والرأي العام يتغير حسب المخطط المعروض ومن يدعمه سياسيا.
أدار كايش وتاير روزنبلات في طريقهما إلى مظاهرة في تل أبيب. وكلا الشابين الإسرائيليين ينشطان لدى داركينو، إحدى المجموعات التي تنظم احتجاجات ضد عملية الضم المبرمج لها. وشعار "لا للضم، نعم للاقتصاد والأمن" يُراد به مخاطبة الوسط السياسي. وكلا الناشطين يعبران عن القلق من المستقبل الاقتصادي لبلادهما. "ليس لدينا حاليا المال للاهتمام بأية مخططات ضم"، تقول تاير روزنبلات التي فقدت عملها كنادلة خلال فترة الحجر الصحي. وتؤكد تاير بأنه وجب على الحكومة أن تهتم بالأحرى بضمان فرص العمل عوض عملية ضم مثيرة للجدل. وأدار كايش يقول بأن الكثير من الناس لا يدركون ُبعد مخططات الضم في حجمها الكامل. ويؤكد أن الكثيرين ببساطة غير مبالين بهذا كله.
عدم يقين تجاه ردود الفعل الدولية
وكرد فعل على مخططات الضم تخلت القيادة الفسطينية في رام الله عن عدد من الاتفاقيات مع إسرائيل، بينها التنسيق المشترك في القضايا الأمنية والمدنية. وفي الأسابيع الماضية ذُكر في أوساط حكومية بأن حل سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية مطروح بعد تأسيسها في خضم عملية أوسلو للسلام في 1994. ورئيس الوزراء الفلسطيني أكد أنه سيعمل من أجل الهدوء والنظام. وحكومته تعاني من ضغط مالي كبير: فالسلطة الفلسطينية لم تتمكن مؤخرا من صرف كامل الرواتب، لأنه يوجد نزاع حول عائدات الضرائب والجمارك التي تحولها إسرائيل في العادة للفلسطينيين في كل شهر. وفي قطاغ غزة الذي تسيطر عليه حماس وصف الذراع العسكري لحماس أي نوع من الضم بأنه "إعلان حرب".
وفي الوقت الذي تستمر فيه المحادثات بين واشطن والقدس، يتم في الاتحاد الأوروبي على ما يبدو ترقب تفاصيل ضم محتمل للإعلان عن رد فعل على ذلك. وفي الشهور الأخيرة وصف مندوب السياسة الخارجية الأوروبي، جوزيب بوريل أي نوع من الضم في الضفة الغربية كخرق للقانون الدولي. وفي الدوائر الأوروبية في القدس عُلم أنه قد لا يوجد قرار موحد في القضية. وخلف أبواب موصدة يدور على ما يبدو الحديث عن إجراءات مثل مقاطعة منتجات من المستوطنات الإسرائيلية أو إقصاء إسرائيل من برامج علمية. وبعض البلدان قد تثير مسألة الاعتراف بدولة فلسطين ـ لكن حتى هذا الأمر سيكون خطوة رمزية.
تانيا كريمر/ م.أ.م