هل يبعد اختلاف المواقف السعودية عن حلفائها؟
١٤ ديسمبر ٢٠١٣بعد جدل وخلافات انتهت قمة دول مجلس التعاون الخليجي في الكويت بالاتفاق على تشكيل قيادة عسكرية موحدة لدول المجلس (الكويت- السعودية- البحرين-الإمارات- قطر- سلطنة عمان) في أول خطوة على طريق تحقيق هدف محل نقاش منذ فترة طويلة ، لكنها في الوقت نفسه أقل من الاقتراح السعودي بشأن تحويل المجلس إلى اتحاد سياسي. أوضحت الحكومة السعودية قبل القمة أن انتقال مجلس التعاون من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد أصبحت ضرورة ملحة ، لكن هذا الاقتراح لم يقابل بالترحيب من كافة الدول إذ لوحت سلطنة عمان بإمكانية انسحابها من المجلس حال تحول إلى اتحاد بين الدول الخليجية الست.
يكشف هذا الموقف بوضوح عن مدى التضارب في المصالح داخل دول مجلس التعاون الخليجي الذي تشكل في الأساس لمواجهة نفوذ إيران، التي زاد موقفها قوة بعد اتفاق جنيف مع الولايات المتحدة وحلفائها. فعلى العكس من السعودية، ترتبط سلطنة عمان والإمارات بعلاقات اقتصادية جيدة مع إيران لا تريد المخاطرة بها من خلال الدخول في اتحاد لدول الخليج.
بعد جديد في العلاقات السعودية الأمريكية
صعوبة موقف دول الخليج لا يظهر فقط من خلال فشل فكرة تشكيل اتحاد سياسي لكنه تجلى بوضوح عبر الموافقة المترددة على الاتفاق الذي تم بين الغرب وإيران والذي أظهر مدى عزلة دول الخليج. ومن جهته علق المحلل زهير القصيباتي في صحيفة الحياة اللندنية على سير قمة الكويت قائلا:"لم يعد الحديث همسا عن مدى صواب منح الولايات المتحدة الثقة".
وأشار القصيباتي في مقاله إلى التحديات الداخلية أيضا والناشئة عن الوعي المتقدم لدى "شبان المنطقة ونسائها الذي يتساءل عن موجبات الإصلاح السياسي وزمنه هو ذاته الذي بات يرى بعين الواقعية تقاطع المصالح بين جار كبير يوزع الكلام المعسول دفاعا عن حقوق المسلمين و /شريك/ كبير لا يعد إلا بالأمن ، كأن دول مجلس التعاون عاجزة عن الدفاع عن أراضيها".
أظهرت القمة في الوقت نفسه أن السياسية الخارجية السعودية التي صارت أكثر وعيا ، خرجت من مرحلة السياسية غير القابلة للمعارضة كما ترى آنا زونيك ، باحثة العلوم الإسلامية في معهد GIGA بمدينة هامبورغ والتي تشير في حوار مع DW إلى البعد الجديد الذي اكتسبته العلاقات الأمريكية السعودية بقولها:"كان بحث القضايا الخلافية يتم حتى الآن بشكل دبلوماسي وبعيدا عن الرأي العام أما الآن فالأمر بدأ يخرج للإعلام".
لكن هذا البعد الجديد في العلاقات الثنائية بين البلدين لا ينفي اعتماد إحداهما على الأخرى فالولايات المتحدة مازالت المستورد الرئيسي للنفط السعودي كما أن السعودية بدورها مازالت تنظر للولايات المتحدة كضمان للأمن والاستقرار، كما ترى الباحثة زونيك.
خلاف حول دعم "الإرهاب"
اتهمت الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة ، السعودية بتقديم الدعم المالي لجماعات إرهابية سنية وبالرغم من أن المملكة العربية السعودية اتخذت إجراءات قوية بتحفيز من الولايات المتحدة لوقف عمليات تحويل الأموال للإرهابيين إلا أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون أقرت في عام 2009 في تسجيلات سرية نشرها موقع ويكليكس لاحقا أن "متبرعين سعوديين مازالوا المصدر الأهم لدعم جماعات إرهابية سنية في أنحاء متفرقة من العالم".
ويعتبر التعاطي مع الملف السوري من النقاط التي تظهر فيها أيضا خلافات في وجهات النظر بين السعودية وحلفائها. ففي أعقاب سيطرة مقاتلين إسلاميين متشددين على مخازن لقوات المعارضة ، قررت الولايات المتحدة وبريطانيا تعليق المساعدات لجماعات المعارضة المعتدلة في سوريا. في الوقت نفسه كشف تقرير لصحيفة "إندبندينت" البريطانية عن خطط سعودية لإرسال ما يصل إلى 50 ألف مقاتل سني إلى سوريا لمواجهة نظام بشار الأسد. وفي هذا السياق تلفت الباحثة زونيك إلى تجربة مشابهة عندما قامت الولايات المتحدة بدعم المجاهدين في أفغانستان لينقلبوا عليها في نهاية المطاف. وتوضح زونيك خطورة هذا النوع من الدعم في سوريا قائلة:"الطابع الطائفي الشديد خيم على الصراع وأضاف بالتالي المزيد من الحدة للجبهات المتصارعة".
استراتيجيات محل خلاف
العواقب الوخيمة لتواجد مقاتلين سنيين لا تقتصر على سوريا فحسب بل ستمتد أيضا إلى السعودية على المدى الطويل ، كما يرى مينو برويشافت ، باحث العلوم الإسلامية بمدينة مونستر الألمانية. وأضاف بروفيشافت في حوار مع DW"يجب أن يتوقع المرء أن ينقلب المقاتلون على أوطانهم في الوقت الذي سينتهي فيه الصراع في سوريا".
ولا يعتبر الموقف من الملف السوري هو نقطة الخلاف الوحيدة بين السعودية وحلفائها لكن عملية نشر الفكر الوهابي على مستوى العالم من النقاط التي تعكر صفو هذه العلاقات كما يوضح بروفيشافت قائلا :"ساهم تصدير الوهابية في عزلها (السعودية) بعض الشيء على المستويين الدولي والإقليمي".