مشروع التكامل الخليجي - حلم تهدده الانقسامات!
١١ ديسمبر ٢٠١٣تحديات غير مسبوقة تواجه القمة الخليجية التي تنعقد في الكويت من خلال التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى مستقبل مجلس التعاون الخليجي وآفاق تطوير العمل داخله عبر التعاون والتكامل، وهو المشروع الذي يواجه جملة من العراقيل سيما بعد أن فجرت سلطنة عمان قنبلة من العيار الثقيل يوم السبت الماضي بإعلانها عن رفض مشروع الاتحاد، ثم هددت بالانسحاب من المجموعة في حال القيام بإعلانه.
وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز قد اقترح قبل عامين إقامة اتحاد أقوى بين البحرين والكويت وقطر وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة. وهناك الآن تساؤلات حول مستقبل مشروع المملكة العربية السعودية لجمع دول الخليج العربية في اتحاد واحد ومدى تأثير الأوضاع في الشرق الأوسط عامة وفي الخليج العربي على هذا المشروع.
عُمان ومشروع التكامل
تحاول قمة الكويت احتواء الخلافات التي ظهرت علنا، على غير العادة، بين دول الخليج، فقد أدلى وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي بن عبد الله يوم السبت في مؤتمر في البحرين بتصريح، بعد أن جددت الرياض دعوتها لوحدة أكثر تماسكا، معتبرا أن بلاده لا تؤيد على الإطلاق إقامة إي اتحاد. وفي تعليقه على هذه التصريحات قال الدكتور عمر الحسن مدير مركز الخليج للدراسات الإستراتيجية في حديث لـ DW /عربية: "سيبقى مجلس التعاون قائما، والدعوة السعودية كانت موجهة لمن يريد أن ينتقل من مرحلة التعاون إلى مرحلة التكامل، ولذلك فإن اعتذار أية دولة عن الانضمام إلى الاتحاد لن يؤثر على أي مشروع مستقبلي. فالتكامل يمكن أن يشمل بعض الدول إلى حين اكتمال الدول الأخرى استعداداتها للانضمام".
وحذر السعوديون من فهم أية دلالة تشير الى حدوث خلافات. حيث قال مدير المخابرات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل في البحرين إن سلطنة عُمان لها كل الحق في التعبير عن وجهة نظرها وانه لا يعتقد أن ذلك سيحول دون إقامة الاتحاد. وأضاف أن إقامة اتحاد أكثر ارتباطا بين دول مجلس التعاون الخليجي يعد من وجهة نظره أمرا حتميا وان لدولة عمان حرية الانضمام لهذا الاتحاد الآن أو في وقت لاحق.
ويعتبر الدكتور عمر الحسن، الباحث في الشأن الخليجي، أن "عمان غير مستعدة حتى هذه اللحظة لتتحدث عن التكامل في قطاعات اقتصادية مختلفة، غير أن ذلك لايعني ان السلطنة ستنفصل عن دول المجلس الخليجي".
اختلاف التوجهات في السياسة الخارجية
تم إنشاء مجلس التعاون الخليجي عام 1981 بهدف التصدي لصعود إيران الشيعية غير العربية في المنطقة والتي تعتبرها الرياض منافسها الرئيسي للهيمنة على الخليج وعلى الشرق الأوسط الأوسط. ورغم أن لدى كل الدول الست الأعضاء في المجلس شكوكا بشأن إيران، فإن سلطنة عمان وقطر قامتا بخطوات حثيثة لتحسين الروابط مع طهران. بل أن عمان ذهبت إلى أبعد من ذلك خلال الاثنى عشرة شهرا الماضية، واستضافت اجتماعات سرية بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين وساعدت على التوصل إلى اتفاق نووي" الشهر الماضي وهو اتفاق أثار سخط السعوديين.
وبهذا الشأن نقلت وكالة فرانس براس عن المحلل السياسي الإماراتي عبد الخالق عبد الله أن سلطنة "عمان لا تريد أن تكون جزءا من أي خطوة قد يعتبرها البعض موجهة ضد إيران". وتتمتع السلطنة بعلاقات تاريخية جيدة مع إيران، وهي الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تقطع علاقاتها مع إيران في أسوأ مراحل العلاقات الخليجية الإيرانية. ويرى المحلل السياسي عمر الحسن أن " احتفاظ عمان بعلاقاتها الدبلوماسية مع طهران، وما قامت به من وساطة ناجحة بين الولايات المتحدة وإيران جنبت المنطقة حربا كانت وشيكة ".
الموقف العُماني تجاه إيران لم يكن الموقف الوحيد الذي يدل على تذبذب مواقف السياسية الخارجية لدى دول الخليج، فقد شكلت الأزمتان السورية والمصرية عاملا آخر في ظهور خلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي. وهكذا أغضبت قطر جيرانها ولاسيما منذ ثورات "الربيع العربي" عام 2011 بسبب تحركاتها في مجالات سياسة خارجية مساندة لحركات مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين. كما قدمت قطر مليارات الدولارت كمساعدات مالية لمصر حينما فاز الإخوان في انتخابات العام الماضي، رغم انزعاج أنظمة أخرى في المنطقة من صعود الجماعة. كما أظهرت السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة هذا العام تبنيها بجلاء لمواقف مخالفة بشأن مصر حينما تعهدت تلك الدول بتقديم 12 مليار دولار للقاهرة، بعد ما أعلن الجيش عن عزل الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان.
يوسف بوفيجلين