موجة الجفاف في ألمانيا تنذر بكارثة بيئية وزراعية
٢٩ يوليو ٢٠٠٦قمنا بزيارة المزارع بيتر ريشتر، البالغ من العمر 57 عاماً والذي مرت عليه مواسم صيف حارة كثيرة. لكنه لم يعش مثل هذا الصيف منذ سنوات طويلة. وأثناء تجولاه بسيارته في حقوله، التي دمرها الجفاف غير المتوقع لهذا العام، يقول ريشتر متألماً: "حصدنا في العام الماضي العشب أربع مرات، أما هذا العام فلم نحصده إلا مرة واحدة، ما أدى إلى خفض إنتاجنا بشكل كبير." ومأساة ريشتر وباقي المزارعين لم تنته عند هذا الحد، لأنهم عاجزون عن فعل أي شيء يعوض غياب الأمطار الضرورية لاستخدام الأرض اليابسة: " لا نستطيع الآن حراثة هذا الحقل لأن الأرض قاسية وينقصها المطر." وأكثر ما يحز في قلبه نبتات عباد الشمس الذي يسمى هناك بنبتة "الجسم السمائي"، حيث يرى زهورها تذبل من يوم لآخر، وهذا أمر بديهي لأن درجات الحرارة وصلت إلى 34 درجة مئوية في الظل.
خسائر المزارعين كبيرة لدى
تقدر الجمعية الفلاحية، التي يترأس ريشتر مجلس إدارتها، خسائرها لهذا العام بأكثر من 20 ألف يورو في حقول عباد الشمس فقط، لأنها أرادت توريد بذور النبتات لشركة تصنع الزيوت. والأمر لا يقتصر على عباد الشمس فقط، بل يشمل القمح والشعير والذرة التي تحتاج إلى مياه كثيرة. ولم تجد محاولة المزارع ريشتر نفعاً بإرسال زميله سائق الحصادة شفارتس إلى الحقل لأن المحاصيل شحيحة والزرع غير يانع. وفي هذا الإطار يقول شفارتس إن عمله محزن لأنه يعرف أنه يحصد المحصول قبل أوانه: "إنه أمر محبط، وأعتقد أحياناً أن عطلاً ما في الآلة بسبب الكمية الضئيلة التي أجنيها في نهاية اليوم لكن المشكلة هي الزرع الذي لم ينضج بعد."
ومن جانبه يقول ريشتر إنه يتوقع إنتاج 3500 كلغ من القمح لكل هكتار. وهذا قليل مقارنة بالعام الماضي حيث وصل إنتاجه 7 أطنان في الهكتار الواحد، ولذا ستتكبد الجمعية خسائر فادحة هذا العام، ومن المقرر أن ينتهي موسم حصاد الحبوب في نهاية شهر حزيران/يوليو. وهذا وقت مبكر، لان الموسم ينتهي عادة في منتصف شهر آب/أغسطس. ويقول ريشتر إن وضع الفلاحين في ترد مستمر لأن أرباحهم ضئيلة وفي نهاية الموسم سيكونون سعداء إذا تمت تغطية تكاليف حقولهم وهم بحاجة الآن إلى سنوات مربحة كي يستطيعوا الاستثمار من خلال أرباحها.
الاعتماد على الذات وعلى مساعدات الاتحاد الأوروبي
تتبع معظم الجمعيات الفلاحية سياسة الاعتماد على الذات لمواجهة مواسم غير مربحة مثل هذا الموسم الجاف، وذلك عبر العمل في أكثر من قطاع فجمعية ريشتر ستجني الأرباح من تربية الخنازير الناجحة وهذا ما سيعوض خسائر موسم الحبوب. وبما أن الاتحاد الأوروبي يقدم معونات في أوقات الكوارث الطبيعية، فستقدم جمعيات كثيرة عن طريق حكومة ولاياتها طلباً لمساعدتها من قبل المفوضية الأوروبية، التي تمنح عادة تعويضات للمزارعين في حالة الجفاف. ورغم أن الطلب يستغرق وقتاً طويلاً حتى تنتهي معاملته، تمثل المعونات الأوروبية مساعدة هامة المزارعين في صراعهم للجفاف والجو الحار.
يذكر أن بعض الولايات الألمانية وخاصة الولايات الشرقية منها تعاني من نقص حاد في نسبة الأمطار الساقطة للعام الثالث على التوالي، فعلى سبيل المثال تراجعت نسبة الأمطار في ولاية براندنبورغ المحيطة بالعاصمة برلين بنسبة خمسين بالمائة عن المعدل الوسط لهطول الأمطار. وإذا استمر الوضع على هذه الحالة فستكون حقول كثيرة مهددة بالتصحر مما ينذر بعواقب وخيمة على المنطقة بأكملها.