معضلة انتشار السلاح تعرقل تحقيق أهداف الثورة في ليبيا
٢٧ يناير ٢٠١٢عادت الحياة الطبيعية إلى مدينة بني وليد. وبات قاطنو المدينة الصغيرة، الواقعة جنوب شرق العاصمة طرابلس، يتجرؤون للخروج إلى الشوارع. في الأسواق يشترون الخضار والفاكهة إلا أن هذا الجو الهادئ خادع ما. "أعتقد أنه الهدوء الذي يسبق العاصفة"، كما يقول عبد الحميد رحيم أحد قاطني المدينة الليبية.
في يوم الاثنين (23 من يناير/ كانون الثاني 2012) وقعت في هذه المدينة الصغيرة بعض المناوشات استمرت عدة ساعات. وقد لقي العديد من عناصر مليشيات المجلس الوطني الانتقالي حتفهم، فيما أصيب العشرات بجروح. بداية، قيل إن أنصار القذافي قاموا بإعادة الاستيلاء على المدينة، وذكر أنهم ورفعوا العلم الأخضر القديم لليبيا. إلا أن الحكومة الليبية نفت هذه الأخبار موضحة أنه قد وقعت مناوشات بين مليشيات محلية متخاصمة. وأعلن وزير الدفاع أسامة جويلي أن "المدينة (بني وليد) تحت سيطرة الحكومة الليبية".
معقل قديم للقذافي
ويذكر أن مدينة بني وليد اعتبرت خلال الحرب الأهلية التي عرفتها ليبيا مؤخرا لإسقاط نظام القذافي، كأحد آخر معاقل القذافي. ولم يتمكن معارضو النظام المخلوع آنذاك من السيطرة على المدينة وتم تسليمها فيما بعد إلى المجلس الوطني الانتقالي الليبي عبر المفاوضات.
أغلب سكان المدينة ينتمون إلى قبيلة ورفلة التي كانت تتمتع بامتيازات خلال فترة حكم معمر القذافي، والآن يشعرون بأنهم بالطبع فقدوا تلك الامتيازات. ويبدو أن المناوشات الأخيرة كانت بسبب إلقاء القبض على أحد الشخصيات الهامة في هذه القبيلة من قبل إحدى المليشيات التي تدين للحكومة الحالية بالولاء.
في الأسابيع والشهور الماضية شهدت المدن الليبية مناوشات بين جماعات مسلحة متنافسة. وفي بداية الشهر الجاري لقي مائة شخص على الأقل مصرعهم فيما أصيب 12 آخرين في مواجهات بين مليشيات في مدينة الأصابعة وغريان. ولطالما حذر رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل من خطورة اندلاع حرب أهلية في البلاد، في حال عدم نزع السلاح من المليشيات.
نزع السلاح عملية مضنية
"الخصومة بين المليشيات حاليا هي اكبر المشاكل في البلاد"، يوضح جونتر ماير الخبير في الشؤون الليبية ومدير مركز أبحاث العالم العربي. المليشيات تنفذ أوامر قائدها وليس المجلس الوطني الانتقالي. "في طرابلس وحدها هناك أربع مليشيات مختلفة قامت بالسيطرة على أجزاء من المدينة وكل واحدة منها تتبع مصالح مختلفة".
وحسب الخبير الألماني ماير، فإن آلية نزع السلاح حاليا من المليشيات، لا تتم بصورة جيدة، فحتى الآن أعلنت جماعة واحدة مكونة من 600 محارب، استعدادها لإلقاء السلاح والالتحاق بالأمن الوطني، "حتى الآن اغلب المليشيات تأبى تسليم السلاح الذي يرون فيه ضمانة لتحقيق مصالحهم في المستقبل". القلق هو الشعور المسيطر حاليا في البلاد، يضيف اندرس ديتمان الخبير في الشؤون الليبية في جامعة بريمن الألمانية. "فالكل خائف من أن السلاح وأن الحاجة إليه حاجة ما تزال قائمة".
"لا خطورة من اتباع القذافي"
ويرى الخبيران الألمانيان أن الخوف من أن موالين للقذافي قد يبدءون مواجهات عنيفة ضد المجلس الوطني الانتقالي هو احتمال ضئيل. "في الواقع لا يتوقع احد أن يعود النظام القديم، فهو لا يوجد له قائد"، يقول الخبير الألماني ديتمان. أما بالنسبة لمؤيدي الثورة الليبية، فإن شعور عدم الرضا بدأ في التنامي. فالثوار يريدون أن تتم مكافأتهم على إسقاط القذافي ونظامه، كما يشرح خبير الشؤون الليبية ماير الذي يرى أن "الليبيين ينتظرون تحقيق نجاحات سريعة، وكذلك عودة الحياة إلى طبيعتها". ويرى الخبيران الألمانيان أن على الليبيين التحلي بالصبر. واعتبر الخبير ديتمان يرى أن "بناء نظام ديمقراطي بعد أربعة عقود من نظام عسكري ديكتاتوري، واحدة من أصعب المهام ".
نيلز ناومان/هبة الله إسماعيل
مراجعة: حسن زنيند