معاداة اليهود في الحياة اليومية الألمانية
٤ فبراير ٢٠١٣يبلغ عدد الجاليات اليهودية القائمة حاليا في ألمانيا 108 جاليات ينتمي إليها 105 آلاف شخص. وستوفد جاليات كثيرة بعضا من شبابها للتنافس في مسابقة موسيقية خاصة بالشباب اليهود سيجري دورها النهائي في آذار/مارس في مدينة ميونيخ. وستشارك في المسابقة أيضا مجموعة من شباب الجالية اليهودية في مدينة كولونيا. ولذلك تقوم المجموعة بانتظام بتمرينات لعرضها في المسابقة التي تحمل اسم جوروفيشن (Jewrovision).
الشتم والإهانة
تقضي إيلانا التي يبلغ عمرها 18 عاما، يومي السبت والأحد من كل أسبوع في المعبد اليهودي في كولونيا، فالتمرينات للمسابقة تأخذ كثيرا من الوقت. "المعبد هو بيتي الثاني"، كما تقول إيلانا. وانتقلت الشابة قبل سنة من مدينة مونشينغلادباخ إلى كولونيا، ففي مونشينغلادباخ تعرضت منذ فترة في المدرسة الابتدائية إلى شتائم التلاميذ الآخرين الذين وصفوها بأنها "خنزيرة يهودية" وسألوها بصورة استفزازية: "هل قتلتِ اليوم مرة أخرى بعض الفلسطينيين؟" ويثير ذلك حتى يومنا هذا غضب إيلانا.
جد إيلانا وجدتها، المنحدران من أوكرانيا، يطالبانها ببعض التحفظ، إذ ليس من الضروري أن يعرف الجميع أنها يهودية. إلا أن إيلانا ترفض ذلك، إذ إنها لا ترى سببا لكتمان هذه الحقيقة. "أفضل تعرضي لضربات في وجهي على فقدان كرامتي"، كما تقول.
معاداة اليهود "مقبولة اجتماعيا"
يصف الحاخام دانييل ألتر تعرض اليهود لشتائم وإهانات وحتى لاستخدام العنف ضدهم، بأنه "أمر عادي كليا في ألمانيا"، مشيرا إلى أن حوالي ثلث الألمان معادون لليهود. ويضيف: "معاداة اليهود ظاهرة منتشرة في جميع فئات المجتمع". وأصبحت هذه الظاهرة "مقبولة اجتماعيا"، كما يقول ألتر الذي تولى في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي منصب مفوض الجماعة اليهودية في برلين لشؤون مكافحة معاداة السامية.
هل نزاع الشرق الأوسط أرضية لمعاداة اليهود؟
يقوم رجال أمن مسلحون على مدار الساعة بحماية المعابد والمدارس اليهودية وغيرها من المرافق اليهودية في المدن الألمانية. وعلاوة على ذلك توجد في هذه المنشآت أجهزة أمنية لفحص الجسم كتلك الموجودة في المطارات. "هل تعتقدون أنني أحب العمل وراء أجهزة لفحص الجسم؟"، يسأل ألتر للإجابة بنفسه على هذا السؤال بالنفي. إلا أن هذا ضروري، فمكتبه يقع داخل مبنى المعبد اليهودي في برلين.
يرتدي ألتر الطاقية اليهودية التقليدية "كيبا" تحت قبعة لإخفائها، ففي السنة الماضية تعرض لاعتداء من أربعة شباب من أصل عربي بلا سبب وتعرض لضربات شديدة. وتطلبت معالجة جروحه نتيجة لذلك نقله إلى مستشفى. ومنذ ذلك الحين يرتدي في معظم الأحيان قبعة فوق الطاقية.
يعتقد العامل الاجتماعي الميداني أحمد منصور أن الكثيرين من أصل عربي وتركي يتسمون بموقف معاد لليهود. ويحمّل الفلسطيني الذي يعيش ويعمل منذ تسعة أعوام في برلين، أسرهم المسؤولية عن ذلك: "هرب فلسطينيون كثيرون أثناء حروب الشرق الأوسط إلى ألمانيا". ويعطون لأطفالهم صورة مشوهة حول هذه الحروب ويرون في أنفسهم ضحايا وفي اليهود مجرمين. "لا يفرقون بين اليهود والإسرائيليين، وإنما يحملون جميع اليهود المسؤولية عن نزاع الشرق الأوسط"، كما يضيف الإسرائيلي العربي منصور. وعلاوة على ذلك، يتم على الإنترنت نشر أفلام فيديو وخطب تحرض المسلمين على كره اليهود.
معاداة اليهود بين الألمان
لا تقتصر ظاهرة معاداة اليهود على الشباب من أصل عربي، وإنما هي منتشرة بين الألمان أيضا. ولذلك، فإن ألتر ومنصور متفقان على ضرورة القيام بالمزيد من التوعية في ألمانيا. وتشاركهما إيلانا في رأيهما. "يتردد المعلمون في معالجة هذا الموضوع"، كما تقول. وحاولت إيلانا مرات عديدة بنفسها إلقاء محاضرات في المدرسة بهذا الشأن والتحدث عن الموضوع مع أصدقائها. "إلا أن ذلك بقي بلا جدوى". وهي تخشى في بعض الأحيان من تحول غضبها إلى كراهية.
وكما تضيف إيلانا، فإن صديقها الحميم أحمد، هو مسلم تقي يدافع عنها، عندما تتعرض لشتائم وإهانات. وينطبق ذلك على أصدقاء آخرين لها أيضا، إذ ليس جميع الألمان معادين لليهود، كما تقول.