قطاع الصناعة الألماني يرفض تحمل مسؤولية تلوث الهواء
اشتدت حدة السجال في الأيام الأخيرة حول تلوث المدن الألمانية. فالسياسيون سارعوا بتقديم اقتراحات عملية لخفض نسبة التلوث في الجو، حتى أقرب التيارات السياسية الألمانية لقطاع الصناعة مثل الحزب المسيحي الديمقراطي اشتركت في الدعوة إلى إجراءات عملية مثل حظر قيادة السيارات أيام الأحد. رجال الاقتصاد والصناعة يرفضون تلك المطالب بدعوى انعكاساتها السلبية على السوق، ويطالبون بالبحث عن حلول أخرى للمشكلة بدلاً من التركيز فقط على قطاع السيارات. يذكر أن صناعة السيارات الألمانية لا زالت متأخرة في ما يخص تركيب الفلاتر المحافظة على البيئة.
في هذا السياق أكد ممثل اتحادات الصناعة الحرفية وتجارة التجزئة في حديث له لجريدة "دي فلت" اليومية أن منع حركة المرور أيام الأحد في المدن والمناطق الشديدة التلوث بالسخام سينتج عنها من توابع اقتصادية سلبية، ووصفه بأنه "إجراء غير مقبول". ويوافقه في هذا الرأي مدير غرفة التجارة والصناعة الألمانية مارتين فانسلابن الذي يرى انه من الصعب الوصول إلى محلات تجار التجزئة في هذه الحالة، الأمر الذي سيؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض في حجم المعاملات. ويعلق فانسلابن حول توقيت القضية الذي يتزامن والارتفاع المطرد في أعداد العاطلين عن العمل في ألمانيا قائلا " أنها خطوات غير مناسبة اقتصاديا على الإطلاق خاصة مع وصول عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا إلى 5.2 مليون شخص".
معارضة المدن الألمانية
لم تقتصر معارضة خطة منع حركة المرور أيام الأحد في المدن والمناطق الشديدة التلوث على عدد من ممثلي الاتحاديات الصناعية والتجارية والحرفية الألمانية فحسب، بل قوبلت أيضا برفض قاطع من قبل المدن واتحاد البلديات. وفي هذا السياق قال جرد لاندسبرج رئيس اتحاد البلديات إن هذه الخطة لن تعود على الألمان إلا بمزيد من التخبط. كما وقلل من أهمية ومدى فاعلية هذه الخطة إذ انه من المعرف أن الشاحنات الكبيرة والتي تعد من الأسباب الرئيسية لارتفاع نسبة السخام في الهواء بسبب استخدامها لمحركات الديزل، لا يسمح لها بالعادة بالسير على الطرقات أيام الأحد من عطلة الأسبوع. إلا أن لاندسبرج عاد وطالب في الوقت نفسه بسرعة تركيب فلاتر السخام، فضلا عن مطالبته بصرف أموال إضافية لتوزيع شبكات السير وتوفير المزيد من وسائط النقل العامة.
وعلى صعيد محاولات الحكومة الرامية إلى تقليل تلوث هواء المدن الألمانية، أقرت الحكومة مشروع تقديم تسهيلات ضريبية لشركات السيارات التي ستقوم بتركيب فلاتر وأجهزة تنقية على سيارتهم. ومن الأفكار الأخرى المطروحة طالب خبراء الألمان في مجال البيئة والطقس بتحويل الشوارع ذات الاتجاهين المتعاكسين إلى اتجاه واحد. إذ يرون أن حركة السيارات المتعاكسة في هذه الطرقات تعمل على تشكيل زوابع هواء من شأنها أن تحتفظ بجزيئات السخام المتصاعدة عن احتراق الديزل في المحركات وعن كوابح السيارات فضلا عن الاحتكاك المستمر للإطارات بالشوارع.
تضارب المصالح
الجدير بالذكر أن الجدل حول قضية التلوث في المدن الألمانية قد بلغ أوجه خلال الأيام القليلة الماضي بعد ارتفاع حدة النقاش بين عدد من الأحزاب السياسية الألمانية. فقد طالبت الولايات الألمانية الحكومة بتعويضات قد تصل إلى 1.5 مليار يورو سنويا من جراء الخسائر المتوقعة عن قانون التشجيع الضريبي، والذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ ابتدأ من يناير/ كانون الثاني القادم.
أما قيمة التخفيضات الضريبية ستصل إلى 350 يورو على السيارات الحديثة وإلى 250 يورو وما دون على السيارات القديمة. الأمر الذي سيترك نتائج سلبية على ميزانيات الولايات التي تتقاضي الضرائب على السيارات. وفي السياق نفسه أُعلن يوم أمس أن نسبة التلوث في ميونيخ وشتوتغارت تجاوزت الحدود التي تسمح بها قوانين الاتحاد الأوروبي. كما أن مدناً أخرى قاب قوسين أو أدنى من تجاوز كهذا. في هذا الأثناء التزم المسئولون في صناعة السيارات الألمانية بإنتاج وسائط نقل مجهزة بأجهزة تنقية للسخام بحلول عام 2008.