تبعات وحلول زيادة معدلات التلوث في المدن الألمانية
منذ زمن طويل لم تشكل قضية بيئية خلافا كبيرا في ألمانيا كقضية أجهزة تنقية أو فلاتر السخام الخاصة بمحركات الديزل. فعلى الصعيد الحكومي برز هذا الخلاف بين طرفي التحالف الحاكم الذي يضم الحزب الديمقراطي الأشتراكي وحزب الخضر. كما برز مؤخراً بين الجمعيات المعنية بشؤون البيئة من جهة و شركة فولكس فاجن ووزير المالية الألماني هانس آيشل من جهة أخرى.وقد دفع هذا الأمر بالحكومة الالمانية إلى الموافقة على مشروع قرار يبدأ العمل فيه في يناير/ كانون الثاني القادم. وبمقتضى ذلك يتم منح تخفيضات ضريبية لأصحاب السيارات المستخدمة لفلاتر الديزل ابتداء من مطلع العام القادم. وفي الوقت الذي يقترب فيه دخول القانون حيز التنفيذ تستمر معدلات التلوث في الهواء بشكل مخالف لقوانين الاتحاد الأوروبي. فقد تجاوزت هذه المعدلات الحدود المسموح بها في مدينة ميونخ الألمانية. وبلغ عدد التجاوزات 36 مرة منذ بداية العام الجاري وحتى عطلة عيد الفصح في الوقت الذي لا يسمح فيه القانون الأوروبي بأكثر من 35 مرة خلال عام بكامله. ولا يبدو أن المخالفة ستقتصر على مدينة ميونيخ فقط. هناك مؤشرات كذلك على ترجيح حدوث ذلك في دوسلدورف ودورتموند وفرانكفورت خلال وقت قصير.
الفلاتر من صلب عملية الإنتاج
تعد ألمانيا من أكثر الدول الأوروبية تضررا من هذه الإشكالية، و يعود ذلك إلى أن أعداداً قليلة من السيارات الألمانية تستخدم نوعيات فعالة من المصافي المضادة للسخام، الا انه من المفترض حل هذه المشكلة مع نهاية عام 2008 اوالعام الذي يليه. وعلى ضوء ذلك اتفقت الحكومة الحكومة وشركات السيارات العملاقة على اعتماد جهاز تنقية الهواء الملوث بحيث يدخل في صلب عملية الإنتاج. في هذه الأثناء نقلت الصحف الألمانية أن شركة مرسيدس بنز العملاقة تعهدت بإنتاج وتركيب المصافي المطابقة للمعايير الأوروبية بدءاً من هذا الصيف. الجدير ذكره ان الأدخنة الصادرة عن المنشئات الصناعية و الاحتكاك المستمر لعجلات السيارات على الطرقات بالإضافة لجزيئات السخام الناتجة عن احتراق الديزل تسبب أمراضاً كثيرة للجهاز التنفسي. كما أنها من الأسباب الرئيسية لمرض السرطان.
منع المرور في المناطق الملوثة
عمدت الجمعيات المعنية بالحفاظ على البيئة في الآونة الأخيرة إلى زيادة ضغوطها على المسؤولين الألمان بغية إيجاد حل بشكل أسرع مما تريده الحكومة الألمانية. ومن بين هذه الجمعيات جمعية مساعدة البيئة في ميونيخ التي تعمل حالياً لدفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات مضادة للتلوث من خلال حكم قضائي. أما الحل الذي تريده فيتمثل في منع مرور السيارات في المناطق التي تجاوزت الحد القانوني للتلوث. وفي هذا السياق يقول رئيس الجمعية يورجن ريش " إن تعليمات نظافة الهواء الأوروبية تطلب من البلديات تطبيق آليات معينة تهدف إلى التقليل التلوث وعدم السماح بتجاوز الحد المسموح به". على صعيد آخر حث ريش الحكومة و البرلمان في ألمانيا على إنهاء ما اسماه باللعبة الحزينة حول التشجيع الضريبي لأصحاب السيارات المستخدمة للمصافي الفعالة.
آثار سلبية على الميزانيات
على اثر النزاع البيئي ظهر إلى السطح أيضا خلاف قوي بين الولايات الالمانية والحكومة الاتحادية حول قانون التشجيع الضريبي للأشخاص الذين قاموا بتركيب مصافي السخام على سياراتهم. ومن المفترض أن يدخل القانون حيز التنفيذ مع بداية العام القادم. أما قيمة التخفيضات الضريبية فيصل إلى 350 يورو على السيارات الحديثة وإلى 250 يورو وما دون على السيارات القديمة. وسيكون لذلك نتائج سلبية على ميزانيات الولايات التي تتقاضي الضرائب على السيارات. ويتوقع أن تصل الخسائر الناتجة عن التخفيضات إلى إلى 1.5 مليار يورو سنويا، وهو الأمر الذي دفعها إلى مطالبة الحكومة الاتحادية بالتعويضات. ولا يقتصر الأثر السلبي لهذا القانون على الولايات فحسب. فقد بدأت نتائجه بالظهور على الشركات المصنعة لسيارات الديزل بسبب ترجيح تراجع مبيعاتها من سيارات الديزل حسب البروفسور جرد بودنهوفر الخبير في مجال اقتصاد السيارات. وعلى ضوء ذلك يرجح بودنهوفر تأجيل بيع ما يقارب 30 ألف سيارة سنوياً إلى حين تزويدها بالمواضفات المطلوبة على صعيد حماية البيئة.