ظاهرة الاختطاف في نيجيريا.. المتورطون وأهدافهم
٤ يونيو ٢٠٢٤باتت موجة الاختطاف في نيجيريا تمثل تهديدا أمنيا تقف وراءه شبكة واسعة تضم عصابات إجرامية وكيانات اسلاموية مسلحة.
فقبل أيام قليلة، شهدت قرية بولاية النيجر في وسط نيجيريا، حادثة مأساوية بمقتل عشرة أشخاص وخطف أكثر من 160 قرويا فيما قال مسؤول محلي إن مسلحين يشتبه بانتمائهم إلى جماعة بوكو حرام المتطرفة اقتحموا القرية على متن دراجات نارية.
فشل السلطات النيجيرية
وإزاء ذلك، أعربت منظمة العفو الدولية عن بالغ قلقها إزاء تفشي ظاهرة الاختطاف، محذرة من أن عملية الاختطاف التي عاصرتها قرية كوتشي تعد بمثابة مؤشر جديد على "فشل الدولة الذريع في حماية الأرواح".
وقالت المنظمة في تغريدة على منصة "إكس" إن السلطات النيجيرية "تركت سكان المناطق الريفية بولاية النيجر تحت رحمة المسلحين الذين يرتكبون جرائم قتل وخطف بشكل شبه يومي".
تزامن هذا مع تصريح صدر عن بيتر أوبي، مرشح حزب العمال في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، قال فيه إن استمرار الهجمات التي تستهدف سكان القرى ومعظمهم من المزارعين، يؤثر سلبا على سلسلة إنتاج الغذاء في نيجيريا التي يبلغ عدد سكانها 216 مليون نسمة.
وأضاف "يجب ألا نسمح لظاهرة انعدام الأمن أن تهدد النشاط الزراعي في البلاد ما ينذر بدفع المزيد من الناس إلى حافة الفقر والجوع".
الجدير بالذكر أن شركة الاستشارات الأمنية "اس بي أم إنتليجنس" قد أفادت باختطاف أكثر من 3600 شخص في نيجيريا خلال الفترة ما بين يوليو / تموز عام 2022 و يوليو / تموز عام 2023.
وكان إيكيميسيت إيفيونغ، مدير الأبحاث في الشركة، قد ذكر عام 2021 أن "نيجيريا في وضع هش. تواجه كل مناطق البلاد تحديات أمنية تهدد تقريبا وجودها".
ومن الشائع حدوث عمليات خطف جماعية للحصول على فدية حيث يتم خطف ستة أشخاص في المتوسط في كل واقعة مع استهداف العصابات الإجرامية المدججة بالسلاح قرى نائية لنهبها وخطف سكانها.
من يقف وراء عمليات الاختطاف؟
ويقول خبراء إن مجموعات مختلفة تقف وراء عمليات الاختطاف في نيجيريا فيما تأتي في المقدمة العصابات الإجرامية المسلحة أو ما يُطلق عليهم "قُطاعي الطرق" التي ظهرت في شمال نيجيريا، لكن تزايدت قوتها خلال العقدين الماضيين وتحولت من مجرد عصابات خارجة عن القانون تسرق الماشية، إلى عصابات إجرامية منظمة تتورط في جرائم تهريب المخدرات والأسلحة.
وتُقدم هذه العصابات في المقام الأول على خطف سكان القرى وأطفال المدارس بهدف الحصول على فدية.
وفيما يتعلق بشمال شرق البلاد، فتنشط جماعة "بوكو حرام" المتطرفة وتنظيم "داعش - ولاية غرب أفريقيا" حيث يقف مسلحو التنظيمين وراء سلسلة من عمليات اختطاف بلغت ذروتها عام 2014 بخطف 276 تلميذة في بلدة شيبوك شمال شرقي البلاد.
وتفيد تقارير بأن جماعة "بوكو حرام" تستهدف على وجه الخصوص الفتيات اللاتي تعشن في المدارس الداخلية أو المدن الجامعية.
وتنشط جماعات مسلحة في دلتا النيجر الغنية بالنفط التي باتت واحدة من أكثر الأماكن تلوثًا على وجه الأرض. وخرجت هذه الجماعات من رحم الميليشيات التي تشكلت في التسعينيات للضغط على الحكومة لمعالجة أزمة التلوث والفقر المستشري بسبب الدمار الذي لحق بالأراضي الزراعية جراء عمليات استخراج الوقود الأحفوري.
ورغم أن العمال الأجانب يقعون ضحايا لعمليات الاختطاف في المناطق الغنية بالنفط، إلا أن يجرى خطف مسؤولين حكوميين و أطفال ينحدرون من عائلات ثرية.
ماذا يريد الخاطفون؟
ويقول مراقبون إن اليأس الاقتصادي والعوز وراء الكثير من عمليات الاختطاف التي لم تعد فقط وسيلة لجمع المال وإنما أيضا طريقة للحصول على الطعام والوقود والدراجات النارية التي أضحت بمثابة "أداة اقتصادية سهلة يستخدمها العديد من الشباب العاطلين عن العمل في شمال البلاد.
وقال تقرير شركة الاستشارات الأمنية "اس بي أم انتليجنس" إن الدراجات النارية "وسيلة سهلة الاستخدام في شن الهجمات الإرهابية".
وأضاف التقرير أن بعض عمليات الاختطاف ذات دوافع سياسية خاصة التي يرتكبها مسلحو "بوكو حرام" للتأكيد على قوتهم في مواجهة الحكومة، لكن الحركة تستهدف أيضا الفتيات والطالبات لإجبارهن على عدم الذهاب إلى المدارس والجامعات في أكبر دولة أفريقية من حيث تعداد السكان.
الجدير بالذكر أن جماعة "بوكو حرام" تعني بلهجة قبائل الهوسا "التعليم الغربي حرام" وتأسست في عام 2002، لكنها سرعان ما برزت على الساحة بتورطها في استهداف مؤسسات أمنية في البلاد.
الضحايا؟
ويقول مراقبون إن عمليات الخطف الجماعية في نيجيريا تستهدف الفتات الضعيفة والهشة خاصة النساء اللاتي يخرجن لجمع الحطب أو أطفال المدارس أو سكان القرى النائية الواقعة بعيدا عن مناطق تمركز قوات الشرطة والجيش.
وتضم قائمة ضحايا عمليات الخطف أيضا أبناء طبقة النخبة السياسية أو المسؤولين الحاليين أو السابقين أو العائلات الثرية في نيجيريا بالإضافة إلى القساوسة الكاثوليك الذين باتوا هدفا سهلا إذ جرى خطف 21 كاهنا ما بين يوليو / تموز عام 2022 و يونيو / تموز عام 2023. وتقول تقارير محلية إن المال الهدف الرئيسي وراء خطف القساوسة بسبب موارد الكنيسة الكاثوليكية المالية.
وتسلط جرائم الاختطاف الضوء على التحدي الأمني الهائل الذي يواجهه الرئيس بولا أحمد تينوبو الذي تعهد منذ وصوله إلى السلطة عام 2023 بالقضاء على ظاهرة انعدام الأمن بسبب الجماعات المتطرفة وعصابات قطاعي الطرق.
أعده للعربية: محمد فرحان