أفريقيا تتسلح.. ثمن باهظ تدفعه دول القارة في التصدي للإرهاب!
١١ سبتمبر ٢٠٢٢قلق الحكومة في نيجيريا على أمن البلاد دفعها للذهاب بجولة للتسوق في الصين. فوصلت حمولة جديدة من دبابات قتال رئيسية إلى ميناء لاغوس قبل بضعة أسابيع. وفي ربيع العام الجاري، أدخلت الحكومة 15 مركبة عسكرية صينية إلى الخدمة لتحديث القوات المسلحة النيجيرية. نيجيريا أنفقت على التسلح في عام 2021 أكثر من أي دولة أخرى في أفريقيا جنوب الصحراء.
وعلى هذا الأساس سجل معهد ستوكهولم لأبحاث السلام "سيبري" (SIPRI) ارتفاعا في إنفاق نيجيريا العسكري بلغ 4.5 مليار دولار أمريكي في عام 2021، وهو ما يزيد بنسبة 56 بالمائة عن العام السابق له.
ووفق مؤشر قوة النار العالمية (GFP) - وهو موقع أمريكي ينشر تصنيفا سنويا للقوات المسلحة في العالم - فإن الحكومة في أبوجا تنفق المزيد من الأموال على التسلح هذا العام. ويراقب مؤشر قوة النار العالمية 142 دولة آخذا في الاعتبار أكثر من 50 معيارا، بما في ذلك الميزانية العسكرية.
ووفقا لمعطيات المؤشر تستثمر نيجيريا ما يعادل 5.9 مليار دولار أمريكي إضافية في قواتها المسلحة في عام 2022، ما يضعها متقدمة على جنوب أفريقيا، التي احتلت المرتبة الثانية بـ 2.9 مليار دولار، وكينيا بأقل من 1.2 مليار دولار.
ارتفاع الانفاق العسكري في أفريقيا
على الرغم من الركود الاقتصادي الناجم عن جائحة فيروس كورونا، زادت دول أفريقية من إنفاقها العسكري خلال العام الماضي ، كما يقول دارين أوليفييه، مدير "African Defence Review"، وهي وسيلة إعلامية مستقلة تركز على النزاعات والدفاع في إفريقيا.
وبحسب تقرير معهد "سيبري" (SIPRI) الصادر في نيسان/ أبريل الماضي، ارتفع الإنفاق في جميع أنحاء أفريقيا بنسبة 1.2 بالمئة في عام 2021 مقارنة بعام 2020. ما يعني أن البلدان الأفريقية أنفقت 39.7 مليار دولار أمريكي على المعدات العسكرية. نصف هذا المبلغ تقريبا، حوالي 20.1 مليار دولار أمريكي، يعود إلى بلدان جنوب الصحراء، وعلى رأسها نيجيريا.
لكن هذه الأرقام لا تملك سوى أهمية محدودة، عندما يتعلق الأمر بالميزانيات العسكرية. "يجب دائما مقارنة الأرقام بحجم الاقتصاد"، تقول جودي سميث هون، مديرة مجموعة "توتوا " الاستشارية في جنوب أفريقيا. فوفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام "سيبري"، أنفقت دولة بوتسوانا الصغيرة 2.9 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع في عام 2021. وفي جنوب أفريقيا، بحسب ميزانية الدفاع الحالية للعام 22/23، فإن حجم الإنفاق يبلغ 0.7 في المائة فقط ، بحسب دارين أوليفييه من "African Defense Review".
وعالميا، قدر معهد "SIPRI" المتوسط العالمي للإنفاق العسكري لعام 2021 بنسبة 2.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبالنسبة لنيجيريا خصصت ما نسبته 1.02 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2021 للدفاع. وفي عام 2022 بلغت النسبة 0.6 في المئة فقط. ويقول أوليفييه: "هذا قليل جدا"، بسبب التحديات التي تواجه البلاد. فالدولة معرضة للأزمات الأمنية بسبب أراضيها الشاسعة، التي بالكاد يمكن وضعها تحت مراقبة كاملة، بجانب حدودها الطويلة التي يصعب السيطرة عليها.
تكلفة الحماية من الإرهاب
بشكل متكرر تندلع الاضطرابات وأعمال العنف بسبب الهجمات التي تشنها جماعة بوكو حرام الإرهابية الإسلاموية التي تقاتل من أجل إقامة دولة إسلامية في شمال شرق نيجيريا منذ عام 2009. وقبل بضعة أيام، دعا علي ندومي، رئيس لجنة الجيش في مجلس الشيوخ النيجيري، إلى إعلان حالة الطوارئ. وقال إن الجيش النيجيري يعاني من نقص التمويل والموظفين لمكافحة انعدام الأمن المتزايد في نيجيريا.
شرق أفريقيا أيضا!
حتى في شرق أفريقيا تلعب الهجمات الإرهابية دورا في تهديد الأمن، فمثلا العلاقة المتوترة بين كينيا والصومال، دفعت كينيا، التي تحتل حاليا المرتبة 81 في مؤشر قوة النار العالمية (GFP)، إلى إعادة هيكلة قواتها المسلحة على مدى العقدين الماضيين.
وبحسب أوليفييه، كان على الكينيين أن يكونوا أكثر فعالية وتقدما في العمليات الخاصة، وهذا مكلف دائما. أحد أسباب إعادة التسلح والهيكلة هو ميليشيا الشباب الإرهابية في الصومال المجاور، كما أن كينيا جزء من مهمة عسكرية أفريقية في الصومال منذ عام 2011 ولديها قوات متمركزة في منطقة جوبالاند الحدودية.
رواتب مرتفعة للعساكر في جنوب أفريقيا
في جنوب أفريقيا يستلم الجنود رواتب مرتفعة مقارنة بدول أفريقية أخرى. جنوب أفريقيا تحتل المرتبة 26 في مؤشر GFP على مستوى العالم، وفيها ارتفاع نسبي في تكلفة العمل، وينعكس ذلك على الرواتب، ويقول أوليفييه: "هذا يعني أن الجندي العادي يكلف مرتين أو ثلاث مرات أكثر من نظيره في نيجيريا. وهذا يعادل خمسة أضعاف ما هو عليه في العديد من البلدان الأخرى في القارة".
ويضيف أوليفييه، أن البلد الواقع في الطرف الجنوبي من القارة لديه مجموعة صغيرة ولكنها واسعة من الأسلحة التقليدية عالية التقنية، رغم ذلك فإنه يملك مجالا جويا واسعا وحدودا برية وبحرية بطول آلاف الكيلومترات. وهذا يتطلب استخدام مجموعة واسعة من أنظمة التكنولوجيا الفائقة.
إلا أن جودي سميث هون، مديرة مجموعة "توتوا " الاستشارية في جنوب إفريقيا، ترى أن المهمة التي يضطلع بها جيش جنوب أفريقيا في عمليات السلام الدولية هي مهمة محورية جدا، وتقول : "لقد لعبت جنوب أفريقيا دورا رئيسيا في موزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية، المجاورتين لسنوات، وهي واحدة من البلدان التي توفر وحدات أكبر من القوات لبعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام".
ورغم ذلك ترى سميث هون، أن ميزانية البلد العسكرية صغيرة نسبيا. وتشرح بالقول: "هذا العام، جرى تخفيض الميزانية العسكرية إلى نسبة 14 في المئة". وهو ما دفع وزارة الدفاع إلى الشكوى من نقص الأموال اللازمة لإنجاز المهام العسكرية. لكنها تؤكد على أن العمليات الدفاعية تشكل مجالا واحدا فقط. إذ تتم مراقبة المياه الإقليمية والحدود البرية وكذلك الهجرة غير الشرعية.
مارتينا شكيفوفسكي/ ع.خ