صناع السينما الألمانية يقدمون صورة جديدة عن تاريخ بلادهم
١٩ مايو ٢٠٠٩مع نهاية الحرب العالمية الثانية وجد صنّاع السينما الألمانية أنفسهم في مرحلة "البداية من الصفر". وفي الوقت الذي كان استكشاف الحياة هو أحد تقاليد السينما في ألمانيا، بدأ صناع السينما دخول مرحلة جديدة في صناعة الأفلام، إذ قاموا بتسليط الضوء على الحياة المظلمة في ظل النظام الشيوعي في ألمانيا الشرقية والاضطرابات التي حدثت في البلاد إثر انهياره. وباتت هذه الأحداث حقلاً خصباً للمخرجين والمؤلفين، فقد ساهمت العديد من الأفلام التي تروي قصصاً عن الشيوعية وانهيارها في فتح مجالاً جديداً وواسع أمام السينما الألمانية.
وبالرغم من الدور الكبير الذي لعبته سلسلة الأفلام، التي تم إنتاجها عقب الحقبة النازية وتناولت تأثير الحرب على البلاد وجسدت فظائع الحقبة النازية، في تاريخ صناعة الأفلام في ألمانيا، إلا أن السينما الألمانية تميزت مؤخراً بظهور جيل جديد من صنّاع السينما يسعى للتحكم في تاريخ بلاده من خلال تصوير بعض اللحظات المظلمة في تاريخ ألمانيا بجدية بالغة وبعيدة عن العاطفة. ومن أهم هذه الأفلام هو فيلم "حياة الآخرين" للمخرج فلوريان هينكل فون دونيرسمارك، والذي حاز على نحو 32 جائزة ألمانية وعالمية، من ضمنها جائزة الأوسكار لعام 2007 لأفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية.
ارتباط وثيق بالواقع
ويعد فيلم " حياة الآخرين" مثالاً واضحاً على هذه النوعية من الأفلام، إذ نجح المخرج الشاب فلوريان هينكل فون دونرسمارك في إيصال مضمون الفيلم الذي يختلف كليا عن الأفلام الألمانية التي سبقته في علاج حقبة النظام الشيوعي الشمولي في الشطر الرقي من ألمانيا. إذ ركز على جانب جديد من الحياة هناك، وهو الكشف عن تأثير الرقابة البوليسية على الحياة الاجتماعية الخاصة بالمواطنين، وانتهاكها لأبسط حقوق المواطنة.
وإلى جانب فيلم "حياة الآخرين" أُنتج كذلك فيلم "وداعاً لينين" الكوميدي التراجيدي للمخرج فولفغانغ بيكر، والذي تم إنتاجه عام 2003. وتدور أحداث الفيلم حول شاب من الشطر الشرقي، يقوم بمحاولات متواصلة من أجل حماية والدته المريضة من صدمة انتهاء الشيوعية. أما اللحظات الأخيرة من انهيار النظام النازي فقد تناولها المخرج أوليفر هيرشبيغل في فيلمه "السقوط"، الذي يروي قصة سقوط الزعيم النازي في حالة من الجنون خلال الأيام الأخيرة من حصاره في برلين.
ولعل هذا الارتباط الوثيق لقصص الأفلام الألمانية الحالية بواقع الحياة في شطري ألمانيا المقسمة هو سر النجاح الذي حظي به صناع السينما مؤخراً، فهذه الأفلام تروي حكايات ذات علاقة وطيدة بالتطورات السياسية والاجتماعية سواء بحقبة تاريخية أو بقصص تظهر واقع الحياة في ألمانيا، كما ترى مارتينا جديك بطلة فيلم حياة الآخرين. وتضيف جديك قائلة: "إنها قصص واقعية لم ترو من قبل، ولذا فإنها مشوقة ومختلفة وغالباً ما تجعل الأمريكيين مشدوهين في دور السينما".
بين العثرات والنجاحات
لكن صناعة السينما بلغت أصعب مراحلها في ستينات القرن الماضي، حين وجدت نفسها أمام نقطة البداية من جديد. وكان سبب ذلك تراجع عدد الأشخاص، الذين يقبلون على دور السينما، بسبب أشكال الرفاهية التي قدمها ازدهار ألمانيا الاقتصادي في تلك الفترة كبديل عن السينما. وعلى الرغم من هذه العقبات التي مرت بها السينما الألمانية في تلك الفترة، إلا أن هناك الكثير من الأفلام الألمانية التي أنتجت في سبعينيات القرن الماضي حظيت بتلقي دولي كبير، منها فيلم" الخوف يأكل الروح" للمخرج راينر فيرنر هرتسوج الذي أنتج عام 1974، وفيلم " الطبل الصفيح" للمخرج فولكر شلوندورف، والذي نال أول جائزة أوسكار في ألمانيا عام 1980.
(ن.ص/ د ب أ)
تحرير: عماد م. غانم