صناديق خاصة تمهد لتطوير آليات مبتكرة لتمويل الدراسة في ألمانيا
٢١ ديسمبر ٢٠٠٧بات على طلبة الجامعات في ألمانيا دفع رسوم تتفاوت قيمتها من جامعة إلى أخرى، فسبعة من أصل ستة عشرة جامعة ألمانية باتت تشترط رسوما دراسية، والشيء نفسه يسري على عدد من المدارس العليا المتخصصة. هذا التحول يعد الأكبر من نوعه في حقل التعليم العالي الألماني منذ فتح أبواب الدراسة الجامعية على مصراعيها قبل ثلاثة عقود. غير أن المخاوف تزداد في الآونة الأخيرة من أن يؤدي هذه العبء المادي إلى عدم تكملة عدد كبير من الطلبة ذوي الدخل الضعيف لدراساتهم العليا.
محاولة لتخفيف أعباء الرسوم الجامعية
وفي محاولة لتخفيف أعباء الرسوم الجامعية على الطلبة الألمان أطلقت خمسة مدارس عليا في ولاية شمال الراين وويستفاليا مبادرة تهدف إلى تسهيل التمويل الدراسي للطلاب الألمان والأجانب على حد سواء.
فعلى سبيل المثال تمول الأسرة تكاليف دراسة الطالبة الصينية لين كسي، التي تبلغ خمسة وعشرين عاما، وتنحدر من منطقة "كسيامين". الطالبة لين كسي جاءت إلى ألمانيا بهدف دراسة تخصص "الإعلام الاقتصادي" في مدينة بادابورن الواقعة في ولاية شمال الراين وويستفاليا. لكن تمويل دراستها من قبل أسرتها لا يكفي لتغطية كل التكاليف الدراسية والمعيشية. إلا أن الحظ ابتسم لها حينما اختيرت ضمن الفائزين الصيف الماضي بمنحة دراسية ألمانية يمنحها صندوق OWL وهى مؤسسة جديدة تدمج عدة مؤسسات مشتركة داخل ولاية شمال الراين وويستفاليا.
وتصف الطالبة لين كسي الوضع الجديد قائلة: "أتلقى منحتي الدراسية من صندوق OWL، لذالك يمكنني استثمار المزيد من الوقت في الدراسة، ولولا هذه المنحة لاضطررت إلى البحث عن عمل خلال العطلة الجامعية".
OWL صندوق لتقديم المنح الدراسية يقوم على فكرة جديدة شاركت في بلورتها خمس مدارس عليا من ولاية شمال الراين وويستفاليا تأخذ على عاتقها تسهيل التمويل الدراسي، خصوصا بعد أن أصبحت الرسوم الجامعية إجبارية على كل الطلبة. ويحصل المستفيدون من خدمات هذا الصندوق على منحة قدرها خمسمائة يورو على رأس كل موسم دراسي من ستة أشهر، ويتوقف تمديد المنحة على النتائج الدراسية. وهناك الآن حوالي مائة من الطلاب الألمان والأجانب، الذين يستفيدون من خدمات هذا الصندوق.
وفي الإطار نفسه تعبر لين كسي عن فرحتها بفوزها بهذه المنحة:"إنها فكرة رائعة لنا نحن الطلاب الأجانب، لأن فرصة الحصول على منحة ألمانية نادرة وصعبة بالنسبة لنا، عكس ما هو عليه وضع الطلاب الألمان"
تطوير آليات مبتكرة لتمويل الدراسة
OWL لا يعد صندوقا ماليا عادياً بل نظاما شاملا لتقديم منح وامتيازات عديدة، فبعكس أنظمة التمويل الكلاسيكية، لا يتعين على الطالب إرجاع قيمة المنح التي استفاد منها إلى الصندوق، لأن الأخير يمول من طرف شركات الولاية. ويملك الصندوق احتياطا قدره 350 ألف يورو. ومن الشركات التي تساهم فيه شركة unity المتخصصة في تقديم الاستشارة إلى الشركات الكبرى في مدينة بادابورن.
كما شاركت هذه الشركة بمبلغ 15 ألف يورو في صندوق منح موزعة على ثلاث سنوات، علاوة على أنها تؤطر لتدريب الطلاب المعنيين وهي وسيلة لاستمالتهم للعمل في الشركة لاحقا كما يوضح ذلك عضو مجلس إدارتها السيد توماس فيندر خلال لقائه مع دويتشه فيله قائلا:"نلاحظ أن عدد المهندسات والمهندسين ذوي التكوين العالي يتضاءل باطراد، وبالتالي تزداد حدة المنافسة لاستمالتهم ، وعلينا فرض نفسنا بشكل جيد في حلبة المنافسة هذه".
انخراط الفاعلين الاقتصاديين غير الحكوميين في تمويل الدراسة الجامعية لا يزال في مراحله الأولى في ألمانيا، ففي ربيع 2005، بعد فرض الرسوم الجامعية الإجبارية، أشاد اتحاد الصناعات الألمانية بالنظام الأنجلوسكسوني، حيث أن سبعين بالمائة من خريجي جامعة هارفارد الأمريكية، على سبيل المثال لا الحصر، يستفيدون من هذا النوع من المنح، وهو نموذج يمكن أن تقتدي به ألمانيا لتطوير آليات مبتكرة لتمويل الدراسة الجامعية.