سياسة مكافحة الإرهاب تثير موجة جديدة من الجدل على الساحة الألمانية
١٩ أبريل ٢٠٠٧في إطار تشديد الإجراءات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والجريمة أقرت الحكومة الألمانية يوم أمس الأربعاء(18 ابريل/نيسان) مشروع قانون تقدمت به وزيرة العدل بريجيتا تسيبرس يهدف الى تحسين سبل تعقب المجرمين. ويسمح مشروع القانون الجديد بتخزين الاتصالات الهاتفية وبيانات الاتصال عبر شبكة الانترنت لمدة ستة أشهر للاستفادة منها في حال الاشتباه بالتورط في عمليات غير مشروعة، الا انه لا يسمح بتخزين محتوى هذه الاتصالات. وتأمل الحكومة من خلال القانون الجديد تنظيم عملية مراقبة الهواتف بشكل يتماشى مع توصيات المحكمة الدستورية بحماية ومراعاة الحياة الشخصية للإفراد أثناء التنصت على الاتصالات الهاتفية. ووفقا لمشروع القانون الجديد فإن السلطات ستتمكن في المستقبل من تحديد الأشخاص الذين تبادلوا أحاديث هاتفية وتوقيت هذه الاتصالات، كما سيتم تحديد موقع المكالمات التي تتم عبر الهواتف المحمولة لمساعدة السلطات في تعقب المشبه في تورطهم في أعمال منافية للقانون.
"قاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته لا تصلح في مكافحة الإرهاب"
وأثار وزير الداخلية فولفجانج شويبله موجة جديدة من الجدل حينما رفض مبدأ "حسن الظن" على حساب ردع مخاطر الإرهاب، وذلك حينما قال إن "الافتراض في براءة الشخص" التي ينص عليها القانون لا تصلح في مكافحة مخاطر الإرهاب، الأمر الذي بدا وكأنها رغبة منه في تعطيل العمل بالقاعدة القانونية المعروفة التي تقول إن "المتهم بريء حتى تثبت إدانته". وتساءل شويبله في مقابلة مع مجلة (شتيرن) الألمانية قائلا هل من الأفضل ان اترك عشرة تفجيرات تحدث بدلا من ان أحاول منع شخص ما قد لا يكون لديه نوايا تفجيرية؟ وأجاب السياسي في الحزب المسيحي الديمقراطي على هذا التساؤل بالقول بأن هذا الامر من وجهة نظره خطأ. ورغم ان الوزير الألماني شدد على الرفض الكامل لعمليات التعذيب، الا انه أشار الى ضرورة استغلال معلومات المخابرات الأجنبية حول أي عمليات إرهابية كبرى محتملة، معتبرا أن تبرير عدم استخدام مثل هذه المعلومات بدعوى تعرض المشتبه فيهم والمتهمين هناك أثناء التحقيقات لطرق غير قانونية للحصول على الاعترافات أمر غير منطقي، مؤكدا على ان مسئولية أمن المواطن تحظى هنا بالأولوية، حسب تعبيره.
ردود فعل حادة على مساعي وزير الداخلية الألمانية
هذا وتثير مساعي وزير الداخلية الألمانية الى تشديد الإجراءات الأمنية من خلال استصدار تشريعات قانونية تعزز من قبضة السلطات الأمنية بغرض مكافحة الإرهاب جدلا كبيرا في الساحة الألمانية على مختلف المستويات. كما أثارت تصريحاته الأخيرة المتعلقة برفضه "مبدأ حسن الظن" موجه من النقد داخل الائتلاف الحاكم ومن قبل المعارضة. في هذا السياق رفض وزير داخلية ولاية شيلسفيغ ـ هولشتاين رالف شتينجر إلغاء قاعدة "افتراض البراءة" بحجة مكافحة الإرهاب. واعتبر السياسي في الحزب الديمقراطي الاشتراكي، الشريك في الائتلاف الحاكم، اقتراح شويبله "غير قابل للنقاش على الإطلاق"، مطالبا وزير الداخلية الاتحادي عدم تجاوز أرضية الدستور في سياساته الأمنية. من جانبه كرر ديتر فيفيلشبوتز مختص الشئون الداخلية في الحزب الإشتراكي الديمقراطي انتقاداته لخطط وزير الداخلية الاتحادي، واصفاً إياها بـ "المستفزة" ومطالبا شويبله بعدم عدم جعل النقاش حول مخاطر الارهاب يتحول الى "هستيريا".
وفي نفس السياق وجه خبير الشئون الداخلية في الحزب الإشتراكي الديمقراطي، كلاوس اوفا بينيتر، نقدا لاذعا لوزير الداخلية الاتحادي. وقال في مقابلة مع صحيفة (لايبتزيجر فولكستسايتونج) ان الوزير الذي "يشيع الهستيريا يصبح هو نفسه خطرا على الأمن". واتهم الخبير الألماني شويبله بالسعي الى الضغط من خلال التخويف لتمرير "تصوراته المتزمتة والفوبيا الأمنية التي تعتريه". أما رئيسة حزب الخضر المعارض، كلاوديا روث، فأعتبرت ان شويبله يتجاوز الدستور الالماني في دعوته الى تعطيل قاعدة "حسن الظن في المتهمين".
وحذر خبير الشئون الداخلية في "حزب الليبراليين" المعارض ماكس شتادلر، من أن يكون درء المخاطر من خلال التعدي على الحقوق الأساسية للمواطنين، مشير الى انه على العكس من ذلك "في دولة القانون يجب ان تكون هناك دائما تهما واضحة قبل اتخاذ أي إجراءات ضد أي مواطن" وهذا ينطبق أيضا في مكافحة الإرهاب، حسب تعبير الخبير الألماني. من ناحيتها قالت زابينا لويتهويسر ـ شنارينبيرجر من الحزب الليبرالي، وزيرة عدل سابقا، "حتى لو كان الامر يتعلق بدرء خطر ما، فإنني لا أستطيع ان أضع الجميع بما في ذلك الأبرياء تماما، موضع تهمه بشكل جماعي". وحذرت الوزيرة السابقة في مقابلة مع صحيفة (تاجيس تسايتونج) من المزيد من تشديد التشريعات الأمنية.