قوانين مكافحة الإرهاب الألمانية تحت المجهر
عقب الهجمات الإرهابية التي تعرّضت إليها الولايات المتحدة في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001، أصدرت الحكومة الألمانية العديد من القوانين الوقائية التي منحت أجهزة الشرطة والاستخبارات مزيداً من الصلاحيات في إطار مكافحة الإرهاب. غير أن بعض هذه القوانين طالت الحريات الشخصية حسب رأي المنتقدين لها وهم كثر في ألمانيا.
حصيلة إيجابية
من جهته قدّم وزير الداخلية الألمانية أوتو شيلي في الحادي عشر من مايو/ أيار الحالي تقريراً وصفه بالإيجابي فيما يتعلّق بمكافحة الإرهاب. ويعتزم الوزير قريباً تقديم مشاريع قوانين جديدة بهدف تشديد إجراءات مكافحة الإرهاب. ومما يعنيه ذلك إعطاء أجهزة الأمن المزيد من الصلاحيات في رقابة المشتبه بهم. وقال شيلي إن الصلاحيات التي تتمتّع بها أجهزة الأمن لا تُشكّل أي خرق لحريات المواطنين وإنها ستبقى سارية المفعول لفترة طويلة من الزمن، الأمر الذي يعارضه عدد كبير من السياسيين بمن فيهم الذين ينتمون لمعسكر الحكومة.
وشدّد الوزير على أن القوانين الأمنية أثبتت جدواها وأنه ليس هناك ما يدعو إلى القلق أو ما يُثير المخاوف من تحوّل ألمانيا إلى بلد بوليسي. وفي الوقت ذاته أثنى شيلي وهو الذي ينتمي إلى الحزب الديمقراطي الاشتراكي على حُماة الدستور الألماني وأجهزة الأمن وقال إنها استخدمت صلاحياتها بحذر وعلى أكمل وجه.
توسيع سلطات أجهزة الأمن
برر الوزير رغبته بتوسيع صلاحيات أجهزة الأمن إلى نجاحها في إحباط العديد من المخططات الإرهابية بعد الكشف عنها. وضرب مثلاً على ذلك بـ " الكشف عن شبكة تمويل أنشطة حركة حماس الإرهابية في أوروبا. وعلى هذا الأساس تم في الخامس من أغسطس/آب من عام 2002 إصدار قرار بحظر جمعية الأقصى لجمع التبرعات للحركة المذكورة لأنها كانت تنتمي إلى هذه الشبكة ".
جديرٌ بالذكر أن القوانين الأمنية التي صدرت قبل ثلاث سنوات تسمح لأجهزة الاستخبارات بالحصول على معلومات عن الزبائن من شركات الاتصالات والخطوط الجوية والبنوك. ولو كان الأمر بيد وزير الداخلية الألماني، لعمل على منح الأجهزة المعنية مزيداً من الصلاحيات لاتّخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة في إطار مكافحة الإرهاب.
لا ضرورة لمزيد من الصلاحيات
وفي محاولة لإقناع المعارضين بضرورة منح هذه الصلاحيات شدّد شيلي على أن الأجهزة الأمنية غير معنية بمراقبة البيانات الخاصة لأي كان، بل هي تُركّز على مراقبة المشتبه بانتمائهم لمنظمات إرهابية فقط. وأضاف السياسي الألماني أن من يزعم بأن الصلاحيات الجديدة تنتهك الحريات الشخصية للناس، يقصُد تضليل الرأي العام.
غير أن اقتراحات شيلي لا تجد التأييد سوى من قبل الحزبين المعارضين الرئيسيين، الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاجتماعي المسيحي. ويقف في مقدمة الرافضين لها حزب الخضر الذي يشكل التحالف الحاكم مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي ينتمي إليه الوزير نفسه. فقد صرح رئيس الخضر راينهارد بوتيكوفر أن حزبه ناقش معارضته للأمر مع النواب الاشتراكيين في البرلمان وقد أيدوا موقفه. وعليه يجب على الوزير الالتزام برغبة كتلة حزبه وليس العكس." ويرفض الليبراليون كذلك الاقتراحات المذكورة أعلاه حسب رئيس كتلتهم في البرلمان فولفغانغ كيرهارد الذي قال: " هناك تجاوزات على الحريات الشخصية سبق وضعها بسبب متطلبات الأمن. غير أننا لا نريدها بشكل دائم سواء ما يتعلق منها بمراقبة الحسابات البنكية أو الحصول على معلومات من شركات الطيران والاتصال."