حرب سوريا..مواقع التواصل ساحات أخرى لمعارك شرسة
١٦ فبراير ٢٠١٦كلما ازداد الصراع في سوريا وقتا وتعقيدا كلما ازدادت حدة الحروب الموازية له في العالم الافتراضي أيضا. هذه الأخيرة تتخذ أبعادا سياسية وطائفية لا تقل شراسة وتطرفا عن مواقف الأطراف المتصارعة على الأرض. فبين معلق يدعم نظام بشار الأسد ومعه روسيا التي تدعمه ومعلق آخر ضد الأسد ويساند إردوغان، تقوم حروب كسر عظام تصل في أحيان كثيرة إلى السب والشتم والتكفير، إذ لا تلبث التعليقات حول المواقف السياسية المتناقضة لمختلف الجهات المتصارعة أن تتحول إلى تعليقات تحمل الكراهية والتحريض بين الشيعة والسنة والعلويين وغيرهم.
لغة قريبة من الشباب
فئة صغيرة فقط من الصور على مواقع التواصل الاجتماعي تركز على معاناة السوريين جراء استمرار القصف والمعارك وحصار بعض المناطق. معظم الصور التي تنتشر في هذا الإطار يتضمن مشاهد قاسية: جثث وأشلاء وأجسام حولها الجوع إلى ما يشبه الهياكل العظمية.
أما العدد الأكبر من التعليقات والصور والبوستات على تويتر بشكل خاص، فيركز على مهاجمة جهة من الجهات المتدخلة في النزاع السوري وبالمقابل تمجيد جهات أخرى، فتحولت هذه المواقع إلى منابر لنشر البروباغندا والتعبئة. طارق العجلة الخبير في الأمن الإلكتروني ومواقع التواصل الإجتماعي يقول إن هذه المواقع بالفعل أصبحت تستخدم من مختلف الجهات المتدخلة في الصراع السوري سواء النظام السوري أو الجماعات المتطرفة أو الدول الاخرى التي لها مصالح في سوريا. ويشرح طرق استخدام ذلك بالقول :"هناك برامج خاصة بهذا الغرض ومنها socialbots وهو يساعد على إطلاق عدد كبير من التعليقات حول حدث ما مع تحديد طبيعة هذه التعليقات، هل ينبغي أن تكون سلبية أم إيجابية وذلك طبعا حسب موقف الطرف الذي يطلق هذه التعليقات". ويضيف العجلة في مقابلة مع DW عربية أن الدول أو الجهات التي تتوفر على هذه البرامج تقوم بتكليف أفراد يطلقون هذه التعليقات بدلا من الكومبيوتر، ومع تداول هذه التعليقات تصبح منتشرة بشكل كبير خاصة أن طبيعة مواقع التواصل الاجتماعي تسهل ذلك.
حرب طائفية ـ تحريضية وتكفيرية
النقاش الأكبر على هذه المواقع عموما هو بالدرجة نقاش طائفي تحريضي يصل أحيانا حد التكفير والتهديد والشتم. جدالات تبدأ عادة من اختلاف المواقف السياسية للمعلقين وسرعان ما يتحول الأمر إلى ملاسنات وتعليقات تحمل نزعة الطائفية والكراهية وتبادل الاتهامات.
حساب تحت اسم "منشق عن حزب الله" نشر خبرا يقول فيه إن حزب الله "يصدر تعميما على المساجد المحتلة للسنة في منطقة القلمون بوجوب رفع الآذان الشيعي في المساجد السنية"، وطبعا في الغالب يكون من الصعب التأكد من صحة ومصداقية مثل هذه االأخبار، لكن مفعولها يكون كبيرا.
وعن انتشار خطاب الطائفية والكراهية في هذه المواقع يقول العجلة إن هذا من سمات التقدم الإنساني فالفضاءالإلكتروني كله بشكل عام مليء بالكراهية و "الخطاب العام مليئ بالكراهية وليس فقط هذه المواقع. حتى في التلفزيون نجد نفس الكلام وعلى وسائط أخرى أيض. انا شخصيا تصلني رسائل على واتساب فيها سب وشتم لطوائف أخرى وهي رسائل من أشخاص لديهم مستوى تعليمي معقول"، يقول الخبير الإلكتروني ويضيف الخبير "أن الأنظمة تستخدم أيضا هذا التحريض الطائفي لتحقيق المزيد من التعبثة وحشد المواقف وتستفيد في ذلك من انتشار الجهل والمشاكل الاجتماعية في بلداننا".
ودخل على الخط أيضا عدد من الفنانين والشخصيات المعروفة، منها الممثل السوري ياسر العظمة، فقد نُشر تعليقٌ على حساب منسوب إليه في تويتر يقول: "كل جيوش العالم تدافع عن حدود الوطن إلا في سوريا فالجيش يدافع عن الكرسي. يحرق البلد ويقتل الشعب. المهم أن تبقى العصابة في الواجهة".
فريسة سهلة للدعاية
حتى مناسبة كعيد الحب الذي يصادف 14 فبراير، يتخذ أيضا كمناسبة لنشر صور ساخرة حول الازمة في سوريا، فقد أعاد مشترك في تويتر نشر صورة تعود لسنة 2013 يحمل فيها متظاهر لافتة تقول "بمناسبة عيد الحب، لا نحبك".
وعن مدى مساهمة هذه المعارك الافتراضية الطائفية في تعزيز الصراع الذي يدور على الأرض يقول العجلة إنها بالفعل تساهم في ذلك بشكل كبير. ويضيف الخبير الإلكتروني أن هذه المواقع لديها سلطة من جهة لأنها أصبحت تقوم مقام الإعلام التقليدي في توصيل المعلومة "لكنها معلومة في الغالب تكون من إنتاج أشخاص عاديين وليس إعلاميين، وهؤلاء الأشخاص يُحَملون هذه المعلومات ما يريدون من شحنات طائفية أو غيرها. ومن جهة أخرى بمجرد أن تنشر معلومة على هذه المواقع لا يمكن أن تسحب أو تراجع أو تصحح فهي تنتشر بسرعة وما إن يراها المتصفح حتى تعلق بذهنه، ويكوِن انطباعه ولا يعود للتأكد من دقة هذه المعلومة"، وهذا ما يسهل باعتقاد الخبير التعبئة وحشد الناس على هذه المواقع، "هذا أمر سهل التحقيق خاصة مع انتشار ثقافة القطيع. فكلما ازداد عدد من يتبنون موقفا ما كلما زاد أتباعهم".