سوريا: مستقبل مجهول بعد قرار مجلس الأمن
٣ أكتوبر ٢٠١٣
بعد مرور سنتين ونصف السنة على اندلاع الانتفاضة في سوريا صادق مجلس الأمن الدولي على قرار بشأن سوريا بعد وصول الروس والأمريكيين إلى توافق. ويبقى السؤال قائما حول تبعات هذا الاتفاق وتأثيره على مسار الانتفاضة في سوريا. ذلك أن قرار مجلس الأمن الخاص بسوريا - ووفقا لبعض المراقبين للشأن السوري – قد ترك عددا من الأسئلة الملحة بدون أي أجوبة.
وزير الخارجية السوري وليد المعلم ألمح مطلع هذا الأسبوع في الكلمة التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى حل سياسي للأزمة السورية. بيد أنه ربط ذلك بشروط، بقوله إن "إنهاء السياسة العدائية تجاه سوريا هو أول خطوة على طريق إيجاد حل في بلادي." ولكنه استطرد في إشارة إلى الدول الداعمة للمتمردين قائلا: "نظرا للدعم المتواصل للإرهاب سواء أكان ذلك من خلال توفير الأسلحة أو الدعم المالي أو التدريب، فإن كل حل سياسي ليس إلا مجرد وهم."
وسرعان ما جاء رد الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الذي رفض استخدام عبارة "الإرهاب" من قبل المعلم. واتهم نظام الأسد بالقمع العنيف للمظاهرات التي كانت سلمية في البداية. وأوضح في بيان له أن النظام هو من "فتح الباب أمام المتطرفين من شتى أنحاء العالم لكي يحاربوا القوى المعتدلة في سوريا." وشدد الائتلاف على أن نظام الأسد يسعى إلى تحقيق هدف محدد تحدث عنه أيضا وزير خارجيته وليد المعلم في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، إذ قال: "المعلم حاول وصف كل معارض على أنه إرهابي متطرف من خلال تصوير بعض الوقائع التي أدانتها المعارضة وبكل وضوح بطريقة تحريضية." وجدد الائتلاف تأكيده على أن "المتطرفين والإرهابيين لا يمثلون المعارضة السورية".
وتظهر هذه المواقف أن الائتلاف الوطني السوري قلق جدا من تواجد الجهاديين في سوريا، ذلك أن الحلفاء الغربيين للثوار السوريين مترددون في تزوديهم بالأسلحة خوفا من أن تقع في أيدي المتطرفين.
ووفقا لنديم شهادي، خبير في الشؤون السياسية في المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية، فإن ذلك يعكس تكتيك نظام الأسد في التعامل مع المعارضين في بلاده. ويوضح شهادي أن استراتيجية الأسد أصبحت معروفة، إذ "تم فتح السجون وإطلاق سراح المجرمين والشبيحة وبالتالي بث الفوضى، وبعدها يوهم الناس بأنه يكافحهم. وبهذه الطريقة يتم استرجاع الشعبية الضائعة." ويلفت إلى أن نظام الأسد قد قام لهذا السبب بإطلاق سراح الجهاديين من السجون. "النظام يقاتل معارضة صنعها هو بنفسه."
ولكن الجهاديين لم يأتوا من سوريا فقط وإنما من الخارج أيضا، على ما يقول صادق الموصلي، ممثل المجلس الوطني السوري المعارض في ألمانيا في حديث مع DW. ويشير إلى أن هؤلاء قد استغلوا ضعف المعارضة السورية بسبب انعدام الدعم الدولي لها. ويوضح أن المعارضة لم تحصل على إمدادات بالسلاح وبالتالي فقد عجزت عن الوقوف ضد قوات الأسد مثلما كانت تأمل. ويؤكد أن الجهاديين ليسوا إلا جزءا بسيطا من المعارضة، مشددا على أن الشعب السوري، وعقب انتهاء أعمال العنف في البلاد، سوف يكافح الجهاديين وإيديولوجيتهم.
لكن ليس فقط الإرهاب القضية الوحيدة التي تقف حجر عثرة أمام تقارب كلا الطرفين. ففي سياق متصل، يرى نديم شهادي أن قرار مجلس الأمن بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا قد صرف النظر عن المشاكل الكبيرة. ذلك أن المعارك لا زالت متواصلة في سوريا. ويرى أن هذا القرار قد أعطى نظام الأسد مزيدا من الوقت لمواصلة عملياته العسكرية ضد المعارضة، فقد "حصل نظام الأسد على ترخيص من المجتمع الدولي لقمع الانتفاضة في بلاده."
وهو رأي يشاطره فيه صادق الموصلي من المجلس الوطني السوري، الذي وإن اعتبر القرار خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح، إلاّ أنه "لا يخفف من معاناة الشعب السوري، فالقتل متواصل والمئات يموتون." وكذلك الجماعات الإرهابية تستغل الوقت لتحقيق أهدافها. كما أن القرار لا يؤثر على المعارك الدائرة في سوريا، الأمر الذي يستوجب أن تعقبه خطوات أخرى، على ما يرى فولكر بيرتس، مدير المعهد الالماني للدراسات الأمنية و الدولية في برلين، إذ "يتعين على (أعضاء مجلس الأمن الدولي) أن يقوموا بإعلام زبائنهم في سوريا أن الحل العسكري أصبح مستبعدا وأنه يتعين بدلا من ذلك العمل على تحقيق انتقال سياسي."