ذكرى سقوط جدار برلين.. لماذا يختلف نبض حياة الشرق والغرب؟
٨ نوفمبر ٢٠١٩الشرق يتدارك بقوة الركب الاقتصادي. وهذه هي نتيجة التقرير الأخير للحكومة الألمانية حول "وضع الوحدة الألمانية". وجاء في التقرير:"تتكامل ألمانيا الموحدة وتتوازن ظروف الحياة فيها سيرا على طريق التقدم إلى الأملم". لكن من الناحية السياسية والحسية يبدو أن الانقسام زاد في عمقه. وعلى هذا النحو يشعر حسب استطلاع للرأي 57 في المائة من الألمان الشرقيين أنهم مواطنون من الدرجة الثانية، ونحو نصف مجموعهم غير راض عن سير الديمقراطية. وتقييم إعادة الوحدة الألمانية بين الشرق والغرب يبقى مختلفا.
ويعتقد الطبيب النفسي الألماني الشرقي، هانس يواخيم ماتس أن الألمان الشرقيين لهم بسبب تجربة ألمانيا الديمقراطية علاقة متحفظة بشأن الدولة:" الناس في الشرق منتقدون للرأسمالية وللنخبة بصفة عامة ومنتقدون للإعلام ... ومن ثم فهناك حركة احتجاجية ضد هيمنة سياسة الغرب".
أما خبيرة علم النفس الاجتماعي الألمانية الغربية، بآته كوبير فتعتقد أنه بسبب الانفصال الطويل من خلال الجدار "ليس هناك بديهية بأن يتشابه الألمان الشرقيون والغربيون". والاختلافات ليس هي المشكلة، بل الانطباع بوجود "شعور جماعي بالغبن". ويرتبط الأمر "بشعور بالاعتراف والتثمين والتقييم الإيجابي والمشاركة والمساهمة في قيادة المجتمع".
حزب البديل من أجل ألمانيا يحقق النجاح لاسيما في الشرق
وربما يظهر الانقسام جليا في نتائج الانتخابات التي يحرزها حزب البديل من أجل ألمانيا. ففي الانتخابات البرلمانية المحلية في الغرب تصل نسبة الأصوات إلى 10 في المائة، فيما تصل في الشرق إلى نحو 25 في المائة، كما حصل مؤخرا في ولاية براندنبورغ وساكسونيا وتورينغن.
وفي الشرق تولى حزب البديل من أجل ألمانيا دور الحزب الاحتجاجي من حزب اليسار، خلف حزب الاشتراكي الألماني الموحد الذي حكم ألمانيا الديمقراطية سابقا للتعبير عن شعور الذين يحنون إلى الشرق. ويعتبر ماتس أنه من الخطأ الكبير تصنيف ناخبي حزب البديل من أجل ألمانيا كيمينيين. ويعتقد ماتس "أن تجريم حزب البديل وشتمه ستكون الوسيلة المؤثرة لتقويته".
الديمقراطية ليس لها نهاية
ويرد ساسة غربيون على النتائج الجيدة لحزب البديل من أجل ألمانيا في الشرق أحيانا بنوع من الاستعلاء. وعندما قال زعيم الخضر، روبيرت هابيك بداية العام في فيديو انتخابي:"نحاول فعل كل شيء لكي تكون تورينغن ولاية منفتحة وليبرالية وديمقراطية"، تفجرت في الشرق عاصفة من الغضب، لأن تصريحه جاء وكأن جميع تورينغن ليست ولاية ديمقراطية. ومدير أعمال الحزب الاشتراكي الديمقراطي المنحدر من تورينغن، كارستن شنايدر سأل عبر تويتر:" في أي سجن قضيت السنوات الأخيرة؟". وفي نقاش داخل البرلمان قال نائب حزب البديل، لايف إريك هولم الألمان الشرقيون لا يحتاجون إلى "دروس إضافية في الديمقراطية".
واعتبرت بآته كوبير أنه لا الغرب في عام 1945 أصبح "بضغط على الزر" ديمقراطيا ولا الشرق في 1989، لأن الديمقراطية يجب تطويرها:" وبالتالي كان من المنصف أن يقول هابيك: يجب علينا نشر الديمقراطية". وبالرغم من من ذلك "ليس عجبا أن نكون في الشرق بحاجة إلى استدراك أكبر مقارنة مع الغرب، فالشرق كان له في النهاية قليل من الوقت". ويفتقد ماتس لدى الألمان الغربيين حسا مميزا للتعامل مع تفكير وشعور الألمان الشرقيين.
المال ليس كل شيء
وزعيمة كتلة حزب الخضر، كاترين غورينغ إيكهارت تطالب لاسيما باستثمارات في البنية التحتية الجيدة كجواب على التحول إلى اليمين:"الناس في المناطق النائية لا يثقون في أي دولة نستهم حاليا". لكن بآته كوبير لا تعتقد أنه يمكن حل المشكلة بالمال فقط، لأن الشعور بالتمييز لا يمكن القضاء عليه ولا تجربة الناس الذين تسببت إعادة الوحدة في منعطف حاد في حياتهم الشخصية. وفي الوقت نفسه رفض الكثير من الألمان الشرقيين النظر إليهم "كضحايا الظروف"، لأنهم تحكموا في حياتهم وتجاوزوا التحول.
الاختلافات لا يحق أن تكون مشكلة
كريستيان هيرته، مندوب الحكومة لشؤون الشرق يستنتج حصيلة متباينة: "الوضع الاقتصادي والاجتماعي في الشرق أفضل بكثير مما كنا نتوقع قبل 30 عاما". وفي الوقت نفسه طرأ التعب على الناس في الشرق من التحول، وحذر هيرته: "لا يحق لنا إجهادهم". أما هانس يواخيم ماتس فينصح الألمان الغربيين بالقول: "اصغوا إلى الشرقيين ولا تهينوهم ولا تتهموهم بالتطرف اليميني". "وحركة الاحتجاج من الشرق"، كما تلقى التعبير في الأصوات الممنوحة لحزب البديل هي "مساعدة لفهم الكل بشكل أفضل لتغيير ما يجب تغييره".
وتستنتج بآته كوبير أن الاختلافات بين الشرق والغرب ليست إشكالية في حد ذاتها: "لا أعرف هل ذلك في الحقيقة مشكلة لو لم يكن ذلك مشحونا بالتقييم. أعتقد هذه هي الإشكالية". والباقي تعتبره تنوعا مرحبا به، كما هو الشأن بالنسبة إلى الاختلاف بين البفاريين والألمان في الشمال. "إنه عامل إثراء وجذب أن تكون لنا في ألمانيا مناطق مختلفة وليس كل شيء متشابه".
كريستوف هاسلباخ/ م.أ.م