فريتسي: فيلمٌ ألماني يروي حكاية الثورة التي قادت إلى الوحدة
٢٧ أكتوبر ٢٠١٩من كنيسة القديس نيكولاس في لايبزيغ بألمانيا الشرقية خرجت "مظاهرات يوم الاثنين" التي أذِنت بنهاية جمهورية ألمانيا الديمقراطية وأدت إلى سقوط جدار برلين. ويُنظر إلى مظاهرة التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 1989 باعتبارها نقطة التحول في الثورة السلمية. في الذكرى الثلاثين لهذا اليوم المشهود، احتفلت لايبزيغ من خلال مجموعة متنوعة من الفعاليات وبدأ عرض "فريتسي- حكاية ثورية" في دور السينما الألمانية.
يتناول المخرجان غالف كوكولا وماتياس بغون الأحداث المرتبطة بسقوط جدار برلين بطريقة ملائمة للطفل، من خلال فيلم رسوم متحركة يروي قصة هذه المرحلة الحافلة بالأحداث من تاريخ ألمانيا، عبر صور مُجمعة بهدوء ورسوم دقيقة تاريخيًّا لمدينة لايبزيغ.
يركز الفيلم على صداقة فريتسي وصوفي، طالبتين بالصف الرابع فرقهما فرار صوفي إلى غرب ألمانيا مع أمها خلال عطلة الصيف عن طريق المجر. ترغب فريتسي في رؤية صوفي مرة أخرى وتنشغل تدريجيًّا في المظاهرات والاحتجاجات المتزايدة التي أدت في نهاية الأمر إلى سقوط جدار برلين. ويستند الفيلم إلى كتاب قصة الأطفال: "فريتسي كانت هناك أيضًا: قصة تحول عظيمة" للكاتبة الألمانية هانا شوت ورسوم جيردا رايت. دويتشه فيله تحدثت مع الكاتبة.
دويتشه فيله: السيدة شوت، كيف جاءت فكرة فريتسي؟
في يناير 2009، تواصلت معي مونيكا أوسبرجهاوس، التي أسست لاحقًا دار "كليت كيندربوخ" [ملاحظة المحرر: دار نشر للأطفال] في لايبزيغ، بعد أن أدركت عدم وجود ما يتوجه إلى الأطفال بالحديث عن سقوط جدار برلين، وأعني بالأطفال من هم في الصفين الثالث والرابع فما فوق. وقد خطرت على بالها، لأنها كانت تعلم أنني قضيت وقتًا كثيرًا في جمهورية ألمانيا الديمقراطية وكان لدي أقارب هناك.
كيف تناولت الكتاب؟
بمقالة في لايبزيغر فولكسزيتونج [صحيفة محلية في لايبزيغ]، سألتْ مونيكا أوسبرجهاوس القرَّاء عمَّن كان طالبًا ابتدائيًّا في عام 1989 وعمَّن كان في الصف الرابع حينها. كان هذا أمرًا خاصًا، لأنك بذلك أصبحت رائدًا تيلمانيًّا [ملاحظة المحرر: كانت منظمة إرنست تيلمان للريادة، التي سُميت تيمنًا برئيس الحزب الشيوعي في ألمانيا، هي المنظمة الجماهيرية السياسية الموجهة للأطفال في جمهورية ألمانيا الديمقراطية]. قام بالرد 60 قارئًا، لكن لم تكن هناك مادة حقيقية لقصة. ظننتُ أنه ربما الأشخاص الذين كانوا هناك خلال ذاك الوقت لم يعودوا يعيشون في لايبزيغ أو أنهم لم يقرأوا الجريدة. تحدثتُ مع كبير القساوسة، صاحب مبادرة مظاهرات وصلوات الاثنين. في بداية الأمر، تواصل مع أشخاص كانوا قد شاركوا في المظاهرات مع أطفالهم، ثم أجريت عدة محادثات؛ ابتكرتُ من خلالها شخصية فريتسي. تعيش الشخصية الأكثر تشابهًا مع فريتسي في براونشفايغ الآن. على عكس الفيلم، وضعت في الكتاب فقط ما أخبرني به الأشخاص.
في رأيك، ما الشيء الأكثر إبهارًا في الشرق قبل سقوط الجدار؟
لطالما كنتُ متفاجئة من عدم اهتمام الآخرين بحقيقة أن هذا بلدٌ آخر كان يسهل التواصل مع الناس فيه. وفي الوقت نفسه، إذا سافرت إلى الخارج؛ فرنسا أو إنجلترا، كان عليك أن تعاني من أجل التواصل. لقد وجدتُّ هذا مذهلًا جدًّا.
خلال دراستي، كنا لا نزال فيما بعد جيل 1968، وأتذكر أنه كان علينا دائمًا في نهاية الرحلات أن نتخلص مما لدينا من نقود تابعة لألمانيا الشرقية، ومن ثم كنا نضطر إلى شراء تسجيلات وكتب نظرًا إلى أنه لم يكن بإمكانك الخروج لتناول وجبة لطيفة. وفي حانات ماربورج، كنا نناقش ما إذا كان ينبغي على مواطني جمهورية ألمانيا الديمقراطية أن يُسلبوا من سلعهم الثقافية أم لا.
كيف جاء التعاون مع الرسامة جيردا رايت؟
فريتسي كان كتابي الأول معها. ولِدتْ في شرق برلين، وتعيش في لايبزيغ. كان ذلك مهمًا جدًّا أيضًا فيما يتعلق بالمحتوى. لأننا كنا تحت كثير من ضغط الوقت، كان يجب أن يخرج كل شيء بسرعة كبيرة. كنتُ أبعث كل فصل أنهيه إلى جيردا رايت وأسألها: "هل هذا صحيح؟". وكانت تقول، على سبيل المثال، إن ألواح الكتابة السوداء في المدارس لعبت دورًا شديد الأهمية في جمهورية ألمانيا الديمقراطية. وقد جسدتُّ المُدَرسة بإيجابية شديدة لتكون على ذوقها، بيد أنها ظهرت في الفيلم على نحو شديد الكاريكاتورية؛ أكثر حدة وجنونًا مما كانت عليه في الكتاب.
ماذا حدث بعد صدور الكتاب؟
قمتُ بالعديد والعديد من جلسات القراءة للكتاب. على سبيل المثال: قامت لايبزيغر فولكسزيتونج بحملة عنوانها "صحيفة في مدرسة"، حيث أقلني موظف لايبزيغر فولكسزيتونج عبر ساكسونيا لمدة عشرة أيام.
في بداية عام 2009، كنتُ دائمًا أعتذر لمن أجري معهم لقاءات، لأن ما كان يدور بذهني هو: "من أنا لأجري معهم الحديث؟" وفي حقيقة الأمر، كانوا يجدون ذلك رائعًا. كانوا يقولون: "لم يعد أحد يهتم بالمسألة هنا". عليك أيضًا ملاحظة أن الوضع منذ 10 أعوام كان مختلفًا نوعًا ما عما هو عليه اليوم. لقد أخبروني أنهم أحبوا حقيقة أنني أردت أن أعرف كل شيء عن الأمر. في المدارس، تعاملتُ مع أشخاص شديدي الانفتاح، لكن كان هناك أيضًا أشخاص يقولون: "ها قد أتى شخصٌ يقرأ علينا شيئًا من الماضي".
ماذا وجدت خلال قراءاتك مع الأطفال؟
منذ عشر سنوات، كان الأطفال في الجزء الشرقي من البلد لديهم معرفة أكثر قليلًا من الأطفال في الجزء الغربي، بيدْ أن الأوضاع تساوت منذ ذلك الحين. لا يعرف أحدٌ أي شيء، وأصبح نقص المعرفة متساويًا الآن. أقول لنفسي إنه لا ضير، وأنه ربما يكون ذلك إشارة إيجابية إلى أن الأطفال لم يعد بإمكانهم تخيل أن ألمانيا كانت بلدان. الأسبوع الماضي في باد أوينهاوسن، قرأتُ لطلاب في الصف الخامس، ولم تكن لديهم أية فكرة عن وجود ألمانيتين من قبل. وكان أحد فصول الصف الثالث في آخن على يقين تام بأن شمال ألمانيا وجنوبها كانا منفصلين وأن الحدود كانت في مكان ما بالقرب من فرانكفورت.
كيف كان تأثيرك على ما يتم وما لا يتم تضمينه في الفيلم؟
من الناحية القانونية، يجب أن يُعرض النص على المؤلف. وكان ليَّ أيضًا حق الاعتراض عليه، ذلك أن نسخة الفيلم دائمًا ما تكون بعيدة عن الأصل. لكنني لم أكن أتوقع أن كتابي الصغير البالغ 100 صفحة يحتوي على رسوم من الممكن أن تتحول إلى فيلم مدته 90 دقيقة في السينما. كان يتعين إدخال أشياء أخرى إلى القصة.
كنتُ لأعترض عليه إذا كان ضد روح القصة ومعناها حقًّا، لكن إذا سأل الأطفال بعد مشاهدة الفيلم: "كيف كان الوضع حينذاك، أخبرني؟" لتبدأ محادثة، فهذا يكفيني.
هل أنت راضية عن الفيلم؟
نعم؛ أن ينص العقد على أن يحمل الفيلم اسم فريتسي، كان قطعًا مهمًا لي. بخلاف ذلك، ما كنتُ لأكسب أكثر من ذلك من الفيلم. أتمنى فقط أن يطيل هذا من أمد الكتاب. توجد حاليًا قراءات أكثر من المعتاد، لأن هناك العديد ممن يرغبون في القيام بالأمرين: مشاهدة الفيلم والتعرف على المؤلفة. لقد حظي الكتاب بالكثير من الاهتمام، وهو أمرٌ يفاجئني ويسعدني.
ما الذي تحبينه تحديدًا في نسخة الفيلم؟
في المقام الأول، أعتقد أن حجم المجهود المبذول في إظهار لايبزيغ بالشكل الذي كانت عليه كان أمرًا رائعًا. أرى في ذلك نجاحًا عظيمًا.
هل كنت تحاولين أيضًا خلق شعور بالتفهم عبر الكتاب؟
جمهوري من الأطفال الصغار إلى حد بعيد. أتموا ثلاثة أو أربعة أعوام دراسية. في السنوات اللاحقة، سيتعين عليهم تعلم كل ما يتعلق بمأساة التاريخ الألماني. وببساطة، أعتقد أن الوحدة هي أجمل قصة في التاريخ الألماني. وأرى أنه من الجيد أن صناع الفيلم تبنوا العنوان الفرعي [الألماني]: "معجزة قصة تحول".
لقد حدثت بالفعل أشياء عديدة لم تكن مفهومة سابقًا. لو كانت خيالًا، كنتَ لتقول إنها غير معقولة، صحيح الأمور لا تسير دائمًا من النقطة (أ) إلى النقطة (ب)، لكن في التاريخ يوجد دائمًا جنون؛ جنونٌ إيجابي. ما زلتُ أحب السفر مع الكتاب، إذ من الرائع أن تكون قادرًا على أن تقدم للأطفال نهاية سعيدة لم يتم اختلاقها.
يُعرض فيلم "فيغتسي - حكاية ثورية" لغالف كوكولا وماتياس بغون في السينما الألمانية منذ التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
فيليب يديكي / ج.ا