الوحدة الألمانية - تكاليف ضخمة مقابل فرص كبيرة
٣ أكتوبر ٢٠١٩اقتصاديا كانت إعادة توحيد ألمانيا تحديا هائلا، وكان هذا واضحا منذ البداية. لكن كم ستكلف تلك العملية؟ هذا أمر فاجأ الكثيرين ـ حتى ولو أنه لا توجد فاتورة نهائية رسمية حتى الآن. في عام 1990 أكدت الحكومة الألمانية الغربية أنه يمكن تمويل الوحدة دون رفع الضرائب. لكن تقديراتها كانت خاطئة. يبدو أن تأكيدها جاء فقط من باب عدم الرغبة بإثارة الفزع لدى الناس. وحسب تقديرات الخبراء تم تحويل نحو بليوني يورو أو 2000 مليار يورو صافية إلى الشرق في السنوات الـ 25 الأولى للوحدة.
وبهذا المبلغ الضخم تم تمويل "بناء الشرق" يعني تشييد الطرق وجوانب البنية التحتية الأخرى وترميم المدن وإزالة أضرار التلوث البيئي وتقديم حوافز استثمارية للشركات. وحتى ديون ألمانيا الديمقراطية سابقا بمبلغ حوالي 200 مليار يورو تحملتها الحكومة الألمانية. لكن الجزء الأكبر من تلك الأموال، حوالي 65 في المائة ذهب لدفع رواتب التقاعد والنفقات الاجتماعية مثل مساعدة العاطلين عن العمل ودعم الأطفال وخدمات اجتماعية أخرى. وبما أن عددا كبيرا من المصانع لم يعد قادرا على المنافسة في شرق البلاد، فكانت تلك الشركات مجبرة على الإغلاق بحيث أن واحدا من بين خمسة أشخاص لم يكن له عمل.
تكاليف ضخمة ـ فرص كبيرة
أمام هذه النفقات العامة الكبيرة توجد مكاسب خاصة. فاستدراك ما فات في الشرق جنى من وراءه الكثير من الغربيين ثروات. فالسيارات ومواد الاستهلاك والأثاث المنزلي ومستلزمات الترميم ومواد البناء، تقريبا جميع المنتجات أو الخدمات وجدت سوق بيع مغرية في شرق ألمانيا. وقد اشترى مستثمرون غربيون أحياء كاملة في المدن، وتمكن والحرفيون من اختيار العقود الخاصة بالطلبيات.
زوال تكاليف التقسيم
ومن خلال عائدات الضرائب استفادت الدولة أيضا من نشوة الاستهلاك في شرق البلاد. وفي آن واحد زالت تكاليف كبيرة نشأت بسبب التقسيم. ويأتي في مقدمتها دعم المناطق الحدودية ودعم برلين الغربية أو النفقات المتفق عليها ضمن اتفاقيات فيلي برانت مع شرق أوروبا. كما تمكنت ألمانيا من تخفيض نفقاتها على التسلح والدفاع إضافة إلى تكاليف الحفاظ والحماية على الحدود الألمانية الداخلية.
المال لم يكن في صلب الموضوع
على أية حال لم يلعب المال دورا محوريا في النقاش السياسي حول التكلفة الاقتصادية والجدوى منها. عوضا عن ذلك تم النظر إلى إعادة توحيد ألمانيا كفرصة تاريخية فريدة وجب استغلالها مهما كانت التكلفة.
أندرياس بيكر/ م.أ.م