خبير أوروبي: زيارة أحمدي نجاد للبنان صب للزيت على النار
١٣ أكتوبر ٢٠١٠استقبل أنصار حزب الله في لبنان اليوم الأربعاء (13 أكتوبر/ تشرين الأول 2010) الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد استقبالا جماهيريا حاشدا على جنبات الطريق الرابطة بين مطار رفيق الحرير والعاصمة بيروت؛ وذلك في مستهل زيارة رسمية أثارت مخاوف الغرب من النفوذ الإيراني المتنامي في البلاد، على خلفية دعم طهران لمقاتلي حزب الله والجماعات المتشددة في المنطقة.
وكانت واشنطن من أوائل العواصم الغربية التي عبرت عن تنديدها بالزيارة خصوصا وأنها تسعى لعزل إيران بسبب برنامجها النووي الذي يعتقد الغرب أنه ستار لإنتاج السلاح النووي. وتوجه أصابع الاتهام أيضا للجمهورية الإسلامية بتقويض سيادة لبنان بتدخلها في شؤونه الداخلية من خلال دعمها لحزب الله. وفي حوار مع دويتشه فيله أوضح خبير الشؤون الإيرانية في المعهد الألماني للسياسات الدولية والأمن في برلين الدكتور فالتر بوش أن "زيارة نجاد تعتبر صبا للزيت على النار بحكم أسلوبه الاستفزازي، خصوصا وأن الزيارة تتزامن مع سياق يتميز بتوتر العلاقات الطائفية في لبنان إضافة إلى أبعاد العلاقة مع إسرائيل".
الزيارة قد تفاقم الانقسامات الطائفية
وأثارت زيارة الرئيس الإيراني مخاوف أيضا لدى المؤيدين للغرب في لبنان (قوى الرابع عشر من آذار) الذين اتهموا احمدي نجاد بمعاملة بلدهم "كقاعدة إيرانية على البحر المتوسط". فقبيل الزيارة تناقل اللبنانيون فيما بينهم تسجيل فيديو قديم لحسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أعيد نشره على موقع يوتيوب وتناقلته المدونات والمواقع الاجتماعية. والشريط يظهر حسن نصر الله في شبابه وهو يقول إنه يسعى لأن "يكون لبنان جزءاً من الجمهورية الإسلامية التي يحكمها الولي الفقيه، الإمام الخميني".
وبهذا الصدد يوضح فالتر بوش أن التأثير الإيراني في لبنان عبر حليفه حزب الله واسع وكبير، إلا أنه أضاف "إن الإيرانيين يسعون مع ذلك إلى ربط اتصالات وعلاقات جيدة مع الطوائف الأخرى ولكن أيضا مع الدولة اللبنانية وليس فقط مع طائفة بعينها، لكن ذلك ليس هدفا سهل المنال".
وظهر هذا التوجه واضحا في المؤتمر الصحفي المشترك مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان إذ قال نجاد "نحن ندعم لبنان قويا وموحدا وندعم دائما الحكومة والشعب اللبنانيين". لكن ليس من الواضح إن كان هذا الكلام سيقنع كل اللبنانيين. واستبعد بوش أن يتأثر حلفاء الغرب في لبنان بشكل مباشر بزيارة نجاد، معتبرا أن "إيران ليست الطرف الوحيد الذي يتدخل في الشأن اللبناني، فلبنان كان دائما ساحة مضلة للتدخلات الخارجية".
قلق غربي من تنامي النفوذ الإيراني
ويبدو أن الغرب قلق من توثيق العلاقة التي تتخذ أصلا طابعا عضويا بين الجمهورية الإسلامية وحزب الله، بل وهناك من المراقبين من يرى في هذه الزيارة نوعا من إعادة تشكيل محور ما بات يعرف بـ"الهلال الشيعي" الذي تسعى قيادة الثورة الإسلامية ليضم سوريا والعراق ولبنان. كما أن الغرب قلق بنفس الدرجة من "استفزازات" أحمدي نجاد اتجاه إسرائيل وجعله لبنان ساحة مواجهة معها.
ويذهب خبير الشؤون الإيرانية فالتر بوش في نفس الاتجاه ولكن من زاوية مغايرة بقوله: "أعتقد أن الخطر الحقيقي ليس مصدره هذه الزيارة في حد ذاتها التي لن تؤدي فجأة إلى وضع حد للاستقرار الهش في لبنان، ولكن الزيارة تذكير للعالم بأن أحد أهم بلدان الشرق الأوسط (إيران) يقف بشكل واضح إلى جانب أقوى حزب سياسي في لبنان (حزب الله)". وفي سياق متصل قلل الخبير الأوروبي من أهمية التقارير التي أشارت إلى إمكانية تدخل إسرائيل لاختطاف نصر الله وأحمدي نجاد بعدما أُعلن عن نيته في رجم إسرائيل انطلاقا من حدودها مع لبنان، وقال بوش "لا أعتقد أن شيئا من هذا القبيل سيحدث".
الزيارة و الحسابات الداخلية لنجاد
ويواجه أحمدي نجاد منذ إعادة انتخابه، المثير للجدل، لولاية ثانية عام 2009 أوضاعا داخلية صعبة في بلاده إذ تواجه شعبيته امتحانا عسيرا على خلفية انتقادات المعارضة لأسلوب تعامله مع الوضع الاقتصادي الذي ستتفاقم على ضوء العقوبات الدولية على خلفية البرنامج النووي. كما أن الكثيرين من الإيرانيين يرون أنه من الأجدر أن تخصص المساعدات التي تغدقها حكومتهم على الجماعات اللبنانية والفلسطينية لحل مشاكلهم، إلا أنه من المستبعد أن تتراجع القيادة الإيرانية عن طموحاتها الإقليمية بالرضوخ إلى هذه المطالب الشعبية.
ويرى فالتر بوش أن الرئيس أحمدي نجاد سيوظف بلا شك الاستقبال الجماهيري الحاشد الذي خصصه له شيعة لبنان لتعزيز وضعه الداخلي. وأضاف "الزيارة تظهر شعبيته لدى شيعة لبنان وسيوظفها في محاولة تعويض الضرر الذي لحق بصورته داخل إيران، بمعنى آخر، فهذه الزيارة موجهة أيضا لأنصاره في الداخل، وهي تقول: انظروا كيف أنا محبوب لدى حلفائنا الرئيسيين".
حسن زنيند
مراجعة: أحمد حسو