زيارة أحمدي نجاد للبنان: انقسام محلي وعدم ارتياح دولي
١٢ أكتوبر ٢٠١٠يشمل برنامج الزيارة استقبالا رسميا وشعبيا حافلا لنجاد ومحطات كثيرة في أرجاء لبنان قد تكون أهمها زيارته للجنوب حيث الشريط الحدودي مع إسرائيل. وفيما سرّبت بعض الأوساط الصحفية توقعات بأن يقدم نجاد على رجم الأراضي الإسرائيلية بالحجارة في حركة رمزية، فإن أطرافا أخرى ترى في زيارته لهذه المنطقة تحديا للوجود الدولي المتمثل في قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة المكلفة بحفظ السلام بين لبنان وبين إسرائيل. كما ستسبب إحراجا سياسيا للحكومة اللبنانية، وهو ما أكده في لقاء مع دويتشه فيله الصحفي فولكهارد فيندفور مدير مكتب مجلة دير شبيغل الألمانية في القاهرة.
ويرى فيندفور أن الزيارة تهدف فيما تهدف إلى "دعم حزب الله وهو الحليف الأساسي لإيران في لبنان وفي الشرق الأوسط لاسيما في الوقت الراهن حيث تكثر شائعات حول احتمال تورط عناصر من حزب الله في اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري"، وهو ما أدى إلى تدهور جديد للعلاقات بين حزب الله وبين رئيس الحكومة اللبنانية. الهدف الآخر للزيارة هو إعطاء إشارة إلى الساسة في العالم مفادها أن التعاون السوري الإيراني ما زال قائما، في وقت يرغب فيه نجاد أن يستعرض نفوذ وقدرة بلاده في المنطقة ".
استياء كتلة الموالاة وتهديدات من مجموعة متطرفة
أوساط قريبة من جبهة الموالاة القريبة من الغرب، التي يقودها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، سرّبت أنّ بعض القيادات منزعجة من الزيارة وتحتج على أن أحمدي نجاد يعامل بلدهم "كقاعدة إيرانية على البحر المتوسط". وبينما عُلقت في شوارع لبنان لافتات وصور ضخمة ترحب بزيارة نجاد، ارتفعت في أماكن أخرى من البلد صور وشعارات لا ترحب به.
يأتي هذا في وقت حذّرت فيه مجموعة تطلق على نفسها اسم "كتائب عبد الله عزام ـ سرايا زياد الجراح" وتنسب نفسها لتنظيم القاعدة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من القيام بهذه الزيارة متهمة حزب الله بتنظيم بتنظيمها دعما لموقعه السياسي. وقلل الصحفي فيندفور في لقائه مع دويتشه فيله من شأن هذا التهديد نظرا لأن الجماعة التي أطلقته "مغمورة وغير معروفة". كما قلل من شأن لقاء نجاد مع الساسة المسيحيين اللبنانيين معتبرا اللقاء مبادرة لتهدئة خواطر الساسة المعارضين لزيارته للشريط الحدودي.
عروض تعاون ومفاجآت ومخاوف
ومن المقرر أن يوقع احمدي نجاد اتفاقا بقيمة 450 مليون دولار على شكل قروض ميسرة وطويلة الأمد لتمويل قطاع الكهرباء ومشاريع المياه فضلا عن اتفاق للتعاون في مجال الطاقة. ولم تستبعد أوساط مطلعة على برنامج الزيارة وقوع مفاجآت سواء من جانب الرئيس الإيراني نجاد أو من جانب حزب الله، لكن الدكتور كمال فغالي مدير مكتب الإحصاء والتوثيق في لبنان استبعد، في حوار مع دويتشه فيله، احتمال وقوع أية مفاجآت من النوع السلبي، لكنه أشار إلى أن"اختيار النبطية البعيدة عن العاصمة لم يأت بشكل محايد بل يحمل مظاهر استفزازية للقوى غير الشيعية".
وكشف فغالي عن توقيع اتفاقات بالأحرف الأولى بين الدولتين في مجالات المياه والطاقة والنفط في وقت سابق من هذا العام، متوقعا أن هذه الاتفاقيات ستدخل حيز التنفيذ لدى وصول نجاد إلى لبنان، إلا أن الخبير اللبناني استدرك بالقول إن عروض الدعم العسكري التي قدمتها إيران تبقى مثيرة للجدل وقد تثير إشكالات رسمية ودولية كثيرة.
واعتبر فغالي أن "المخاوف العربية والدولية من أنّ الزيارة ستكرس قدرات حزب الله في لبنان هي مخاوف يغلب عليها الطابع الإعلامي". ويرى فيغالي بأن حزب الله كرّس حضوره في لبنان وتأثيره في المنطقة بعد حرب عام 2006.
والضجة التي تثار اليوم بشأن هذه الزيارة هي أكبر من الحدث نفسه، فرئيس الجمهورية الماروني هو من وجه الدعوة، والمعترضون عليها هم بعض قوى 14 آذار بينما تؤيدها كل قوى المعارضة، معربا عن اعتقاده بأن الأجواء السياسية في البلد ستكون هادئة خلال الزيارة.
واعتبر فغالي "أن تأثير الزيارة على ملف قضية اغتيال الحريري سيكون محدودا، وقد ينحصر في أنها ستدعم حزب الله والقوى المعارضة المتحالفة معه من خلال الحشد الجماهيري الذي سيتم استعراضه كتعبير عن تحدي هذه القوى لمحاولات إضعافها بتفاصيل قضية المحكمة الدولية".
ملهم الملائكة
مراجعة: أحمد حسو