الحسابات الإيرانية وراء زيارة أحمدي نجاد للبنان
٨ أكتوبر ٢٠١٠تتخلل زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأسبوع المقبل إلى لبنان، عدد من المحطات، من أبرزها حضوره حفلاً شعبياً ينظمه حزب الله بالضاحية الجنوبية في العاصمة بيروت، وزيارته للمنطقة الحدودية مع إسرائيل. هذا وطالبت الولايات المتحدة الأمريكية الحكومة اللبنانية بعدم استقبال أحمدي نجاد، فيما وصفت إسرائيل زيارته المرتقبة بالاستفزازية.
زيارة "تصب الزيت على النار"
هذه الزيارة تتزامن أيضاً مع تصاعد التوترات السياسية في لبنان، على خلفية القرار المنتظر للمحكمة الدولية هناك، التي تحقق في قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، والتي يتوقع إدانتها لعدد من مسؤولي حزب الله الحليف لطهران في التورط باغتيال الحريري.
إلا أن خبير الشؤون السياسية في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية هايكو فيمن، يرى بأن المشكلة الوحيدة في زيارة أحمدي نجاد هي توقيتها، وكون إيران – من خلال دعمها لحزب الله – طرفاً داخلياً في النزاع اللبناني.
ويضيف فيمن أن "هذه الزيارة تتخذ بعداً خاصاً، لكنني لا أقول بأنها مناورة (سياسية). لكن في ظل الوضع الحالي فإنها بمثابة صب الزيت على النار"، خصوصاً في ظل اتساع الفجوة الطائفية بين السنة في الشمال والشيعة في الجنوب اللبناني. وارتفعت في مدينة طرابلس يوم أمس الخميس (7 أكتوبر/ تشرين الأول) يافطات تندد بزيارة الرئيس الإيراني المقبلة، إلا أنها أزيلت بشكل غامض ومفاجئ بعد ساعات قليلة.
امتداد إيراني على البحر المتوسط
أما الدكتور خطار أبو دياب، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس والباحث في المعهد الدولي للجغرافيا السياسية، فيؤكد أن إيران ستسعى من خلال هذه الزيارة لفرض أمر واقع وضم لبنان بشكل نهائي إلى المحور الإيراني، مشيراً إلى أنها "ستثبّت وجود إيران على البحر المتوسط من خلال حليفها اللبناني، لاسيما أن النجاح الأكبر في تصدير الثورة الإسلامية خارج الحدود (الإيرانية) كان في لبنان، ومن هنا ينظر إلى هذه الزيارة في الأوساط الغربية واللبنانية بحذر".
ويرى أبو دياب أن زيارة أحمدي نجاد للحدود اللبنانية مع إسرائيل ستحدث انقلاباً جيوسياسياً كبيراً قد يؤثر سلباً على المنطقة بأسرها، ذلك أن "الوضع الذي تكرّس خلال حرب يوليو/ تموز 2006 (بين حزب الله وإسرائيل) يتم ترجمته رسمياً من خلال هذه الزيارة، وهذا لن يكون في صالح الوضع العربي بشكل عام أو حتى في صالح العلاقة الإيرانية السورية غير المتوازنة حالياً".
الحرب أو السلم مرتبط بالموقف الإيراني
ولمح أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس إلى شبه اتفاق توصل إليه الرئيس السوري بشار الأسد خلال زيارته الأخيرة لطهران، والذي نجح من خلاله في إقناع الرئيس الإيراني بتخفيف لهجته في جنوب لبنان أو في بيروت، خصوصاً في ظل ما أسماه خطار أبو دياب بـ"طبيعة الهجمات الكلامية السابقة للرئيس الإيراني على إسرائيل، وطبيعة العلاقة المميزة بين إيران وحزب الله"، والتي قد تؤدي إلى تصعيد لا يحمد عقباه على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.
يذكر أن الوفد المرافق للرئيس الإيراني سيضم عدداً من رجال الأعمال الإيرانيين، مما يوحي باحتمال توقيع اتفاقات تجارية واقتصادية بين البلدين. وفي هذا الصدد يقول الدكتور خطار أبو دياب إن هذه الخطوة تشكل محاولة من طهران لإرسال رسالة إلى العالم عبر البوابة اللبنانية مفادها أنها ليست معزولة دولياً، وأنها قادرة على فك عزلتها.
ويوضح أبو دياب أن "لبنان مضطر مثل كل الدول الالتزام العقوبات الاقتصادية. حتى المصارف اللبنانية اضطرت إلى وقف التعامل مع الكثير من نظرائها في إيران. طهران تقدم الكثير من المال ليس فقط لحزب الله بل أيضاً لمشاريع في لبنان تنخرط في مجال الأعمال في جنوب لبنان أو في مناطق أخرى".
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن الرئيس الإيراني سيوضح من خلال زيارته أن مسألة الحرب أو السلم في الشرق الأوسط مرتبطة بالموقف الإيراني "وهذا بالطبع أهم من استثمار بعض رجال الأعمال للمال".
ياسر أبو معيلق
مراجعة: حسن زنيند