"جيل موازين" - فرصة للمواهب الشابة لكن الآفاق مجهولة
٢٧ مايو ٢٠١٢أسدل الستار ليلة السبت الأحد (27 مايو أيار 2012) على مهرجان موازين في دورته الحادية عشر. وككل عام كانت للمهرجان نكهة خاصة تمثلت هذه المرة في تغير موقف الإسلاميين الذي كان في السابق معارضا بقوة لإقامته، حيث ساد نوع من الحذر في تصريحاتهم إزاء هذا الموضوع. أما على مستوى التنظيم، فقد فُرضت إجراءات أمنية مشددة هذا العام خاصة خلال الحفلات التي استضافت النجوم الغربيين. وقاطعته وسائل إعلام محلية بسبب الموازنات الضخمة التي يرصدها المهرجان خاصة للفانين الأجانب.
لكن المهرجان حافظ ككل عام على مسابقة "جيل موازين"، التي تعطي الانطلاقة لفرقة شبابية موسيقية بعد تتويجها من بين فرق أخرى. وقد انطلقت المسابقة عام 2006 قبل أن تتحول إلى فقرة ثابتة في المهرجان. ويقول المنظمون إن الهدف من وراء هذه المسابقة هو تطوير المواهب المغربية والارتقاء بها إلى مستوى الاحترافية وتقريبها من الجمهور المغربي.
فرقة "مليمان" - مولود فني جديد
إيمان بن العربي، عضوة في فرقة "ميلمان" التي فازت بمسابقة هذا الموسم، تؤكد في حوار مع DW عربي أن فكرة مشاركتها في "جيل موازين" جاءت صدفة. وتقول: "وضعت ملفي منفردا وبعدما تم قبولي بحثت عن موسيقيين أعرفهم من قبل وشكلنا فرقة تتكون من خمسة أعضاء: بعضنا يعزف على آلات موسيقية مختلفة والبعض الآخر يغني".
ويقوم مبدأ المسابقة على تأليف أغاني وتلحينها وأدائها أمام لجنة التحكيم التي تختار أفضل الأغاني. كما يخصص جزء من التصويت للجمهور الذي يتابع المواهب عبر شاشات التلفزيون.
وتضيف إيمان أن ما دفع فرقتها "ميليمان" إلى المشاركة في المسابقة هو الرغبة في الاحتراف الفني: "نحن هواة موسيقى وعندما أتيحت فرصة كهذه فكرنا في الاحتراف". وما عزز هذه الرغبة، كما توضح إيمان، هي الامتيازات التي توفرها المسابقة. وتقول "لقد حظينا بدعاية مهمة واستضافتنا وسائل إعلام متنوعة. وسنحظى كذلك بشرف التعاون مع المنتج المغربي العالمي ريدوان". وتؤكد أن المسابقة مكّنت الفرقة أيضا من المشاركة في مهرجان موازين الذي يستضيف ألمع النجوم العالميين. وستحصل "ميليمان" على جوائز أخرى، على غرار عقد إنتاج لمدة خمس سنوات بالإضافة إلى إطلاق أغنية وإنتاج فيديوكليب.
عقبات أمام الفرق الشبابية
وقد شهدت السنوات الأخيرة في المغرب ظهور فرق موسيقية شبابية على الساحة الفنية حاولت الاحتراف، لكنها سرعان ما اختفت عن الساحة الفنية بعد أغنية أو أغنيتين. وغالبا ما تعود الأسباب إلى مشاكل التمويل. وفي سياق متصل يوضح أشرف أعراب، وهو عضو أشهر فرقة شبابية في المغرب "فناير"، في حوار مع DW عربي أن ما يجعل فرقته متماسكة وحاضرة حتى الآن على الساحة الفنية هو الحرص على اختيار الأغاني التي تجذب الشباب.
وتعتبر فرقة "فناير" في المغرب تجربة فنية نادرة صمدت حتى الآن. ورغم أن الفرقة تستمد قوتها من التعاون والوحدة بين أعضائها، لكنها تواجه أيضا مشاكل لا تختلف عن تلك التي تواجه باقي الفرق الشابة في المغرب. ويقول أعراب "عملنا يحتاج إلى مصاريف كثيرة من تسجيل وإنتاج الأغاني و الفيديوكليبات و مصاريف التنقل والإقامة في الخارج".
ويوضح الفنان الشاب أن فرقته حاولت الاعتماد على نفسها من خلال استثمار الأرباح التي تجنيها من العروض الموسيقية التي تقدمها، لكنه يلفت في الوقت نفسه إلى أن ذلك يستغرق وقتا طويلا، ذلك "أن إعداد ألبوم بالقدرات الخاصة يستغرق سنوات من العمل وبالتالي الابتعاد عن الجمهور".
"المسابقات الفنية وحدها لا تكفي"
أما فيما يتعلق بالمساعدة التي توفرها المسابقات مثل مسابقة "جيل موازين" للفرق الشبابية، فيقول أشرف أعراب إن "المهم في حياة أي فرقة فنية هو الاستمرارية و السعي إلى تحقيق الأفضل والبحث الجيد لتقديم أعمال موسيقية متميزة للجمهور"، في حين تعطي مسابقة "جيل موازين" "فقط نقطة الانطلاقة و بداية المسار".
ويرى أحمد عيدون، وهو باحث موسيقي وأحد المشرفين على مسابقة "جيل موازين"، أن أهم ما حققته المسابقة حتى الآن هو استمراريتها. ويقول في حوار مع DW عربي إن "المسابقة تمنح الكثير من الفرص للفرق الشبابية، من بينها فرصة الالتقاء بفنانين كبار والمشاركة في مهرجانات فنية بالإضافة إلى الاستفادة من الدعم لإنتاج الألبوم الأول". لكن الخبير الموسيقي يؤكد أن المسابقة وحدها لا تحل العديد من المشاكل التي يواجهها الفنانون الشباب في المغرب. ويقول: "نحن نفتقر إلى معاهد متخصصة بالإضافة إلى الآلات الموسيقية الجيدة وغياب فضاء للتدريب". ويضيف عيدون أن الساحة المغربية ينقصها الكثير فيما يخص الصناعة الموسيقية والتسويق الجيد بالمقاييس العالمية، "لأن الفنان قد ينجح في المغرب، لكن في الخارج هناك قدرة تنافسية كبيرة". وبالرغم من العقبات التي يواجهها الفنانون في مقتبل العمر وبداية المشوار، إلا أن عيدون يؤكد أهمية هذا الحراك الفني في المغرب قائلا: "لكننا نعول على إبداع الشباب".
سهام أشطو - الرباط
مراجعة: شمس العياري