تبعات اقتصادية وخيمة بسبب الاضطربات السياسية في مصر
١٠ يوليو ٢٠١٣منذ سقوط نظام حسني مبارك وما عقب ذلك من اضطرابات سياسية سارع المستثمرون الأجانب إلى سحب أموالهم من مصر وهو ما أثر بشكل سلبي على الاقتصاد، حيث ارتفع معدل البطالة وزادت نسبة الفقر في مصر من 22 إلى 25 في المائة. ولمواجهة هذا الوضع لجأت الحكومة المصرية إلى تخصيص قرابة 20 مليار دولار، حوالي ثلث الميزانية العامة، لدعم المواد الاستهلاكية الأساسية، خاصة الطاقة والمواد الغذائية، وهو دعم لم يقتصر على الفقراء وإنما استفادت منه أيضاً الطبقة الوسطى والغنية في البلاد.
وأثقل هذا الإجراء كاهل الموازنة العامة للدولة، حيث يتوقع أن يرتفع عجز الموازنة هذا العام إلى 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. كما أثر ذلك بشكل سلبي على قيمة الجنيه المصري في الخارج. ومن أجل الحيلولة دون انهيار العملة المحلية لجأت مصر إلى الاستعانة باحتياطاتها من الدولار غير أن ذلك لم يستمر لفترة طويلة بسبب التراجع السريع في حجم احتياطات البلاد من الدولار. و يؤكد خبير شمال إفريقيا في مصرف دويتشه بنك أوليفر ماسيتي بأن هذه الخطوة أدت في العام الماضي إلى عجز البنك المركزي المصري في الحفاظ على سعر الصرف. ويضيف ماسيتي في حوار مع DW"هذا ما تسبب في هبوط حاد في قيمة الجنيه المصري الذي فقد حوالي 15 في المائة من قيمته في أواخر 2012".
أعباء اقتصادية
كما انعكس هذا الوضع أيضا على السوق الداخلية، حيث أصبح المصريون يدفعون مبالغ كبيرة مقابل الحصول على سلع قليلة، فارتفعت أسعار المواد الأساسية خاصة الخبز والبنزين، رغم الدعم الحكومي لهذه المواد. وحسب ماسيتي فإن ارتفاع أسعار هذه المواد التي يستهلكها الفقراء بشكل أساسي هو الذي أدى إلى اندلاع الاضطربات الأخيرة في البلاد. كما يرى الخبراء أن موضوع الدعم كان أيضاً سببا في فشل المفاوضات بين مصر و صندوق النقد الدولي بخصوص قرض بقيمة 4،8 مليار دولار. فصندوق النقد الدولي كان يطالب مصر بإصلاح نظام الدعم للتخفيف من أعباء الموازنة.
ارتفاع مستوى البطالة
وحتى القروض التي منحتها دول صديقة لمصر، خاصة قطر، لم تجنب البلاد مسار التراجع الاقتصادي، سيما وأن تلك المساعدات لم تكن مشروطة بقيام مصر بإصلاحات اقتصادية. وعارض بعض رجال الأعمال المصريين حصول بلادهم على وصفوه "بالصدقات" من دول أخرى مطالبين بوضع خطة اقتصادية ذاتيه بديلة، كما يقول رجل الأعمال المصري صالح دياب الذي يرأس مجموعة شركات تستثمر في قطاع الطاقة والزراعة. ويضيف دياب الذي يملك صحيفة " المصري اليوم" "ما دامت مصر لا تتوفر على خطة واضحة لمواجهة المستقبل فإن المساعدات المالية لن تجدي في شيء. نحن في حاجة الى برنامج ونهج خطة ".
من جهته يرى ماسيتي بأن مصر تحتاج إلى 700 ألف منصب شغل جديد سنويا إذا ما أرادت الحفاظ فقط على معدل البطالة المسجل حاليا والذي يبلغ حوالي 13 في المائة. ويضيف الخبير المصرفي قائلا: " وفقا للدرسات فإن هذا الأمر يتطلب نمواً سنوياً بمستوى 7 في المائة، في حين لا تتجاوز توقعات النمو في العام المقبل مستوى 3 في المائة".
امكانيات اقتصادية مهمة
رغم ذلك يؤكد ماسيتي على إمكانيات مصر وتنوع اقتصادها ويعتبرها سوق مهمة بالنظر إلى عدد سكانها الذي يقدر بـ 82 مليون نسمة. ويضيف ماسيتي " علاوة على ذلك يمنح موقع مصر الاستراتيجي أهمية كبيرة لهذا البلد الذي يتوفر على قناة السويس الرابطة بين أوروبا وإفريقيا وآسيا. لكن الاستفادة من ذلك يشترط بطبيعة الحال وضعاً سياسيا مستقراً"
إنعاش الاقتصاد رهن بالاستقرار السياسي
ولا تجزم الباحثة السياسية في معهد تشاتام هاوس الإنجليزي، مها عزام بقدرة الحكومة على ضمان الاستقرار في مصر. فقد يعمل الجيش على إعطاء انطباع بعودة الاستقرار والأمن للشارع المصري، حسب الباحثة عزام " لكن على أرض الواقع يكون التوتر كبيراً. فمصر تشهد استقطابا سياسيا قويا، يمكن أن ينفجر في أي لحظة". وترى عازم أن التوتر في مصر لا يمكن تجنبه إلا من خلال المصالحة، كما تؤكد على أن الاستثمارات لن تعود لمصر إلا إذا تم تأمين المؤسسات الديمقراطية بشكل دائم. فتحسين أداء الاقتصاد المصري يتطلب وجود مناخ سياسي ملائم.