بوادر مواجهة بين "الإخوان" والمجلس العسكري حول مربع الصلاحيات
١٠ ديسمبر ٢٠١١دخلت العلاقة بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين مرحلة جديدة من مراحل الشد والجذب بين الطرفين، فبينما تشير المؤشرات الأولى إلى اكتساح حزب الحرية والعدالة المنبثق عن حركة الإخوان المسلمين الانتخابات، أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرارا بتشكيل مجلس استشاري يتألف من 30 عضوا، مؤكدا أن أولى مهامه ستكون وضع مشروعي قانون بشأن انتخابات رئاسة الجمهورية و"إجراءات تشكيل الجمعية التأسيسية التي ستقوم بإعداد دستور جديد للبلاد". قرار المجلس اعتبره الكثيرين تجاهلا لاحتجاجات الإخوان المسلمين على تدخل أي "هيئة غير منتخبة" في إعداد الدستور.
الإخوان: الدستور الجديد مهمة البرلمان فقط
ثم خرج اللواء مختار الملا عضو المجلس العسكري بتصريحات لصحافيين غربيين قال فيها ان البرلمان لن تكون له الكلمة العليا في اختيار أعضاء اللجنة التي ستكلف إعداد دستور جديد للبلاد. وبعد ساعات من هذه التصريحات، أعلن حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين انسحابه من الاجتماعات المستمرة منذ قرابة أسبوعين مع أعضاء من المجلس العسكري بغرض تشكيل المجلس الاستشاري و"سحب ممثليه في المجلس الاستشاري" وهما رئيسه محمد مرسي والأمين العام المساعد للحزب أسامة ياسين".
وأكد الدكتور محمد البلتاجى القيادى في حزب الحرية والعدالة أن قرار الانسحاب يأتي بعد تصريحات اللواء الملا التي أكد فيها لمجموعة من ممثلي الصحافة الغربية أن الدستور الجديد للبلاد يجب أن يقر من قبل الحكومة ومن قبل المجلس الاستشاري للمجلس العسكري. وقال البلتاجي لفرانس برس "رأينا بعد تصريحات اللواء الملا وبعد أن تبين أن من ضمن اختصاصات المجلس الاستشاري وضع معايير لاختيار أعضاء لجنة إعداد الدستور ووضع المبادئ الأساسية للدستور، أن هناك محاولة لتهميش البرلمان او تقليص صلاحياته لصالح كيانات غير منتخبة محاولة لفرض وصاية على الشعب وهيئاته المنتخبة". وتابع "لا بأس أن يكون هناك مجلس استشاري للتشاور ولكن أن يناقش قضايا هي من صلب اختصاص البرلمان فهذا تهميش غير مقبول له".
ويري بعض المحللين ومنهم خليل العنانى في حوار مع دويتشه فيله: "أن الهدف الرئيسي للمجلس الاستشاري هو استمالة القوى الثورية بشكل اكبر. وسيحاول البدء من حيث انتهت وثيقة السلمي.".
مجلس عسكري بقفزات مدنية
الكاتب الصحافي وائل عبد الفتاح يصف المجلس الاستشاري للمجلس العسكري بأنه "قفازات مدينة في يد المجلس العسكري، وظهوره على الساحة في هذا التوقيت يأتى في إطار لعبة كبيرة هدفها حشد ظهير سياسي كبير خلف المجلس العسكري الذي يعانى من غياب الجهاز السياسي، ضمن خطة المجلس العسكر العسكري لتدمير كل المسارات المدنية ليبقي الخيار العسكري هو مصدر الأمان والاستقرار".
وفي مقابلة مع دويتشه فيله، رفض عبد الفتاح الإدعاء القائل بأن المجلس الاستشاري يأتي تلبية لمطالب الثوار في إشراك المدنيين في شؤون إدارة البلاد ويقول: "المجلس الاستشاري تحايل على المجلس الرئاسي الذي طالبت به القوى المدنية. فالمجلس العسكري يحاول اللعب بكل طرف على الآخر، فالإخوان مشغولون باقتناص الانتخابات، والليبراليون لديهم حالة هلع من اكتساح التيارات الدينية للانتخابات، والجهاز البيروقراطي للدولة يسعى لتحويل البرلمان لكيان هش في ظل استخدام المجلس العسكري للقدرة المطاطية للإعلان الدستوري على نزع أو منح الصلاحيات".
يري وائل أن المجلس العسكري قد نجح في تحويل الانتخابات إلي مصيدة للإخوان فبعد النتائج المتقدمة التي حققوها يصر المجلس أن البرلمان لن يكون من صلاحياته تشكيل الحكومة أو أي سلطات تنفيذية آخري. وحتى دور البرلمان في تشكيل اللجنة التأسيسية المسؤولة عن صياغة الدستور يحاول المجلس العسكري تحويله إلى مسألة تفاوضية مع الأغلبية البرلمانية.
وحول تصريحات الإخوان الأخيرة وانسحابهم من المجلس الاستشاري يقول وائل: " التلويح بالصدام هو عادة الإخوان لكنهم يتراجعون في آخر لحظة. والمشكلة أن المجلس العسكري نجح في خلق حائط وأسلاك شائكة بين القوى السياسية ألآخري والإخوان خصوصا بعد تراجعهم عن المشاركة في اعتصام نوفمبر واكتساحهم في الانتخابات. الآن يحاول الإخوان تقليل هذا الرعب وبناء خطوط اتصال مع الحركات السياسية ألآخري".
أحمد ناجي
مراجعة: منصف السليمي