برنامج ماجستير مشترك ألماني عربي يؤهل خبراء لمواجهة أزمة المياه العربية
٢٨ فبراير ٢٠١٠الماء شرط أساسي للحياة لا غنى عنه من أجل تحقيق التنمية وضمان التغذية وتوفير الخدمات الصحية والبيئية. لكن قلة المياه لا تؤدي إلى عرقلة التنمية البشرية فقط، بل أيضاً إلى تدني القدرة الاقتصادية للدول والمجتمعات، التي تعاني منها.
ومن المعروف أن قلة الموارد المائية وتلوثها في كثير من البلدان العربية تشكل إشكالية قديمة، لكنها في تفاقم مستمر، فقد أعلن خبراء أن صنعاء قد تكون بعد عشرين عاماً العاصمة الأولى في العالم، التي تعاني من شح كامل في المياه. كما يعد الأردن من أفقر بلدان العالم في موارد المياه. لذلك فإن الطلب متزايد عربياً بل وعالمياً على خبراء مختصين في إدارة الموارد المائية.
ماجستير مفتوح للجميع
ومن أجل المساهمة في إيجاد حلول لأزمة الموارد المائية تم تأسيس برنامج الماجستير المسمى "الإدارة المتكاملة للموارد المائية"، وهو برنامج يقوم على فكرة "التوأَمة"، إذ يمكن دراسته في جامعتين اثنتين، وهما جامعة كولونيا التطبيقية والجامعة الأردنية. ولا يتم في برنامج الدراسة العليا هذا قبول الطلاب ذوي الخلفية الهندسية والاقتصادية، فحسب بل أيضاً الطلاب ذوي الخلفية السياسية أو القانونية أو الإدارية، لأن كل هذه الخلفيات تصب في مسألة إيجاد حلول لهذه الأزمة.
ويتدرب في إطار هذا البرنامج طلاب عرب وألمان على إيجاد حلول لأزمة الموارد المائية والطرق المثلى لاستغلالها، كما يستفيدون من التبادل الثقافي، الذي يتعرف من خلاله الدارسون العرب والألمان، على ثقافة الآخر. وعلاوة علة ذلك يتم فيه صقل مهارات التواصل لديهم، وذلك من خلال الإقامة لمدة فصل دراسي كامل في ألمانيا وفصليين دراسيين في عمان وعبر الرحلات الجماعية، التي يتم تنظيمها في البلدين، بحسب ما يذكره الأستاذ الجامعي، لارس ريبّه، مدير برنامج الماجستير في حوار مع دويتشه فيله.
ويتم في البرنامج أيضاً تعلم مهارات إدارة التعاون الدولي وإدارة المشاريع والتعرف على طبيعة العمل المؤسسي، مما يؤهل الدارسين للدخول مباشرة في سوق العمل. فالبرنامج لا يعدهم فقط للعمل في مؤسسات تنموية ألمانية وعالمية كالأمم المتحدة بل أيضاً للعمل في مشاريع القطاع الاقتصادي الخاص والشركات العاملة في المنطقة العربية.
كما أن ما يميز البرنامج يتمثل في أنه يتم التخطيط له وتدريسه من قبل مُدربين ألمان وعرب، فلكل منهم مهاراته ونقاط قوته، فللمدربين الألمان خبرتهم في مجال المعرفة التقنية وإدارة موارد المياه ، والمدربين العرب يتمتعون بمعرفة واقع بلادهم وتاريخها العلمي فيما يتعلق بإشكالية الموارد المائية. وبالتالي فإنهم على دراية بالطرق المثلى لتنفيذ الحلول على أرض الواقع. كما يهب البرنامج عشرة طلاب عرب وعشرة ألمان منح دراسية تغطي تكاليف المعيشة والرسوم الجامعية.
التحدي الأكبر
ويقول البرفسور لارس ريبّه، مدير برنامج الماجستير، إن إشكالية عدم توفر المياه موجودة في المناطق غير الآهلة بالسكان تاريخياً، إلا أن هذه الإشكالية تكون أكثر حرجاً وخطورة عند ظهورها في المناطق المزدحمة بالسكانـ لذلك فإن التحدي الأكبر يتمثل في القدرة على إمداد المدن الكبيرة بالمياه. ويضرب البرفسور لارس ريبّه مثلاً بمدينة عمان، فيصفها بأنها مدينة حيوية متزايدة النمو سكانياً، ليس من خلال الإنجاب فحسب بل أيضاً من خلال الهجرة من دول مجاورة كالعراق، ما يزيد الطلب على موارد المياه ويجعل الموارد الحالية غير كافية.
كما يشير إلى أن هذا التحدي موجود أيضاً في القطاع الزراعي، فهناك شركات في الأردن مثلاً لا تقوم بالضرورة باستهلاك المياه بالطريقة المثلى، وخاصة فيما يخص المنتجات الزراعية الأكثر احتياجاً للماء كالموز مثلاً، والذي يزرع في الأردن وفي إسرائيل وفي كثير من دول المنطقة.
ويذكر أن سبب اختيار مدينة عمّان، بالإضافة إلى مدينة كولونيا الألمانية، مقرا لدراسة برنامج الماجستير هو استقرار الأردن السياسي والاقتصادي، كما أن كل أنواع المظاهر المائية التي تحتاج إلى إيجاد حلول موجودة في الأردن، ما يجعل من مدينة عمان مقراً مثالياً.
دارسة ونزهة وفرصة عمل
وفي لقاء معها في جامعة كولونيا للعلوم التطبيقية، تتوقع الآنسة الأردنية هتاف ياسين، إحدى الطالبات الدارسات في برنامج الماجستير، أن يرتقع عدد الشركات العاملة في هذا المجال، ما يزيد من فرص عملها في بلدها. كما أنها تأمل في تحسين إدارة الموارد المائية لبلدها وتقول : "الجانب المميز في هذا البرنامج أننا نتعلم اللغة الألمانية رغم أن دراستنا هي باللغة الإنكليزية، كما أننا نقوم بجولات في المدن الألمانية، وفي الوقت ذاته هناك الجانب العلمي المتعلق بتعلم مهارات إدارة المياه".
وتذكر الطالبة الألمانية كريستسنا باتش أن هذا البرنامج يتيح لها الجمع بين اهتماتها المهنية وشغفها بالثقافة العربية وتقول إن ذلك يتم من خلال "اختلاط الألمان بالعرب، ومن خلال العمل المشترك وتعلم اللغة العربية والقيام معاً في نشاطات خارج إطار الدراسة، كالذهاب إلى السينما والرحلات الخاصة، والاحتفال معاً بأعياد ميلاد بعضهم البعض ".
الكاتب: علي المخلافي
مراجعة: لؤي المدهون