برلماني ألماني: بعثة المراقبين "ورقة توت" للنظام السوري
٩ يناير ٢٠١٢دويتشه فيله: سيد بولانتس، لم يستطع أي أحد لحد الآن أن يوقف إراقة الدماء في سوريا، حتى بعثة المراقبين من الجامعة العربية، لم يستطيعوا ذلك، هل فشلت في نظرك مهمة بعثة المراقبين العرب؟
روبريشت بولانتس: الجامعة العربية في مأزق، فمن ناحية تمارس الشعوب ضغطا كبيرا على حكومات الدول العربية، بسبب إراقة في سوريا واستعمال الرئيس السوري الأسد لأسلوب العنف، ومن جهة أخرى تعطي بعثة المراقبين العرب انطباعا أنها إما لا ترى ما يحدث أو أنها تتعرض للتضليل. وفي كلا الحالتين فإن مهمتها غير ناجحة.
الآن تريد الجامعة العربية تمديد مهمة بعثة المراقبين، ألا تعتقدون أن ذلك يعني أن وقتاً ثميناً جدا سيضيع؟
هذا يتوقف على مدى قدرة البعثة في أن تكون مهيأة فعلا وبشكل ما على أن تكون مؤثرة وقادرة على نقل ما يحدث. الأمر يتعلق أيضا بأن يتم دعم بعثة المراقبين العرب بخبراء في مجال حقوق الإنسان من الأمم المتحدة. أعتقد أنه سيكون من الذكاء كذلك لو تستطيع الجامعة العربية ممارسة ضغط على النظام السوري حتى يتمكن الصحفيون الأجانب من إعادة مزاولة نشاطهم الصحفي داخل سوريا. فمنذ مدة وكما هو معروف لا يُسمح للصحفيين الأجانب بتغطية ما يجري في سوريا. إن ما يضع الجامعة العربية في مأزق كذلك، هو أن هذه البعثة هي في حاجة إلى موافقة من الرئيس الأسد. فإما أن تفرض الجامعة العربية مبادئها، حتى يتمكن المرء من الحديث فعلا عن بعثة مراقبين مستقلة، أو أن تتخلى عن ذلك. لأن بعثة المراقبين التي تكون في حاجة إلى موافقة من الرئيس الأسد و معرضة للتضليل، لن تكون إلا مجرد ورقة توت للنظام السوري.
حتى دعم الأمم المتحدة هو في حاجة إلى موافقة من الأسد. هل تستطيع الأمم المتحدة أن يكون لها دور أكثر فاعلية من الجامعة العربية، عندما تكون طرفا في الموضوع أيضا؟
الأسد في مأزق أمام المجتمع الدولي، عندما لم يسمح بدخول خبراء حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة لسوريا. لكني أعتقد بعد كل ما يفعله وخاصة تعامله مع شعبه، أنه لا يكثرت بالمجتمع الدولي ولا بالانتقاد الموجه إليه، أشك كثيرا أنه بهذه الطريقة يمكن للمرء أن يوقف نهر الدم في سوريا.
عموما تعرضت بعثة المراقبين منذ البداية إلى انتقادات لاذعة، حتى أن المعارضة السورية طلبت في بعض المناسبات إيقاف عمل بعثة المراقبين العرب. هل تتفهم ذلك؟ هل كان سيكون وقف عمل البعثة منطقيا حقا؟
نعم، يمكنني أن أتفهم ذلك، لأنه من الطبيعي أن عدم وجود بعثة مراقبين تقول للعالم إن:" الوضع ليس سيئا كما يشاع، و أن البلاد تسير في الطريق الصحيح"- بينما الأمور تزداد سوءا كل يوم- خير من وجودها. لذلك فأنا أتفهم جيدا رد فعل المعارضة السورية.
الآن الجامعة العربية نفسها منقسمة إلى دول ما بعد الثورة و دول مستعدة للإصلاح ودول ذات أنظمة محافظة. هل يمكن أن يكون لاتحاد يحتوي على دول ذات توجهات مختلفة صوت واحد؟
الأمر صعب جدا على ما يبدو. الاجتماع الحالي والتأجيلات السابقة والمشاكل المتعلقة بجدول العمل وكذلك المشاكل المتعلقة ببعثة المراقبين تظهر كلها أن الأمر في غاية الصعوبة. ما زلت أتذكر جيدا قبل عام و في لقاء في بروكسيل، قال مدون مصري، بعد أن كانت تتم مخاطبة الجامعة العربية دائما كفاعل:" إنهم تماما الناس الذين نتظاهر ضدهم في مصر. ماذا تنتظرون حقا من الجامعة العربية؟" في الحقيقة الأمر لا أراه بهذا السوء، لأن من خلال التغييرات التي تعرفها بعض البلدان العربية سيحصل تغيير كذلك في الجامعة العربية. و إنه لمن الطبيعي والضروري أن تمارس دول المنطقة بنفسها ضغطا على سوريا، والجامعة العربية هي الفضاء المتاح الآن. لكن عندك حق: فبسبب اختلاف الاهتمامات والتوجهات بين الدول العربية يبدو أنه في غاية الصعوبة حصول تقدم ملموس. أمر واحد مؤكد وهو: أن الشعوب في دول عربية أخرى تنتظر أن يحصل تغيير في سوريا، حتى لا يتعرض مواطنيهم إلى المضايقات والاضطهاد والقتل. وهذا الضغط ينبغي أن تمارسه الحكومات العربية وكذلك الجامعة العربية.
لحد الآن لم تنجح أية ضغوط ممارسة على نظام الرئيس الأسد من إيقافه. ما الذي ينبغي أن يحدث، حتى يتغير الوضع؟
الدول المهمة فيما يخص العلاقات الخارجية السورية هي بالدرجة الأولى دول الجوار و تركيا جزء منها أيضا. لقد عبرت تركيا بوضوح عن موقفها المضاد لما يحصل في سوريا الآن. هل يمكن للعقوبات أو بشكل أخص الضغط الدولي أن يكون له تأثير؟ ينبغي للمرء أن ينتظر. الأمر للأسف لا يزال على حاله بالنسبة لإمكانية حصول شيئ مؤثر من جانب الأمم المتحدة، بسبب موقفي روسيا والصين في مجلس الأمن و اللتان تجمدان أي قرار ضد النظام السوري.
منذ اندلاع المظاهرات الاحتجاجية في سوريا وحسب توقعات الأمم المتحدة سقط في سوريا أكثر من خمسة آلاف قتيل. ألم يتجاوز الأسد منذ زمن بطويل خط الرجعة؟ كيف من الممكن أن يحصل سلام في سوريا مع رئيس مثل الأسد؟
أنا في الحقيقية أرى الأمر غير ممكن الحصول. السؤال المطروح الآن هو كيف سيحصل انتقال في السلطة، والتي ينبغي أن تتكئ على دعم الشعب، وكيف سينظم استفتاء دستور جديد، وكيف يمكن لجميع القوى في سوريا أن يشاركوا فيه. في كل الأحوال أعتقد أن كل هذه الأمور لن تتحقق مع الأسد.
أجرى الحوار: توماس لاتشان
ترجمة: ريم نجمي
مراجعة: عبده جميل المخلافي
روبريشت بولانتس حقوقي، عضو ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني منذ عام 1994، وخبير في الشؤون الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي، الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل. متخصص في شئون الشرق الأوسط.