برامج دراسية دولية تجذب الطلبة العرب للالتحاق بالجامعات الألمانية
٢٦ يوليو ٢٠٠٧تقدم بعض الجامعات الألمانية برامج دراسية دولية تؤهل للحصول على درجة الماجستير، وهي برامج تُدرس باللغة الإنجليزية ولا تشترط من الطالب إتقان اللغة الألمانية على خلاف غيرها من البرامج الدراسية، لذلك يقبل الطلبة الأجانب على دراستها على الرغم من محدودية التنوع فيها، حيث لا تشتمل على كافة التخصصات الأخرى التي تقدمها الجامعات في إطار برامجها التقليدية.
جامعة هانوفر إحدى الجامعات التي تقدم هذه البرامج الدولية، وتتميز بخبرتها الواسعة في مجال التطبيقات الوراثية على النباتات، فقبل عدة أعوام استضافت الجامعة مشروعا تدريبيا حول التكنولوجية الحيوية للنباتات تناول الكثير من المشاكل في الدول النامية، وعلى ضوءه قررت الجامعة تخصيص برنامج دولي موجه إلى الدول الآسيوية والعربية.
دراسة واعدة لكنها مكلفة
دراسة الهندسة الوراثية النباتية تعد من التخصصات التي يقبل عليها الطلبة العرب. الطالب الأردني ثقيف الخصاونة يدرس في جامعة هانوفر على حسابه الخاص منذ شهر كانون أول/أكتوبر 2006 في البرنامج الدولي للبساتين وتخصصه الدقيق هو الوراثة الجزيئية، ويرى الخصاونة أنه على الرغم من تحفظ القوانين الألمانية بشأن تطبيق الهندسة الوراثية على النبات إلا أن في ألمانيا إنتاج بحثي هائل في هذا المجال. يعزو الخصاونة هذه الغزارة في الأبحاث إلى إيمان العلماء بأن تطبيق الهندسة الوراثية على النبات سيقدم حلا للفقر في العالم الثالث.
لكن رغم جاذبية التخصص وتطبيقاته الواعدة فإن الدراسة تمر ببعض الصعوبات. حيث يعاني الخصاونة وبعض أصدقائه من الضغط المالي، فعندما حضر إلى ألمانيا لم تكن الرسوم الجامعية قد فرضت بعد، أما الآن فهو يسدد 500 يورو إضافية، ويحتاج قرابة الـ 600 يورو شهرياً لتأمين المستوى الأدنى من الحياة. إضافة إلى ذلك يجب عليه وضع ما يقارب من 8000 يورو في البنك قبل الحصول على الإقامة، ولا يمكن الأخذ من هذا المبلغ إلا بإشراف دائرة الهجرة والإقامة، وهذا بنظره إجحاف، إضافةً إلى تعارض هذا الوضع مع القانون الذي يسمح للطالب العمل بعد أخذ الإقامة، لأن طلب هذا المبلغ يفترض أن الطالب لا يحتاج إلى العمل.
المرونة البحثية سبب للالتحاق بالجامعات الألمانية
أحد مختبرات جامعة هانوفر.الطالب الأردني من أصل فلسطيني ضياء حسن يدرس التقنيات الحيوية الزراعية في جامعة هانوفر منذ كانون أول/ أكتوبر 2005 على حسابه الخاص، واختار حسن ألمانيا للدراسة بسبب المرونة التي تقدمها في مجال الأبحاث، وهذا برأيه بالطبع يشجع على الدراسة فهناك مرونة في التطبيقات والتدريب العملي أكثر مقارنة بدول أخرى، إضافةً إلى سمعتها العلمية التي تضعها في المقدمة بجانب الدول المتقدمة الأخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وبريطانيا.
أما الطالب المصري حسن غريب فهو يدرس التكنولوجيا الحيوية النباتية في جامعة هانوفر منذ كانون أول/ أكتوبر 2005 بمنحة دراسية، ولا يركز برنامجه بشكل أساسي على تطبيقات الهندسة الوراثية بل على التجارب المعملية في مجال الهندسة الوراثية، وقال غريب إن هذا الجانب لا يوجد عليه تحفظ بشكل كبير في القانون الألماني، لأن نتائج الدراسة ليس لها تأثير مباشر على المستهلك.
غريب اشتكى من وجود تفرقة بصفة عامة بين الطلبة الأجانب وبين الطلبة الألمان، ليس بسبب الجنسية وإنما بسبب تعامل البروفسورات المستمر معهم (مع الطلبة الأجانب) على أنهم أقل إطلاعا من الطلبة الألمان، إضافةً إلى التقييم المسبق لمهاراتهم واعتبارها قليلة مقارنة بنظيرتها عند الطلبة الألمان. وهو ما أكده الخصاونة حيث اشتكى من عدم حصول الطلبة على الأجازات الجامعية الواقعة بين الفصول الدراسية، على خلاف زملائهم من الألمان، لكن الإدارة الجامعية عزت هذا الأمر إلى قصر البرنامج الدراسي للطلبة الأجانب زمنيا ورغبتها في تحقيق أكبر فائدة علمية للطلبة في أقصر وقت.
"الجدل حول تطبيقات الوراثة لا يصدق"
ياكوبسن.يدور سجال واسع حول تطبيقات الهندسة الوراثية على النبات في ألمانيا. ففي حين يرى المؤيدون لزرع واستهلاك نباتات معدلة جينيا أنها وسيلة لتحسين جودة الثمار ورفع قيمتها الغذائية وبالتالي يمكن بواسطتها محاربة الجوع في المناطق الفقيرة في العالم، يرى المعارضون أن النباتات المعدلة جينيا قد تؤدي إلى تأثيرات سلبية على البيئة المحيطة على المدى الطويل، مثل تغيير الدورات الغذائية الطبيعية أو خروج سلالات غير معروفة سابقا من البكتريا قد تسبب أمراضا خطيرة. وبشكل عام تنحو القوانين الأوروبية في هذا المجال إلى التشدد، حيث لا يمكن الحصول على تصريح بزراعة نباتات معدلة جينيا إلى بعد استيفاء شروط كثيرة.
البروفيسور هانس جورج ياكوبسن المتخصص في الهندسة الجينية في النباتات والذي يُدرس حالياً في جامعة هانوفر، قال إن الاعتراضات على زراعة النباتات المعدلة جينيا "لا تصدق"، وأوضح أن العديد من المنظمات غير الحكومية في ألمانيا تتعيش من وراء هذا الاعتراض، فالمشكلة من وجهة نظره هي أن المعارضين غير مطلعين على الحجج العلمية، وأن الجدل الدائر لم يُبنَ على قاعدة علمية بل بني على قاعدة أيديولوجية، ولا يوجد هناك علاقة بين الأيديولوجية والعلم. ورأى ياكوبسن أن الإعلام لسوء الحظ يركز على هذه الادعاءات، وأعرب عن أمله في المستقبل أن يتم التركيز على الفوائد أكثر من التركيز على المخاطر.
الدكتور السوري فتحي حسن، المتخصص في الهندسة الوراثية، يوافق البروفيسور ياكوبسن في الرأي. ويرى الدكتور الذي درس في جامعة هانوفر ويعمل فيها الآن إن المساحات المزروعة بنباتات معدلة جينيا على مستوى العالم وصلت إلى 13 بالمائة، ويتوقع أن تتزايد هذه المساحات باطراد، لذلك لا يستبعد أن تنتشر زراعة النباتات المعدلة جينيا في ألمانيا عاجلا أم آجلا.
أمنية أسعد