انتشار السلاح في ليبيا – أكبر تحديات المرحلة القادمة؟
٦ نوفمبر ٢٠١١دخلت ليبيا مرحلة جديدة بعد انتهاء تفويض الناتو وبدأت تشق طريقها نحو بناء الدولة الجديدة وطي صفحة نظام العقيد معمر القذافي. وقد بدأت المشاورات بشأن تشكيل حكومة انتقالية جديدة برئاسة الأكاديمي الليبي عبد الرحيم الكيب، يتم الإعلان عنها خلال الأسابيع القادمة. ومن المنتظر أن تضم مختلف الأطياف وأن يتم اختيار أعضائها على أساس الكفاءة وليس المحاصصة. ويتوقع العديد من المراقبين أن مهمة أول حكومة ليبية بعد الإطاحة بنظام القذافي لن تكون سهلة بالنظر إلى حجم التحديات السياسية والأمنية التي تواجهها البلاد بعد ثمانية أشهر من الثورة الشعبية.
فكيف يمكن للمجتمع الدولي، لاسيما للتحالف الدولي الجديد المنبثق عن حلف الناتو تحت اسم "لجنة الأصدقاء لدعم ليبيا" مساعدة ليبيا في مواجهة تحديات المرحلة القادمة؟ وما هي نوع المساعدة التي يمكن للدول الغربية تقديمها للحكومة الانتقالية لمساعدتها على ضبط فوضى انتشار الأسلحة؟ وما هو الدور الذي يمكن أن تلعبه ألمانيا في هذا الاتجاه؟ تساؤلات تناولها برنامج تلفزيون دويتشه فيله عربية "مع الحدث" الذي استضاف في حلقته هذا الأسبوع عبد الرحمن شلقم، السفير الليبي لدى الأمم المتحدة وماتيو غيدار، أستاذ العلوم السياسية والخبير الاستراتيجي الفرنسي وكذلك ماتياس غروشيك، عضو لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني.
دعم بدون وصاية
وحول التحديات الأمنية في ليبيا بعد انتهاء تفويض قوات الناتو التي كان المجلس الوطني الانتقالي قد طلب تمديد مهامها إلى نهاية العام الجاري، أشار السفير الليبي في الأمم المتحدة، عبد الرحمن شلقم أنه "لم يعد هناك تهديد للمدنيين من قبل آليات معمر القذافي" واعتبر أن ليبيا توجه الآن تحديات من نوع آخر وتحتاج "إلى حكومة داخلية لها وعي بالاستحقاقات التي تواجهها وبترتيبات ثنائية مع دول الجوار". وفيما يتعلق بالتحالف الدولي الجديد الذي تقوده قطر، انتقد بشدة شلقم تدخل قطر في شؤون ليبيا الداخلية، كما رفض في هذا السياق أي تواجد أجنبي في ليبيا بدون موافقة الليبيين.
من ناحيته شدد ماتياس غروشيك، عضو لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني، على أن الليبيين هم الذين عليهم أن يختاروا طريقهم وأنه ينبغي على أوروبا ودول أخرى تقديم الدعم لهم في عملية نزع السلاح وتدمير الأسلحة الكيماوية. كما أكد على ضرورة عدم تدخل أوروبا بشكل كبير في الشؤون الليبية وأن ألا تكون وصية عليها. ودعا إلى بلورة موقف أوروبي موحد يكون مبنيا على الشراكة مع ليبيا. وفيما يتعلق بدور ألمانيا وما يمكن أن تساهم به في ليبيا في هذه المرحلة، أكد غروشيك على أن بلاده لن تتدخل عسكريا ولكنها ستدعم الشعب الليبي، مشيرا إلى أن ألمانيا تدعم بشكل مباشر ليبيا في معالجة الجرحى كما يمكنها أن تساعد في تدمير الأسلحة الكيماوية وفي بناء البنية التحتية ودعم المسار الديمقراطي "إذا طُلب منا ذلك من قبل الليبيين" على حد تعبيره.
توجس غربي من انتشار السلاح
ولا يزال انتشار السلاح بشكل كبير لاسيما المعدات الثقيلة والأسلحة المتطورة تثير قلق الدول الغربية وأيضا مخاوف إقليمية حيث تخشى بعض الدول من وصول تلك الاسلحة إلى بعض المنظمات الارهابية. وفي هذا السياق أشار الخبير الاستراتيجي الفرنسي، ماتيو غيدار، إلى إن المشكلة تكمن في السلاح الحربي كالصواريخ والمتفجرات القوية. وقال أنه من السهل التحكم فيه واسترجاع هذا السلاح إلى مستودعات الدولة الليبية في غضون أشهر لكن فقط في حال وجود جيش ليبي وطني وقيادة موحدة للثوار الليبيين. كما أجمع كل من الخبير الفرنسي وسفير ليبيا في الأمم المتحدة على أن فلول قوات القذافي والطوارق الذين هربوا بأسلحتهم إلى دول الجوار مثل النيجر يمثلون أكبر خطر يتربص بأمن ليبيا.
وحول ضبط فوضى السلاح وتجميعه شدد ماتياس غروشيك على ضرورة تجميع الأسلحة بشكل سريع كي لا يتم بناء وتشكيل قوى خارجة عن القانون. وحول الدعم الذي يمكن أن تقدمه ألمانيا في هذا الاتجاه قال "إن ألمانيا لا يمكن أن تساعد في جمع السلاح، ولكن في التخلص من الأسلحة بعد جمعها وتدمير الأسلحة الكيماوية إذا أراد الليبيون ذلك".
أما فيما يتعلق بالأسلحة الكيماوية فقد قلل السفير شلقم من المخاوف التي تثار في هذا الاتجاه وأكد خلال مشاركته في برنامج "مع الحدث" أن مخزون هذه الأسلحة معروف لدى منظمة الأسلحة الكيماوية في هولندا وهي تحت السيطرة ولا تشكل أي خطورة.
طارق أنكاي
مراجعة: يوسف بوفيجلين