النفط والإرهاب والإصلاح على رأس أعمال القمة الأمريكية- السعودية
تلعب المملكة العربية السعودية دوراً محورياً في إستراتيجية السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وذلك لأنها ثاني أكبر منتج للنفط حالياً. كما أنها صاحبة أكبر احتياطي عالمي له. هذه المعطيات حولت المملكة العربية السعودية إلى لاعب دولي مهم في منظومة العلاقات الدولية يشارك بشكل فعال في صوغ الخطوط العامة لمنظمة الأوبك. وعلى هذا النحو فهي أصبحت ضماناً لتزويد الولايات المتحدة بالنفط وللحفاظ على ثبات أسعاره مقابل ضمان الولايات المتحدة لأمنها واستقرارها السياسي.
تصدع في علاقات البلدين بعد 11 سبتمبر
تعرضت "الشراكة الإستراتيجية" بين الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للنفط في العالم، والمملكة العربية السعودية إلى تصدع لم يسبق له مثيل بعد هجمات 11 سبتمبر 2001. وقد تأثرت العلاقات بينهما بشكل سلبي جداً بسبب التغير الدراماتيكي لنظرة الإعلام وصناع القرار الأمريكيين إلى السعودية وتحميلها نصيب الأسد من مسئولية الهجمات نظراً لأن 15 من أصل 19 من منفذيها يحملون الجنسية السعودية. ومن المقرر أن يستقبل الرئيس الاميركي جورج بوش اليوم في مزرعته في تكساس ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز في لقاء قمة يخلو من القيود البروتوكولية، ويشكل فرصة ملائمة لبحث سبل إعادة تقييم وتطوير العلاقات الحيوية بين بلديهما.
ارتفاع أسعار النفط الهاجس الأكبر
ومن المتوقع أن يتربع موضوع الارتفاع القياسي في أسعار النفط التي تخطت الـ55 دولاراً للبرميل وتداعياته السلبية على الاقتصادين الأميركي والعالمي قمة أجندة المباحثات الثنائية وسط مخاوف من تقلص إمدادات البنزين الأمريكية قبل بدء موسم الصيف، وذلك بسبب تزايد طلبات الإمداد في الوقت الذي تعاني فيه بعض مصافي تكرير النفط من مشاكل كبيرة في الولايات المتحدة. ويعزي كثير من المراقبين تدني شعبية بوش إلى استمرار ارتفاع أسعار النفط، حيث أنها تضاعفت مقارنة بمستواها في عام 2000 حين انتخب بوش الابن للولاية الأولى. وقوبل هذا التطور الناتج عن تعويم الأسعار بشكل مكثف في السوق العالمية بامتعاض وتساؤلات أمريكية عما إذا كان السعوديون فعلاً "حلفاء حقييقين" للولايات المتحدة. ولذلك فإنه من المؤكد أن يطلب الرئيس الأميركي من ولي العهد السعودي بصراحة أن تقوم المملكة العربية السعودية بضخ كميات مناسبة من النفط لتغطية حاجة السوق العالمية.
كما يتوقع أن تشمل المحادثات بحث تطورات مسألة انضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية ودعم واشنطن لهذه العضوية. وتأمل السعودية في التوصل إلى اتفاق يمهد الطريق لعضويتها في هذه المنظمة العالمية، ويعمل المسئولون من الجانبين على مدار الساعة لتجاوز آخر العقبات حتي يتسنى الإعلان عن ذلك خلال اجتماع القمة.
مستقبل الشراكة السعودية- الأمريكية
لا شك أن حساسية الموضوعات المطروحة على طاولة محادثات القمة الأمريكية- السعودية لا ترتبط بعلاقاتهما الثنائية المميزة فقط، بل أيضاً بالتطورات التاريخية التي تشهدها ساحة الشرق الأوسط في هذه المرحلة الصعبة. فبجانب الشروع بإعادة تقييم للعلاقات التاريخية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، كأقدم حليفين استراتيجيين في المنطقة، سيبقي خطر الإرهاب في بؤرة محادثات الزعيمين في الوقت الذي تبذل فيه الرياض جهودا كبيرة لمكافحة المتطرفين الذين يهددون أمن واستقرار المملكة.
وفيما يتعلق بالنزاع الفلسطيني-الإسرائيلي فإنه من المتوقع أن يعيد ولي العهد السعودي طرح مبادرة السلام العربية التي أقرت في العام 2002 والتي تم إحياؤها في القمة العربية التي عقدت في الجزائر نهاية مارس/ آذار الماضي، لكن المعضلة الكبري أمام تعزيز العلاقات بين الحليفين التقليديين تكمن في إيجاد صيغة موائمة بين مشروع الدمقرطة الأمريكية وتحفظات النخبة السعودية الحاكمة أمام خطوات الإصلاح والانفتاح السياسية في بلد محافظ جداً لا يسمح فيه للنساء بأية مشاركة في الحياة العامة، ناهيك عن المشاركة في العملية السياسية.