الملف النووي الإيراني: الانتقال من سياسة الترغيب إلى سياسة الترهيب
بعد يوم من المفاوضات أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قرارا يتناول الإجراءات التي ستتخذها ضد إيران كرد على استئناف الأخيرة لنشاطها النووي. وناقشت الوكالة قرار تقدم به الاتحاد الأوروبي حول الملف النووي الإيراني يحث إيران على إعادة تجميد أنشطة تخصيب اليورانيوم. وينص القرار على انه يجب على إيران "ان تعود إلى التعليق الكامل لجميع الأنشطة المرتبطة بدورة الوقود النووي". وقالت المتحدثة باسم الوكالة مليسا فليمينغ "في اطار تعزيز الثقة راى مجلس الحكام ضرورة قيام ايران بتعليق كل النشاطات المرتبطة بتخصيب" اليورانيوم. كما عبر مجلس الحكام "عن قلقه العميق لقرار ايران استئناف نشاطات تحويل اليورانيوم" في اصفهان. وطالب مدير الوكالة "بتقديم تقرير شامل عن تنفيذ إيران لاتفاق معايير حظر انتشار النووي بحلول الثالث من سبتمبر/ايلول القادم". غير أن التقرير لم يتضمن إشارة إلى احتمال إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الذي يمتلك سلطة فرض عقوبات.
تأتي هذه التطورات بعد ان وصلت المفاوضات بين إيران والترويكا الأوروبية إلى طريق مسدود. وقامت إيران في وقت سابق هذا الأسبوع بإزالة أختام الوكالة الدولية للطاقة والتي وضعت بعض المعدات في منشأة أصفهان تحت إشراف الوكالة وذلك تميدا لمعاودة تخصيب اليورانيوم، منتهكة بذلك اتفاقا مع الاتحاد الأوروبي في العام الماضي، الأمر الذي دفع بالدول الأوروبية الثلاث (ألمانيا، فرنسا وبريطانيا) بدعوة مجلس محافظي الوكالة الدولية لاجتماع طارئ لمناقشة الموضوع.
رد الفعل الإيراني
وقد دافع رئيس الوفد الإيراني إلى وكالة الطاقة الدولية كيروس ناصري عن موقف إيران معتبرا ان بلاده تسعى فقط لإنتاج وقود نووي وبأنها على استعداد لتقديم الضمانات الكافية للأوروبيين بهذا الخصوص معتبرا انه من الخطاء ان تحتكر دولا قليلة إنتاج الوقود النووي. وحذر ناصري في مقابلة مع بي بي سي الولايات المتحدة وأوروبا من التصعيد مشيرا إلى ان ذلك سيكون "خطأ فادحا في التقدير". واعتبر المسؤل الإيراني بان إحالة القضية إلى مجلس الأمن لا يستند إلى "أي أساس قانوني". وأعربت إيران، التي تتمسك بحقها في تطوير التكنولوجيا النووية لتزويد البلاد بالطاقة الكهربائية، على لسان رئيسها عن استعدادها لخوض محادثات جديدة بشأن برنامجها النووي.
رفض صيني...
وفي الوقت الذي تعتقد بعض الدول بان موقفا متشددا من إيران قد يؤدي إلى انعزالها وبالتالي إغلاق قنوات التفاوض معها كما هو الحال مع كوريا الشمالية، ترى دولا أخرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة بضرورة اتخاذ هذا الموقف مع إيران. ويحاول الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة التوصل إلى حل ودي مع إيران في هذا الخصوص تتنازل بموجبه إيران عن مواصلة نشاطاتها النووية مقابل عروض مغرية لها.
اما الصين، صاحبة حق النقض في مجلس الأمن، فتعارض إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن باعتبار ذلك "ليس مفيدا" والقضية من اختصاص الوكالة الدولية للطاقة النووية، حسب تعبير السفير الصيني لدى الأمم المتحدة الذي يعتقد بان القضية تتطلب حلا دبلوماسيا وان إيران وأوروبا لم تتخليا بعد عن جهودها لإيجاد هذا الحل.
...وتشدد أمريكي
وتطالب الولايات المتحدة وبريطانيا إلى اتخاذ موقف متشدد حيال إيران. ونقل عن المتحدث باسم البعثة الأمريكية إلى الأمم المتحدة في فيينا قوله ان إزالة إيران للأختام تعد علامة أخرى على عدم اكتراث إيران بالمخاوف الدولية. وانضمت روسيا الشريك الأساسي لإيران في عملية تطوير الطاقة النووية إلى الأصوات المطالبة لإيران بوقف عمليات التخصيب. ودعا الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الاتحاد الأوروبي إلى عمل كل ما يمكن عمله لمنع إيران بالطرق الدبلوماسية عن تطوير الأسلحة النووية. ولوح بوش بان إحالة اللف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن سيكون مؤكدا لو أن إيران لم تتوقف عن نشاطاتها. وتهدد الإدارة الأمريكية إيران بأنها ستواجه بعزلة دولية. وتطالب واشنطن منذ وقت طويل بفرض عقوبات اقتصادية بحجة أنها اخفت نشاطات تخصيب اليورانيوم لمده 18 سنة.
موقف الأمم المتحدة
هذا وقد دعا الأمين العم للأمم المتحدة كوفي انان كل من إيران والدول الأوروبية إلى كسر الجمود في المفاوضات واستئناف الحوار لإيجاد مخرج للازمة عن طريق الحوار. ودعا عنان الأطراف المعنية إلى تجنب أي عمل من شانه "أن يؤدي إلى تصعيد الوضع مجددا". وأكد في الوقت نفسه إلى ان إزالة الأختام من جانب إيران يعتبر نقضا للاتفاقات الدولية.
تقرير: عبده جميل المخلافي