الألمان متمسكون بالسوق الإيرانية رغم الضغوط الأمريكية
رفضت العديد من الشركات الألمانية العاملة في إيران الاستجابة للمطالب الأمريكية الداعية إلى الخروج من السوق الإيرانية بعد ارتفاع حدة الخلافات بين طهران وواشنطن. ويأتي ذلك بعد تلويح الرئيس الأمريكي جورج بوش باحتمال توجيه ضربة عسكرية ضد إيران في حال رفضها الكشف عن أسرار برنامجها النووي بالكامل بالطرق الدبلوماسية. وقال متحدث باسم شركة مان فيروشتل التي تقوم ببناء اكبر معامل صقل المعادن في مدينة بندر عباس الإيرانية الساحلية "أن الشركة ستستمر في استغلال التعاون والتبادل التجاري العديدة مع الجانب الإيراني". ولا ترى شركتي سيمنس والبريد الالماني (دويتشه بوست) أي داع للانسحاب من السوق الإيرانية. يجدر ذكره أن شركة سيمنس تعمل في إيران في مجالات الطاقة والمنتجات الصناعية و التقنيات الطبية والاتصالات. أما شركة البريد الألماني فتنشط في إيران من خلال الخدمات البريدية السريعة.
بريتش بيتروليوم أول المنسحبين
وعلى صعيد النفط الذي تملك إيران ثالث أكبر احتياطي عالمي منه أعلنت شركات أوروبية رفضهما الانصياع للمطالب الأمريكية. فقد قررت كل من شركتي دويتش شل الألمانية وتوتال الفرنسية البقاء في إيران رغم تصاعد التهديدات الأمريكية لها. على عكس ذلك صرح مدير شركة النفط الإنجليزية العملاقة بريتش بيتروليوم BP عن وقف استثمارات الشركة في إيران إلى اجل غير محدد. وعزا ذلك لعدم رغبتها باستفزاز الأمريكان. ودفع هذا الأمر بوزير النفط الإيراني بيدشان نمدار سنغانه لوصف قول المدير بأنه "عمل غير أخلاقي".
مصالح ألمانية قوية
تتمتع ألمانيا بعلاقات اقتصادية عريقة مع إيران التي تعتبر أحد أهم شركائها التجاريين في منطقة الشرق الأوسط. وقد لاقت الصناعة الألمانية خلال الأعوام القليلة الماضية رواجاً كبيراً في السوق الإيرانية. وشمل ذلك بشكل خاص الاستثمار في المشاريع الحكومية. وحسب اتحاد غرف التجارة و الصناعة الألمانية ارتفع عائد الصادرات الألمانية إلى إيران خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الماضي بنسبة 30 بالمئة، أي ما يعادل ثلاثة مليارات يورو. ومن شأن عائدات كهذه جعل انسحاب الشركات الألمانية من السوق الإيرانية أمراً صعباً. ومثل هذه الانسحاب لن يتم إلا في حالة فرض عقوبات اقتصادية تُلزم حكومة برلين التقيد بها كما حصل أثناء الحظر الجوي ضد ليبياً والحصار ضد العراق قبل احتلاله.
ألمانيا متمسكة بالحل الديبلوماسي
تأتي الضغوط الأمريكية على الشركات الأجنبية في إيران كورقة ضغط إضافية عليها بهدف التخلص من برنامجها النووي. وتخشى الإدارة الأمريكية من قيام القيادة الإيرانية سراً بعمل دؤوب لتخصيب اليورانيوم وإنتاج قنبلة نووية. وعلى هذا الأساس أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأسبوع الماضي عن احتمال توجيه ضربة عسكرية ضد إيران في حال عدم كشفها عن تفاصيل برنامجها النووي. وترفض ألمانيا ومعها أهم الدول الأوروبية ذلك، لاسيما وأنها تشارك في المفاوضات الأوروبية- الإيرانية الهادفة للتوصل إلى حل سلمي للنزاع بشأن البرنامج النووي الإيراني. وبعيد تصريحات بوش دعا المستشار الألماني غيرهارد شرودر إلى ضرورة حله بالطرق الدبلوماسية.