المغرب يتبنى "الحزم" أمام "الحليف" الأميركي في ملف الصحراء الغربية
١٩ أبريل ٢٠١٣تبنّت المملكة المغربية موقفا حازما أمام سعي الولايات المتحدة تكليف بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، الخاضعة لسلطة المملكة. ويجازف المغرب بذلك، حسب محللين، بزعزعة علاقته "الاستراتيجية" مع الحليف الأميركي. فمنذ الكشف يوم الإثنين الماضي عن "مبادرات لتغيير طبيعة تفويض بعثة الأمم المتحدة" في الصحراء الغربية، تمّ إعلان التعبئة العامة في المملكة. وسيُطرح تجديد تفويض البعثة الأممية، التي تراقب وقف إطلاق النار في المنطقة منذ 1991، على مجلس الأمن الدولي قبل نهاية نيسان/ إبريل 2013.
وأثارت هذه المبادرة هزة مدوية في المغرب، حيث استدعى القصر الملكي بشكل عاجل جميع القوى السياسية في اجتماع تم فيه "تكرار التأكيد على الإجماع الوطني". وإلى جانب المؤسسة الملكية تحركت الأوساط السياسية والإعلامية المغربية برمتها. واعتبرت الحكومة المغربية أن مثل هذه المبادرات "تمس بالسيادة الوطنية" للمملكة المغربية. وبدأ وفد برئاسة المستشار الملكي ووزير الخارجية السابق الطيب الفاسي فهري جولة على العواصم ومن بينها موسكو بهذا الشأن.
وأكدت الرباط دفاعا عن نفسها أنها تبذل الكثير من أجل حقوق الإنسان في الصحراء فيما مدد مجلس الأمن في العام الفائت تفويض المهمة الأممية طالبا من المغرب "تحسين الوضع". فيما رحبت الجمعية المغربية للحقوق الإنسانية ومنظمة هيومن رايتس ووتش بتوسيع مهمة فريق الأمم المتحدة.
"قضية مقدسة"
وتشكل الصحراء قضية مقدسة في المغرب، ولا سيما منذ المسيرة الخضراء التي أطلقها الملك الحسن الثاني في 1975 "لاستعادتها" من إسبانيا آنذاك. لكن السلطات المغربية حرصت على الامتناع عن انتقاد الولايات المتحدة التي يربطها بها اتفاق للتبادل الحر وتشكل "شريكة استراتيجية". ولإثبات حزمِهِ اتخذ المغرب عدداً من إجراءات الرد على غرار إرجاء مناورات عسكرية مشتركة إلى أجل غير مسمى، كان يُفترض أن يشارك فيها 1400 جندي أميركي و900 مغربي. من جانبها صرحت السفارة الأميركية في الرباط بأن: "المغرب سيبقى حليفا ثابتا بالرغم من هذه العقبة".
ومع انعدام الاستقرار في منطقة الساحل جنوب الصحراء انتعش الاهتمام بالخلاف القديم على الصحراء الغربية، ويقيم فيها أقل من مليون نسمة. وبدأ المجتمع الدولي يتحدث عن الحاجة "الملحة" إلى العثور على حل بين الرباط واستقلاليي جبهة بوليساريو. فيما حذرت الحكومة المغربية من أن المبادرة الأمريكية الجارية ستكون لها عواقب وخيمة على الاستقرار في المنطقة.
"شد وجذب"
وفي محادثات توسطت فيها الأمم المتحدة حاول المغرب إقناع جبهة بوليساريو، بقبول خطته بأن تكون الصحراء الغربية منطقة تابعة له وتتمتع بحكم ذاتي موسع. وتقترح جبهة بوليساريو بدلاً من ذلك إجراء استفتاء بين أبناء الصحراء الغربية يضم خِيار الاستقلال، وإنْ كان لا يوجد اتفاق بين المغرب وبوليساريو حول من له حق المشاركة في أي استفتاء.
ويوجد انقسام في مجلس الأمن حول ذلك ملف الصحراء الغربية. وتحظى جبهو بوليساريو بدعم الجزائر وبعض الدول الأخرى، بينما تدعم فرنسا الرباط. وتتهم جبهة بوليساريو المغرب بانتهاك حقوق الإنسان بشكل متكرر في الصحراء الغربية، وطالبت بمنح بعثة الأمم المتحدة سلطة مراقبة أوضاع حقوق الإنسان.
وذكر تقرير أن بان غي مون الأمين العام للأمم المتحدة قال في هذا الشأن: "في ظل التقارير الحالية عن انتهاك حقوق الإنسان تصبح الحاجة إلى عملية مراقبة مستقلة ومحايدة وشاملة ومستمرة لأوضاع حقوق الإنسان في كل من الصحراء الغربية والمخيمات (مخيمات اللاجئين الموجودة في جنوب غرب الجزائر تحت نفوذ جبهة البوليساريو)، أكثر إلحاحا من ذي قبل".
ومن جهته اعتبر كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة أخيرا خلال جولة جديدة قام بها للمنطقة لاخراج الملف من الجمود الراهن أن حل قضية الصحراء الغربية صار "أكثر إلحاحا من أي وقت مضى" نظرا لعدم الاستقرار في منطقة الساحل.
ع.م/ م.س (أ ف ب ، رويترز)