المغرب - تحديات العودة لعضوية الاتحاد الإفريقي
٢٥ أكتوبر ٢٠١٦طلقات مدفعية واستعراض عسكري وعروض رقص تقليدية وجولة خاصة في المحمية الوطنية نغورونغورو. حكومة تنزانيا لا تريد ترك مجال الشك في أن ملك المغرب محمد السادس ضيف مرحب به في البلاد. تستغرق زيارة الملك في تنزانيا ثلاثة أيام وتأتي عقبت زيارة من نفس العيار في رواندا. الهدف الرسمي لهذه الجولة هو إنعاش العلاقات السياسية والاقتصادية بين المغرب ودول شرق إفريقيا. في رواندا وقع الملك والرئيس باول كغامي على 19 اتفاقية ثنائية، علما أن المنطقة لا تُعد شريكا وثيقا للمغرب.
لكن محمد السادس له مخطط إضافي هام : فبعد أكثر من 30 عاما يعتزم المغرب العودة إلى عضوية الاتحاد الإفريقي. وهذا ما سبق أن أعلن عنه في رسالة في يوليو/تموز الماضي أمام الجمعية العامة للاتحاد الإفريقي ـ وهو يواصل الآن حملته الترويجية لذلك، حيث إن هذا الملف يعتبر قضية مستعصية على الصعيد الدبلوماسيي. خلال فترة حكم والد محمد السادس، الملك الراحل الحسن الثاني انسحب المغرب عام 1984 من منظمة الوحدة الإفريقية آنذاك، في خطوة احتجاجية على ضم ما يطلق عليها جمهورية الصحراء الغربية، والتي يعتبرها المغرب حتى اليوم واحدة من محافظاته الجنوبية.
فما هي جذور هذا التحول في الرؤية المغربية الجديدة؟ ليزل لوف فودران، خبيرة الشؤون الإفريقية في جنوب إفريقيا لها جواب واضح على ذلك:"الدبلوماسيون المغاربة يقولون إن بلادهم أدركت أن ابتعادهم عن الاتحاد الإفريقي لا يخدم حملتها بشأن قضية الصحراء الغربية".
نظرة إلى الوراء: قبل نحو أربعة عقود ضم المغرب المستعمرة الإسبانية "الصحراء الغربية" في تشرين الثاني/نوفمبر 1975 إلى ترابه. ومازال الشطر الكبير من تلك الأراضي تحت سيطرة مغربية، فيما تحتل جبهة البوريساريو الشطر الشرقي. وهناك خلافات منذ ذلك الوقت. وكان السؤال القائم، هل الصحراء الغربية دولة مستقلة أم أنها كانت فقط امتدادا للمملكة المغربية؟ الأمم المتحدة تطلعت إلى حسم هذه المسألة من خلال تنظيم استفتاء. والمغرب مستعد مبدئيا لذلك، طالما كان بقي الحديث عن مشروع استقلال وعن حكم ذاتي داخلي للصحراء الغربية. وتحول الخلاف إلى نزاع مسلح استمر حتى أيلول/سبتمبر1991 مع البوليساريو حين أعلنت الجبهة وقفا لإطلاق النار تشرف على تطبيقه بعثة الأمم المتحدة. ويأمل المغرب من خلال العودة إلى الاتحاد الإفريقي الترويج بصفة أنجع لرؤيته في موضوع الصحراء، كما تقول الخبيرة ليزل لوف فودران.
رغبة في تمويل أفضل للإتحاد الافريقي
المغرب يبدي موقفا توافقيا ولا يربط هذه العضوية بأية شروط في موضوع الصحراء الغربية. ويأتي الدعم من شرق إفريقيا أيضا: "حان الوقت لعودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي"، كما تؤكد وزيرة الخارجية الرواندية لويز موشيكيوابو. كما صرح نظيرها التنزاني أوغوستين ماهيغا متفائلا:"إذا التزموا بالإجراءات، فلن تكون هناك انتفاضة كبيرة، بل بالأحرى سيُقال انتبهوا، إلى هنا سيعود واحد منكم!"
لكن يبدو أنه من الصعب تصور تعايش سلمي بين المغرب والآطراف الأخرى في الصحراء الغربية في حضن الاتحاد الإفريقي. وكانت 28 دولة قد وقعت فعلا قبل انعقاد الجمعية العامة للاتحاد الإفريقي في 18الـ تموز/يوليو في رواندا على التماس يطالب بطرد جبهة البوريساريو من الاتحاد الإفريقي.
ويملك المغرب هنا حجة قوية: فهو من بين الدول التي تتمتع برخاء في القارة، وبمقدوره مساعدة الاتحاد الإفريقي في ضمان تمويله الذاتي. وهذه ورقة قوية في وقت يطالب فيه زعماء أفارقة بضرورة تحقيق استقلالية أكبر عن الجهات الدولية المانحة. كما إن الخبيرة لوف فودران تشير إلى أن نيجيريا وأنغولا والجزائر، وهي قوى ممولة للإتحاد تعاني من أسعار النفط المنهارة.
اختبار دبلوماسي
قد يتم ضم المغرب في يناير/كانون الثاني المقبل إلى الاتحاد الإفريقي، وهو في حاجة لثلثي مجموع الأصوات داخل الجمعية العامة للأتحاد الإفريقي. وبالمقابل ليس هناك من خطط تود إقصاء دولة ما. ويعني ذلك أن المغرب سيكون مجبرا على كسب أصوات ثلثي مجموع أصوات دول الاتحاد الإفريقي حتى يمكن إجراء تعديلات على النظام الأساسي للإتحاد وباتالي إقصاء جبهة بوليساريو.
وإضافة الى رواندا وتنزانيا وغيرهما من الدول سيكون المغرب بحاجة إلى جهد دبلوماسي أكبر لإلحاق الهزيمة بمعسكر مساندي الطرف الآخر في موضوع الصحراء الغربية، ومن بين تلك الأطراف إفريقيا الجنوبية والجزائر، وهما بلدان لهما قوة تأثير داخل الاتحاد الإفريقي.
فليب زاندنير/ م.أ.م