حرب العراق
٢٦ سبتمبر ٢٠٠٦خلص تقرير سري للاستخبارات الاميركية كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" وحمل عنوان "توجهات الإرهاب العالمي: الانعكاسات على الولايات المتحدة"، خلص إلى أن الحرب على العراق وإسقاط نظام صدام حسين أدت إلى تفاقم مشكلة الإرهاب بصورة عامة، وجعلت من عراق ما بعد صدام مرتعا للإرهاب والإرهابيين. فهذه الحرب أدت إلى تعاظم الكره ضد الولايات المتحدة الأمريكية وكذلك إلى انضمام المزيد من الشباب المسلم إلى صفوف المنظمات الإرهابية.
وما يكسب هذا التقرير أهمية خاصة أنه جاء أيضا قبل ستة أسابيع من موعد الانتخابات التشريعية الأميركية وهو ما يشكل ضربة موجعة لحظوظ الرئيس جورج بوش وحزبه الجمهوري بالفوز بها. وعلاوة على ذلك، فإن هذا التقرير قد احتوى على خلاصة تحاليل جميع وكالات الاستخبارات الـ16 التابعة للحكومة الاميركية، والمعروفة بالاختصار NIE وهي وكالة متخصصة في تقديرات شؤون الأمن القومي الأمريكي. هذه الصفة والأهمية تعطيان التقرير الصادر عنها مصداقية وموضوعية خاصة.
الديموقراطيون يستغلون الفرصة
تصاعد النشاط الإرهابي وجد له تعبيرا من خلال الأنشطة الإرهابية الأخيرة، وخاصة تلك المتعلقة بالتخطيط لخطف طائرات عبر المحيط الأطلسي وتفجيرات لندن والإرهاب اليومي في بغداد. هذا الوضع يجعل من هذا التقرير تحليلا صريحا جدا للوضع العالمي ويعرض حقائق بينة لا لبس فيها، كما أوردت صحيفة "واشنطن بوست" على لسان مسؤولين بارزين في أجهزة الاستخبارات.
أما المعارضة الديموقراطية فقد اتخذت من التقرير فرصة لمهاجمة استراتيجية جورج بوش في حربه على الإرهاب. فقد صرح السناتور الديموقراطي كينيدي بأن هذا التقرير يشكل "ضربة قاضية للتفسيرات الكاذبة التي يقدمها الرئيس بوش في ما يتعلق بالحرب في العراق". وتساءل كينيدي في بيان صحافي له: "كم من التقارير المستقلة يجب أن تصدر وكم من القتلى يجب أن يسقطوا وإلى أي حد يجب أن يغرق العراق في الحرب الأهلية حتى يستيقظ البيت الأبيض ويبدل استراتيجيته في العراق."
أسامة بن لادن مازال طليقا
الكشف عن فحوى التقرير أوقع الرئيس بوش في مزيد من الحرج خاصة، وأنه قد أعلن في العديد من المناسبات بأن العالم قد أصبح أكثر أمانا بعد سقوط نظام صدام حسين، واصفا الحرب في العراق بأنها "الجبهة الرئيسة في الحرب على الإرهاب." لكن هذا التقرير يرى الأمور من منظور آخر ويضع علامات استفهام جديدة على مغزي هذه الحرب وآليات إدارتها، خاصة في ظل إزدياد حدة الجدل بشأنها داخل الولايات المتحدة وخارجها. ولذلك فقد أطلقت الإدارة الاميركية حملة دعائية كبيرة لإقناع الناخبين بان المهمة في العراق تندرج في إطار حرب عالمية ضد الإرهاب وأن بلادهم ستكون اقل أمانا إذا ما قرر الأمريكيون الانسحاب من العراق الآن.
ووفقا لتقرير "صحيفة نيويورك تايمز" فإن الولايات المتحدة الاميركية قد ألحقت أضرارا مهمة بتنظيم القاعدة وفي بنيته التحتية. وعلى الرغم من ذلك يبقى أسامة بن لادن، الرجل الملهم لتنظيم القاعدة، طليقا رغم تسريب وثيقة تم التشكيك في صحتها في فرنسا أفادت بأن المخابرات السعودية تعتقد أن ابن لادن توفي الشهر الماضي في باكستان. وفضلا عن ذلك فقد جعلت هذه الحرب من ابن لادن "قدوة للشباب" الذي ينضوي تحت إطار القاعدة. إلا أن الشبكات الإسلامية في الوقت نفسه فقدت مركزيتها وتشعبت في معظم أنحاء المعمورة. كما أشارت الصحيفة نفسها إلى أن العديد من الخلايا الإرهابية الجديدة قد نشطت وتطورت بصورة مستقلة دون أن يكون لها ارتباط مركزي وتستقي ايديولوجيتها من حوالي خمسة آلاف موقع إسلامي على الانترنت.
البيت الأبيض يقلل من أهمية التقرير
وكما هو متوقع قلل البيت الأبيض من أهمية الكشف عن محتويات هذا التقرير، معتبرا ان ما نشر عن التقرير لا يمثل مجمل الوثيقة. وفي هذا الإطار أكد بيتر واتكينز، أحد الناطقين باسم البيت الأبيض، بأن إدارة بوش لا تنوي تغيير استراتيجيتها في مجال مكافحة الإرهاب. وقال واتكينز: "لقد قلنا على الدوام إن الإرهابيين لديهم تصميم. وإبقاء الضغط والاستمرار في موقع الهجوم هما أفضل وسيلة لكسب الحرب ضد الإرهاب."
وتجدر الإشارة إلى أن هذا التقرير لم يشر إلى احتمال وقوع عمليات إرهابية جديدة على الأراضي الاميركية، لكنه يشير إلى أن المخاطر الإرهابية بصورة إجمالية تفاقمت منذ 11 أيلول/سبتمبر 2001 دون أن يتحدث عن سبل مواجهتها. وفي سياق متصل، أوضح مدير الاستخبارات الأمريكية نيجروبونتو في تصريحات صحفية بأن الصراع الأخير في لبنان قد يكون قد استقطب عناصر من القاعدة إلى لبنان. لكنه لم يقدم إجابة شافية فيما إذا كانت القاعدة ستشكل لها مسرح عمليات جديدة في المنطقة.
كتاب مشرف: "على خط النار"
يكشف الرئيس الباكستاني برويز مشرف في كتابه الموسوم بـــ"على خط النار" كيفية إقناع الولايات المتحدة إسلام آباد بالانضمام إلى الحرب على الإرهاب وبين مشرف تداعيات اعتداءات أيلول/سبتمبر على باكستان. وقال مشرف انه بدا في تلك اللحظة متأكدا بان أميركا سترد بشكل عنيف مثل الدب الجريح وفي حال تبين أن القاعدة وراء هذه الاعتداءات فإن الدب الجريح سيشن دون شك هجوما عنيفا على بلاده. وأضاف مشرف أن وزير الخارجية الاميركي السابق كولن باول اتصل به في اليوم التالي وقال له:"إما أن تكون معنا أو ضدنا". وكذلك أشار الكتاب إلى أن الاستخبارات الاميركية قد دفعت ملايين الدولارات لباكستان مقابل تسليمها مشبوهين بالإرهاب وهو ما قد يثير حملة استياء في أمريكا.