أمريكا تحيي ذكرى 11/9 وسط ازدياد الانقسامات حول استراتيجية مكافحة الإرهاب
١١ سبتمبر ٢٠٠٦في مثل هذا اليوم، 11 سبتمبر/أيلول عام 2001تعرضت أعتى قوة في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية لأعنف هجوم تشهده في تاريخها. يومها قام 19 من الانتحاريين بخطف أربع طائرات مدنية وضربوا بها مركز التجارة العالمي في نيويورك ووزارة الدفاع/ البنتاغون، بينما سقطت الطائرة الرابعة في حقول بنسلفانيا. حصيلة الاعتداءات كانت قرابة ثلاثة آلاف قتيل وآلاف الجرحى من المدنيين الأبرياء. وبهذه المناسبة الأليمة يحيي الأمريكيون والعالم اليوم الذكرى الخامسة لتلك الاعتداءات، لاسيما في المواقع التي تعرضت للهجمات.
بوش يزور أماكن الاعتداءات
أعطى الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش إشارة الانطلاق لإحياء ذكرى الاعتداءات، إذ قام اليوم ومعه السيدة الأولى لورا بوش بوضع باقة من الزهور في موقع مركز التجارة العالمي الذي دُمر، كما وقفا دقيقة حداد على أرواح الضحايا وهما يرتديان الثياب السوداء. ويتوجه الرئيس ايضا إلى مبنى وزارة الدفاع التي تعرضت للهجوم الثالث وإلى بنسيلفانيا (شرق) حيث سقطت الطائرة الرابعة. كما وقف الأمريكيون دقيقة صمت حدادا على ارواح الضحايا في الساعة الثامنة و45 دقيقة/ 12.45 بتوقيت غرينتش، وهي ساعة وقوع الاعتداءات الأول على برج مركز التجارة العالمي في نيويورك. كما تنكس الأعلام على البلديات والمنازل وتقام المراسم الدينية في كنيسة القديس بولس قرب الموقع الذي وقعت فيه الهجمات على نيويورك. هذا وسيدلي الرئيس الأمريكي بخطاب متلفز الساعة 21:00 بالتوقيت المحلي. ويتوقع ان يؤكد بوش في خطابه تصميمه على محاربة الإرهابيين في وقت يستعيد فيه الاميركيون مشاعر أليمة في يوم الذكرى.
جدل داخلي حول إستراتيجية بوش لمكافحة الإرهاب
إذا كان الأمريكيون لا يزالون موحدين في مشاعر الألم بسبب ما حدث يوم الحادي عشر من سبتمبر/ ايلول عام 2001، إلا انهم بعيدون عن مشاعر الوحدة التي تجلت في ذلك اليوم حينما اصطفوا خلف رئيسهم الذي وعدهم آنذاك بالقضاء على الإرهاب. فهذه الذكرى تأتي اليوم وسط ازدياد الانقسامات داخل البلاد حول قضايا هامة من أهمها "الحرب على الإرهاب" نفسها إضافة إلى حرب العراق. هذا الانقسام والتباين في المواقف إزاء طريقة إدارة الرئيس بوش للحرب على الإرهاب تجلى واضحا في الانتقادات التي وجهتها الصحف الأمريكية الصادرة اليوم. فهذه الصحف ركزت على أهمية الحرب على الإرهاب، إلا انها انتقدت إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش لإخفاقها في وضع استراتيجية فعالة لخوض تلك الحرب. إضافة إلى ذلك هناك مسألة أخرى تثير الجدل الواسع داخل الولايات المتحدة وتتمثل في تضييق الحريات الشخصية بسبب الضرورات الأمنية. وتجد الحكومة الأمريكية صعوبة فعلية في تبرير برنامج التنصت على المكالمات الهاتفية أو حتى وسائل الاستجواب المتشددة والإجراءات البوليسية.
استمرار خطر القاعدة وطالبان
ففي أفغانستان، الجبهة الأولى في "الحرب على الإرهاب" التي بدأت في تشرين الأول/أكتوبر 2001 كرد على اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، تتصاعد المعارك مع حركة "طالبان" التي كان يعتقد بأنها قد هزمت وإلى غير رجعة. هذا مع استمرار بقاء الرأس المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر، أسامة بن لادن حرا طليقا رغم وعد بوش بالقبض عليه. كما إن منظمة القاعدة مازالت تمتلك بشكل أو بأخر القدرة على النشاط والتخطيط والتنفيذ لأعمال إرهابية، بل إنها تكاثرت على شكل منظمات عدة إما رديفه لها أو من خلال الاسترشاد بنهجها. وقبل أربعة أيام على ذكرى سبتمبر وكما جرت العادة كل عام، حيث تحتفي القاعدة بالمناسبة ولكن على طريقتها، عاد زعيمها ليذكر الإدارة الأمريكية بأنه لا يزال حرا طليقا. كما عاد اليوم الاثنين نائبه ايمن الظواهري الى الظهور ليقول للأمريكيين بأن تنظيم القاعدة لا يزال موجودا، إضافة إلى أنه توعد بمزيد من الهجمات الإرهابية.
سقوط القناع عن أقوى مبررات الحرب على الإرهاب
لكن "المستنقع العراقي" يبقى مصدر سخط متزايد من قبل الشارع الأمريكي، إضافة إلى أنه خلق بؤرة مواجهة جديدة بين الولايات المتحدة والإرهابيين مما وسع جبهة الحرب على الإرهاب. وهو الأمر الذي يعتبره المحللون خطاء إستراتيجيا لأنه ساهم في خلق بيئة مناسبة للإرهاب. وقد كلفت هذه الحرب الشعب الأمريكي حوالي 2600 جندي أمريكي منذ اندلاعها عام 2003 ناهيك عن الخسائر المادية والمعنوية التي تسببت بها حتى الآن. ومع مرور الوقت فقدت مسوغات الحرب هذه مصداقيتها حيث أن الإدارة الأمريكية لم تعثر على أسلحة الدمار شامل التي كانت تدعي حيازة نظام صدام حسين لها. أما المبرر الأخر لهذه الحرب والمتمثل في وجود علاقة بين نظام صدام حسين وتنظيم القاعدة فكان هو الآخر، باعتراف مجلس الشيوخ الأمريكي، مجرد مظله لكسب شرعية لهذه الحرب. في هذا السياق أكد تقرير صدر عن مجلس الشيوخ الاميركي ونشر الجمعة الماضية ان الرئيس العراقي السابق صدام حسين لم تكن له علاقة بتنظيم القاعدة بل إنه "كان يرتاب بالتنظيم ويعتبر الإسلاميين المتطرفين تهديدا لنظامه".
دويتشه فيله (ع.م)