هول الصدمة ما يزال يخيم على نيويورك رغم مرور 5 سنوات على 11/9
١١ سبتمبر ٢٠٠٦يصف دافيد، صاحب محل لتصليح الأحذية، لحظة الحدث بالقول بأن طابور طويل من الناس وقف أمام محله يريدون التحدث من خلال تلفونه الثابت، لأن أجهزة التلفون المحمول توقفت عن العمل تماما. "كان الحدث مروعا. لقدر رأيت بأم عيني الحريق وأجزاء متناثرة من أعضاء القتلى"، يقول النيويوركي دافيد ويتذكر ما حدث في تلك اللحظة بصعوبة لأنه في ذلك اليوم أطلق ساقه للريح هاربا دون أن يتمكن من إغلاق محله. وبعد أن هدأت الأمور وعادت الحياة إلى المدينة جاء إلى محل دافيد زبائن من كل مكان ليطمئنوا عليه ولمؤازرته في محنته بعد أن ألحقت الهجمات أضرارا مادية جسيمه به وهو الذي يقتات منه لقمة عيشه حتى انه بالكاد إستطاع دفع ايجاره الشهري. ويستطرد دافيد واصفا التغيرات التي شهدها الحي النيويوركي المنكوب قائلا بأن الأضرار لحقت بالكثير من المحلات التجارية، مما دفع بالكثير لهجر المنطقة التي تحولت إلى منطقة سكنية. حاليا بدأت الحركة التجارية تعود إليها شيئا فشيئا. وحول ما إذا كان دافيد يشعر بالأمان يقول بأنه بعض الأحيان يشعر بالخوف ولاسيما عندما يكون في القطار: "لا يعرف المرء أبدا ماذا يمكن أن يحدث". ويضيف بنظرة قلقة، دائما عندما يقترب القطار من مانهاتن يبدأ المرء في الإمعان في التفكير. "لكن الحياة يجب تستمر".
"كثيرون لم يفيقوا بعد من وقع الصدمة"
لا يستطيع جيري حتى الآن أن يستوعب التغيرات التي حدثت عقب تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في مدينته. فهو طبيب نفسي ويتعامل من الناس، الذين وقعوا تحت الصدمة ولا زالوا حتى اليوم يعانون من نتائجها ويحاولون التغلب عليها. "بعض الناس حققوا تقدما على هذا الصعيد، بينما البعض الأخر لا زال يراوح مكانه". ويضيف جيري بأنه بالذات في الذكرى السنوية لهذه المأساة يستعيد الناس الذكريات الأليمة بشكل اكبر. وينصح جيري بزيارة منطقة برجي التجارة العالمية لمعرفة التغيرات التي حدثت بسبب التفجيرات، مشيرا بأن من يزور المكان يدرك سريعا مدى حجم التغيير. ويضيف جيري بأن معظم الناس الذين يسكنون بالقرب من مكان الانفجارات عايشوا الحدث عن كثب وتأثروا به أكثر بحيث ترك فيهم أثر كبيرا حتى اليوم. "ذلك الركام من الدخان والأنقاض ترك أثرا عميقا" في نفوس أولئك الذين عايشوا تلك اللحظة. وحول ما إذا كان جيري لا يزال يشعر بالخوف يقول "لا"، ولكنه يعتقد بأنه أصبح أكثر حساسية من ذي قبل " ارتفعت درجة الانفعال تجاه بعض الأشياء التي تبدو غير معتادة". ويضيف بأن الشعور يختلف من يوم إلى أخر حسب درجة التحذير المعلنة من السلطات وطبيعة الوضع السائد. فمثلا في جنوب مانهاتن تجرى تدريبات كثيرة لرجال الشرطة. ويختم جيري حديثه إلينا بقوله: "عندما يتجمع عدد كبير من الشرطة، يكون المرء غير متأكد ماذا كان الأمر يتعلق فعلا بتدريبات روتينية أم أن هناك شيئا ما!"
"كان يوما مخيفا"
بالنسبة لكارل، تاجر مجوهرات، يمثل الحادي عشر من سبتمبر يوما مخيفا."لقد كان شيء لا يخطر على البال. مازال الأمر يشغل تفكيري حتى اليوم و لازال يشغل بالي". ويفخر كارل بالمشاركة الفعالة في الإنقاذ ليس فقط قبل القوات المختصة التي اثبت قدرات كبيرة، حسب وصفه، وإنما أيضا من قبل الجمهور العام حيث المشهد بقوله: "رغم الفوضى التي سادت فقد قاموا بواجبهم كما يجب وقدموا أفضل ما يستطيعون تقديمه لإعادة الأوضاع إلى حالتها الطبيعية". يعيش كارل منذ قرابة 30 سنة في مانهاتن ويعرف المنطقة جيدا، ويضيف في معرض حديثه معنا: "فقدنا عدد كبير من الناس في التفجيرات". ويشير كارل مثل دافيد إلى أن كثير من المحلات التجارية هجرت المنطقة كما يتحدث عن صعوبات إعادة ما دمرته الكارثة: "لقد كافح كفاحا مريرا لإعادة محله التجاري إلى المكان الذي كان عليه قبل هذه الحادثه. الآن تحسنت الأمور إلى حد كبير وإن كان ذلك يمر ببطء، فأنا متفائل جدا".
"لدى كل شخص شيئا من البارانويا"
تعتقد ماجالي، وهي مساعدة طبيب، أن مواطني نيويورك أصبحوا بعد الحادي عشر من سبتمبر أكثر حذرا من ذي قبل. "كل واحد لديه شيئا من البارانويا" (الهوس). لكنها تعتقد الآن وبعد هذا الوقت الطويل أصبح الأمر هينا إلى حد كبير وتقول في معرض وصفها لتداعيات الصدمة: "في البداية كان كل شيء مضطربا ومع كل صوت غريب وكل تحذير كان المرء يصاب بالفزع". هي شخصيا تشعر الآن بالأمان من جديد، لأنها تحاول نسيان ما حصل وعدم التفكير به، حسب تعبيرها.
"الناس لم تعد منفتحة كما كانت من قبل"
أما نانسي، عاملة مكتبة في شارع "شامبرز"، فتصف ما حدث في ذلك اليوم بأنه كان "غير معقول". وتضيف قائلة: "كانت الفوضى العارمة تسود الشوارع وكان الناس في حالة ارتباك كلي، مشيرة إلى انه لم يتضح لها ولا للناس في بداية الأمر ما يحدث. عندما سقطت البناية الأولى كان الناس لا يزالون في الشوارع ويعرفون ماذا يتوجب عليهم عمله. لقد هرعوا ببساطة في صوب الشمال". كانت نانسي في تلك اللحظة مع زملائها العاملين في المكتبة وكان الوقت بداية الفصل الدراسي، لكنه توجب عليها في نهاية الأمر إغلاق المكتبة والتوجه أيضا صوب الشمال، كما تقول، وذلك "لأن الأمر كان ببساطة لا يحتمل: الدخان الكثيف والأتربة وكل شيء". وفي الأسبوع الأول من شهر أكتوبر بعد الحادثة أعادت نانسي فتح المكتبة. وتصف نانسي آثار الكارثة على المحلات التجارية بالقول بان محلات بالقرب من مكتبتها تكبدت خسائر فادحة لم تستعيد عافيتها بعد تماما. وحول الآثار النفسية، التي تركتها الكارثة على سكان عاصمة العالم، تعتقد نانسي بأن الناس لم يعدوا منفتحين كما كانوا من قبل: "الآن يتعاملون مع بعضهم بحذر إلى حد كبير. لم أعد أرى الناس يضحكون كثيرا. تسود أجواء مختلفة الآن". وعما إذا كانت نانسي تشعر بالأمان تجيب مطمئنة نفسها بالقول:"هذا يمكن أن يحدث في أي مكان وبالتالي يجب أن يكون المرء على وعي بذلك".