السجن 5 أعوام للصحفي المغربي الريسوني بتهمة الاعتداء الجنسي
١٠ يوليو ٢٠٢١قضت محكمة مغربية الجمعة بسجن الصحفي سليمان الريسوني خمسة أعوام لإدانته بـ"اعتداء جنسي" في حق شاب، بينما غاب المتهم عن محاكمته بسبب إضراب متواصل عن الطعام منذ 93 يوماً.
واعتقل الريسوني (49 عاماً) قبل أكثر من عام في قضية يعتبرها "مفبركة" بسبب آرائه وكان يشغل منصب رئيس تحرير صحيفة "أخبار اليوم" اليومية والتي توقفت عن الصدور بعد سجن رئيسها السابق توفيق بوعشرين والحكم عليه بالسجن 15 عاماً بتهمة "الإتجار في البشر".
وغاب الريسوني عن الجلسات الأخيرة من محاكمته منذ منتصف حزيران/يونيو، مؤكداً في الوقت نفسه على لسان دفاعه "تشبثه بالحضور شريطة نقله في سيارة إسعاف وتمكينه من كرسي متحرك"، وسط مخاوف المتضامنين معه من تدهور صحته. لكن المحكمة قررت المواصلة في غيابه، ما جعل دفاعه يحتج بالانسحاب من المرافعات في الجلسات الأخيرة.
ويوم الجمعة (التاسع من تموز/يوليو 2021) أصدر القاضي أمراً بإحضار الصحفي الذي اشتهر بافتتاحياته ذات النبرة النقدية، لكن الريسوني رفض الحضور، ليتم النطق بالحكم في غيابه. وينص الحكم أيضاً على أداء تعويض نحو 11 ألف دولار لصالح المشتكي.
من جهتها طالبت النيابة العامة بإدانة الريسوني بأقصى العقوبات، مؤكدة أن "تصريحات الشاكي به منسجمة ومنطقية"، واعتبرت غياب الصحفي "بمثابة عصيان" لأوامر قضائية.
وقال ميلود قنديل محامي الريسوني لوكالة فرانس برس: "هذه مجزرة قضائية. كيف يمكن إدانة متهم في غيابه وغياب دفاعه؟ هذا غير مسبوق".
تضامن حقوقي مع الريسوني
ويرى حقوقيون محليون وأجانب أن إدانة الريسوني سياسية لقصف قلمه "المزعج" و"المثير للجدل". وطالبت منظمات حقوقية محلية ودولية وأحزاب سياسية مغربية ومثقفون في عرائض وبيانات سابقة بالإفراج عن الريسوني، بينما تشدد السلطات في مواجهة هذه المطالب على استقلالية القضاء وسلامة إجراءات المحاكمة.
ويثير استمرار الريسوني في إضرابه عن الطعام قلقاً بالغاً لدى عائلته والمتضامنين معه، حيث ناشد دفاعه المحكمة في جلسة سابقة الثلاثاء نقله إلى المستشفى "لإنقاذ حياته"، مؤكدين أنه "محب للحياة، وأنه لم يختر الإضراب عن الطعام، لكنه فرض عليه بسبب إحساسه بظلم فظيع".
وعلى أثر اعتقاله، طالب متضامنون معه، بينهم نشطاء حقوقيون ومثقفون وسياسيون من مشارب مختلفة، بالإفراج عنه، منددين في عريضة "بأسلوب استهداف الصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان المنتقدين للسلطة الذي أصبح نمطاً قائم الذات، لارتكازه على تهم الاعتداء الجنسي بشكل متكرر".
وأكد المشتكي في مناسبات عدة "عدالة قضيته" وأنها "لا تحتمل التوظيف ولا المزايدة من طرف أية جهة كانت، وهو ما لن أكون مسؤولاً عنه في حال حدوثه" وفق ما أوضح محاميه عمر ألوان لفرانس برس.
وقالت سعاد براهمة نائبة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (وهي أبرز جمعية حقوقية مغربية مستقلة) ومحامية الريسوني لرويترز "إن المحاكمة انتفت فيها شروط المحاكمة العادلة خاصة في ظل تغييبه قسراً عن جلسات محاكمته".
وتزامنت محاكمة الريسوني مع محاكمة أخرى يمثل فيها زميله الصحفي والناشط الحقوقي عمر الراضي (34 عاماً) بتهمتي "تخابر" و"اعتداء جنسي"، بعد بلاغ قدمته ضده زميلة له في العمل، كما سبق أن دينت الصحفية في الجريدة نفسها هاجر الريسوني، وهي قريبة سليمان، العام 2018 بالسجن عاماً بتهمة الإجهاض وإقامة علاقة غير شرعية، في قضية أثارت ضجة كبيرة قبل أن يتم الإفراج عنها بموجب عفو ملكي.
إدارة السجون: إضراب مزعوم
في المقابل قللت إدارة السجون المغربية في مناسبات عدة من خطورة الوضع، وأكدت لوكالة الأنباء المغربية الثلاثاء أن "الإضراب المزعوم عن الطعام (...) مناورة تكتيكية يروم الريسوني من ورائها دفع القضاء إلى إطلاق سراحه"، و"استدرار تعاطف الرأي العام".
وكان الريسوني قد ظهر آخر مرة في المحكمة مطلع حزيران/يونيو حيث دخل القاعة متمايلاً لا يقوى على المشي، وبدا نحيلاً، ما أثار ذهول الحاضرين وبكاء أفراد عائلته.
وجاء اعتقال الصحفي المغربي بعدما نشر المشتكي، وهو ناشط في الدفاع عن حقوق أفراد "مجتمع الميم" (المثليون والمثليات ومزدوجو الميول الجنسية ومتحولو النوع الاجتماعي)، تدوينةً على فيسبوك يتهمه فيها بالاعتداء عليه جنسياً.
وقررت النيابة العامة ملاحقة الريسوني بتهمة "هتك عرض شخص باستعمال العنف والاحتجاز"، بعدما تم الاستماع للمشتكي. وظل الريسوني رهن الاعتقال على ذمة التحقيق لتبدأ محاكمته في شباط/فبراير.
ع.ح./ز.أ.ب. (أ ف ب ، رويترز)