الخبراء يتحدثون عن "جيل جديد" من الإرهابيين في مصر
جاءت الاعتداءات التي شهدتها العاصمة المصرية السبت الماضي ومشاركة فتاتين فيها لتشكل سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ النشاط الأصولي في مصر وظاهرة خطيرة في آن واحد. ويختلف المراقبون في تقييم مسألة مشاركة نساء في العمليتين الإرهابيتين. ففي حين يتحدث بعضهم عن أن ضلوع الفتاتين في هجمات السبت هو "إشارة إلى حدوث تحول في نشاط الإسلاميين المصريين"، يرى البعض الآخر أن ما حدث "يقتصر على حالات فردية وغير منظمة."
في هذا الخصوص قال الصحافي المصري ناجي عباس في حديث مع موقعنا "دويشه فيله" إن الهجمات التي تعرضت لها مواقع سياحية السبت في القاهرة "جاءت كرد فعل جيل شاب في المجتمع المصري على الأوضاع في العراق وأفغانستان وفلسطين وعلى السياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة، ولكن بالدرجة الأولى على الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر نفسها." ويرى عباس أن الهجومين هما "عمل إرهابي عشوائي وغير منظم." أما بخصوص منفذي الهجمات فقد قال المختص في الشؤون المصرية إن المعتدين "لم يستوعبوا على ما يبدو الاتفاق الذي توصلت إليه السلطات المصرية مع أقطاب الحركات الإسلامية في الربع الأول من العام الماضي 2004." من جانبه اعتبر نبيل عبد الفتاح من مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية أن مشاركة نساء في العمليتين الإرهابيتين هي "ظاهرة جديدة وتغير كبير في ممارسات الإسلاميين في الساحة المصرية"، وإن النساء "انتقلن من تقديم الدعم للرجال إلى العمل المباشر."
وفي حين أعلنت السلطات المصرية في البداية عن أن الحديث يدور عن رجلين قاما بتنفيذ الاعتداء، بينت وزارة الصحة فيما بعد أن فتاتين تقفان وراء الاعتداء وهما شقيقة الإسلامي إيهاب يسري ياسين نجاة يسري ياسين (22 عاما) وخطيبته إيمان إبراهيم حسن (19 عاما). وإيهاب يسري ياسين هو منفذ الاعتداء الأول الذي استهدف مجموعة من السياح قرب متحف في القاهرة ووقع قبل وقت قصير من الاعتداء الذي نفذته الفتاتان في حي السيدة عائشة الذي يرتاده عادة سياح أجانب.
جيل جديد من الإسلاميين في مصر ؟
يجمع الخبراء على القول إن مصر تشهد في الآونة الأخيرة ظهور جيل جديد من الإسلاميين المتطرفين غير المسجلين لدى السلطات الأمنية المصرية، مما يجعل ملاحقتهم ورصد تحركاتهم من قبل السلطات المصرية المختصة مسألة في غاية الصعوبة. وفي هذا الخصوص يقول عباس إن هذا الجيل "تجمعه نزعة النقمة على السياسة الأمريكية في المنطقة." وإن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والعراق وأفغانستان هي "تربة خصبة" لظهور هذا الجيل. وأضاف أن الأوضاع في المنطقة "دفعت هذا الجيل إلى البحث عن صياغة جديدة لنهجه ومواقفه مما يحدث على الساحة العربية." ولكن الصحافي أكد في الوقت ذاته على أنه من المبكر الحديث عن عمل منظم أو أن يكون ما حصل إشارة إلى حدوث تحول في نشاط الأصوليين المصريين، بل أن ما حصل هو "عمل إرهابي عشوائي" ولا يخرج عن نطاق الأفراد والجماعات الصغيرة.
وفي حين يتفق الخبراء على عدم وجود منهجية سياسية خلف الهجمات الأخيرة، يلفت بعضهم الانتباه إلى صعوبة مراقبة وملاحقة جماعات صغيرة غير مؤطرة وفي الوقت ذاته مجهولة لدى السلطات المصرية المختصة. أما الخطورة الثانية فتكمن في ممارسة هذه الجماعات لأعمالها الإرهابية بشكل عشوائي واستهدافها لأية تجمعات بشرية ولاسيما الأجانب والسياح، وذلك بهدف إيقاع أكبر عدد من الخسائر البشرية وتحقيق أكبر صدى إعلامي.
جماعات مجهولة تتبنى العمليتين
دخلت جماعتان مجهولتان اعلنا مسؤوليتهما عن العمليتين قاموس الجماعات الإرهابية. وقد تبنت جماعة تطلق على نفسها اسم "كتائب الشهيد عبد الله عزام" الهجومين، في حين أعلنت مجموعة ثانية تدعى "مجموعة مجاهدي مصر" مسؤوليتها عن القيام بالاعتداءين. ووفقا للمراقبين فإن الهجمات الأخيرة التي شهدتها القاهرة تنبئ بمحاولة تنظيم "القاعدة" نقل العنف إلى الأراضي المصرية وظهور جيل جديد من المتطرفين يلجأ إلى العنف كطريقة لتحقيق أهدافه، وذلك من خلال ضرب مرافق سياحية. وعلى هذا الصعيد يؤكد خبراء اقتصاديون على أن قطاع السياحة المصري لن يتضرر من العمليتين وأن الأرقام القياسية التي حققها هذا القطاع في العام الماضي لن تتراجع على أثر العمليات الإرهابية. يذكر أن عدد السياح الأجانب الذين زاروا مصر المشهورة بآثارها الفرعونية وشواطئها الخلابة الواقعة على البحر الأحمر بلغ في العام الماضي ثمانية ملايين سائح.
"كفاية" تشجب وتتمسك بمطالبها الإصلاحية
دانت الحركة المصرية من أجل التغيير "كفاية" بقوة الهجمتين الإرهابيتين، واصفة إياها بأنها "أعمال إرهاب إجرامية شنتها قوى الظلام، ليس فقط ضد السياح الأجانب، بل ضد مصر والإنسانية والإسلام وجميع الديانات." وأعربت "كفاية" في بيان صحفي حصل موقعنا على نسخة منه عن تخوفها من أن تكون "الأعمال الهمجية" بداية لموجة جديدة من العنف في مصر، مشيرة إلى أنه "ليس بالصدفة أن تتكرر تلك الجرائم الوحشية في وقت يتصاعد فيه النضال من أجل الإصلاح السياسي والدستوري." وشجبت الحركة الهجمات قائلة إنها أعمال يائسة تقوم بها مجموعات معزولة تماما في المجتمع المصري وتهدف من خلالها انتزاع زمام المبادرة السياسية من قوى تبذل جميع جهودها لإجراء إصلاحات سياسية ودستورية في مصر. أما شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي فقد أدان الاعتداءين بالقول إن ما حدث هو "عمل إجرامي خسيس" يهدف إلى زعزعة الاستقرار في الأراضي المصرية.
ناصر جبارة