الحوار الإسلامي - المسيحي: ركيزة أساسية لاندماج المسلمين في ألمانيا
بعد مرور أربع سنوات على وقوع الجرائم الإرهابية الشنعاء، التي ارتُكبت في كل من نيويورك وواشنطن، وقع ممثلو كبريات المنظمات الإسلامية في ألمانيا في الـ11 أيلول/سبتمبر 2005 على ما يسمى بـ "إعلان ايسن". وجاء ذلك بعد أن اتفق الموقعون هذا الإعلان على الابتعاد عن كل ما يمت للإهارب والعنف بصلة كمبدأ لا حيد عنه، كما تضمن الإعلان أكثر المصطلحات أهمية فيما يتعلق بحياة المسلمين في ألمانيا، وهو مصطلح"الاندماج".
الحوار هو الحل الوحيد
في المدن الألمانية الكبرى، لاسيما في منطقة الرور الصناعية، يعيش ألاف المسلمين سوياً مع جيرانهم المسيحيين. ولا غرو أنه من الممكن أن تطرأ أحياناً بعض المشاكل، التي من شأنها تنغيص الحياة اليومية لمعتنقي الدينات المختلفة، والوقوف عائقاً أمام اندماج الأقليات الدينية في المجتمع. وهذا ما عليه الحال أيضاً في بعض المدن الألمانية. ومما لا شك فيه أن حل النزاعات، أياً كانت، يتطلب الكثير من الحكمة والتريث، فضلاً عن الحوار. فلقد أثبتت السنوات الماضية أن الحوار هو أفضل وسيلة لإزالة العقبات، التي قد تحول دون اندماج المهاجرين المسلمين في المجتمع الألماني. لذلك برعت المنظمات الإسلامية والمسيحية على حد سواء في تبني المبادرات، التي تهدف إلى جمع معتنقي الإسلام والمسيحية في قارب واحد لمواجهة التحديات الطارئة.
قضايا حيوية
ولعل أخر خطوة تم اتخاذها على هذا الصعيد، تمثلت في تشكيل مجموعة عمل من قبل المجلس الكنسي في مدينة ايسن، الواقعة غرب ألمانيا. وتجمع مجموعة العمل الجديدة ممثلين عن الكنسية البروتستانتية في منطقتي راينلاند ووستفاليا، والهيئة الاستشارية لشؤون الحوار المسيحي - الإسلامي، والاتحاد التركي - الإسلامي للشؤون الأديان. وفي هذا الإطار سيتلقي أعضاء المجموعة، على اختلاف ديانتهم، لمناقشة قضايا حيوية تتعلق بالتواجد الإسلامي في منطقة حوض الرور "كمسألة بناء المساجد، على سبيل المثال. فخلال العشر السنوات الأخيرة أعلنت أكثر من جمعية إسلامية عن رغبتها في بناء مساجد جديدة وتوسيع المساجد، التي تم بالفعل بنائها، إلا أن هذا الأمر لا يتحقق بسهولة. فللألمان تحفظاتهم على هذه القضية، لذلك يقع على عاتق المسلمين كسب ثقة جيرانهم الألمان من أجل تنفيذ مشاريع بناء المساجد من خلال توضيح موقفهم لهم"، على حد قول الأب بيرند نويزر، مدير الهيئة الاستشارية لشؤون الحوار المسيحي - الإسلامي و عضو مجموعة العمل.
مسؤولية الحوار
أما مسألة علاقة الدين بالدولة فتمثل دون شك موضوعاً دائماً للنقاش بين رجال الدين الإسلامي والمسيحي. فبينما يعد فصل الدين عن السياسية أحد أهم المبادئ الأساسية، التي تقوم عليها الدول العلمانية مثل ألمانيا، يصعب على بعض المهاجرين المسلمين تفهم هذا الفصل، لأنهم لم يعتادوا عليه في أوطانهم. ولكن وبالرغم من اختلاف المفاهيم فإن "الحوار الإسلامي - المسيحي يصل إلى ذروته في مدن وضواحي منطقة حوض الرور الصناعية"، كما يؤكد رئيس الأساقفة فرانس فوررات عضو المجلس الكنسي بمدينة ايسن، والذي يسعى إلى نشر حلقات الحوار الديني في كل ربوع منطقة حوض الرور، وهناك بالفعل "تعاون مشترك وجاد في العديد من مدن منطقة الروهر كـ بوخوم، ودويسبورغ، وغيلزين كيرش. أما مسؤولية الهيئات المسيحية والإسلامية المشاركة في جلسات الحوار، فمن خصائصها بذل كل المساعي الممكنة لكي يتسم الحوار بالموضوعية وأن يثمر بنتائج مفيدة لكلا الطرفين، على حد تعبير المطران فوررات.
علاء الدين سرحان