"التلوث الصناعي في الدول العربية قد يلحق أضرارا بالغة بثرواتها المائية"
١٩ أغسطس ٢٠٠٨يتزايد القلق في عدد من المناطق التي تعاني من قلة الأمطار حول ما يمكن أن تسببه من جفاف ونقص في مصادر المياه، خاصة في المناطق الجافة التي لا تتوفر بها موارد مائية طبيعية كبيرة كالأنهار والبحيرات على غرار غالبية المنطقة العربية. وعلى الرغم من أن غالبية البلدان العربية تمتلك كميات هامة من المياه الجوفية، إلا أن عملية استغلالها مازالت تُعتبر عملية مكلفة جدا، إضافة إلى أنها غير متجددة ومهددة بالنفاذ يوما ما، خاصة مع التعداد السكاني وارتفاع حاجيات الشعوب العربية لتغطية استهلاكها اليومي ولري المساحات الزراعية وكذلك للصناعة.
إدارة الثروات المائية الجوفية
وفي إطار الأسبوع العالمي للمياه الذي ينعقد هذه الأيام في العاصمة السويدية استكوهلم نسلط الضوء على كيفية إدارة واستغلال المياه الجوفية في المنطقة العربية، في هذا السياق أجرى موقعنا حوارا هاتفيا مع البروفسور فيلهلم شتروكماير من المؤسسة الألمانية للدراسات الجغرافية والمواد الأولية والأمين العام للمنظمة العالمية للدراسات الهيدرولوجية والذي يشارك كخبير علمي في مجال إدارة المياه الجوفية والبحث عن المخزونات المائية الجوفية.
وبما أن الدورة الثامنة عشرة للأسبوع العالمي للمياه تركز هذه السنة على مكافحة المياه الملوثة التي تسبب في مقتل طفل كل عشرين ثانية في شتى أنحاء العالم، أشار البروفسور شتروكماير إلى أن قضية تلوث المياه لا تقتصر على البلدان الفقيرة في إفريقيا جنوب الصحراء أو جنوب شرق آسيا أو دول أمريكا اللاتينية فحسب وإنما تمتد لتشمل أيضا المنطقة العربية ولو بمقدار أقل. وقال شتروكماير إن التلوث الصناعي أو الصرف الصحي في البلدان العربية يمكن أن يلحق أضرارا كبيرة خاصة بالثروات المائية الجوفية، لذلك يتعين على هذه البلدان إعطاء موضوع تلوث المياه أهمية أكبر.
وتستمد المياه الجوفية في المنطقة العربية أهميتها من كون هذه المنطقة تقع جغرافيا ضمن المناطق الجافة وشبه الجافة، إضافة إلى أن التزود بالماء في البلدان العربية يكاد يقتصر على استغلال المياه الجوفية، نظرا لقلة الأمطار وقلة الموارد المائية السطحية إذا ما تم استثناء نهري دجلة والفرات ونهر النيل.
استراتيجيات لتحقيق "الأمن المائي"
من جهة أخرى أشار شتروكماير إلى أنه - وعلى الرغم من أن المنطقة العربية تتمتع بثروة مائية جوفية مهمة، تُعد من ضمن أكبر الخزّانات المائية في العالم – إلا أن عملية استخراج هذه المياه تعد مُكلفة جدا، علاوة على أنه يستوجب تنقية المياه المستخرجة قبل استخدامها للشرب أو لري المساحات الزراعية.
غير أن المياه الجوفية تعد من الثروات المهددة بالنفاذ أي أنها غير متجددة ونابضة، ذلك أن الأمطار في المنطقة العربية تسقط بصفة غير منتظمة ولا تساهم إلا في تجديد جزء ضئيل من المخزونات المائية الجوفية. في هذا الإطار أكد شتروكماير على ضرورة اتباع استراتيجيات تضمن استغلالا محكما لهذه الثروات لتحقيق "الأمن المائي" على المدى البعيد.
ويتطلب ذلك إعداد دراسة مفصلة عن كميات المياه الجوفية المتوفرة وإمكانية استغلالها لفترة أطول من الزمن دون هدرها أو إضاعتها والتفكير في نصيب الأجيال القادمة من الثروات المائية الوطنية، كما أكد على ضرورة ترشيد الاستهلاك وإيجاد موارد مائية بديلة أو تكميلية عن طريق السدود وكذلك إجراء دراسات واستكشافات لفترات طويلة لإيجاد خزانات مياه جوفية جديـدة وكذلك إمكانية تحلية مياه البحر، التي تُعد خاصة بالنسبة لدول الخليج من ضمن الحلول الملموسة لتغطية حاجيات المنطقة من المياه، رغم ارتفاع تكلفتها.