الانتخابات المصرية في ظل إجراءات أمنية مشددة و"بلطجة" مستأجرة
٢٧ نوفمبر ٢٠١٠أكثر من 40 مليون ناخب مصري مدعوون غداً الأحد (28 نوفمبر/ تشرين الثاني) إلى الاقتراع لاختيار 508 أعضاء في مجلس الشعب المصري من بينهم 64 امرأة، فيما يتوقع المحللون نسبة مشاركة لا تزيد على تلك التي شهدتها انتخابات عام 2005 أي نحو 25%، كما يتوقعون فوزاً ساحقاً للحزب الحاكم، وتراجعاً في عدد مقاعد الإخوان المسلمين، حركة المعارضة الرئيسية في البلاد. ويُرجع المحللون الانتصار غير المسبوق للإخوان المسلمين في عام 2005 إلى إدارة القضاء للعملية الانتخابية ووجود "قاض لكل صندوق". غير أن الإشراف القضائي على الانتخابات أُلغي بموجب تعديل دستوري عام 2007.
وفي تطور غير مسبوق قضت محكمة جنح الدخيلة بالإسكندرية بالحبس عامين على 11 من أعضاء الإخوان المسلمين بتهمة رفع شعارات انتخابية "دينية"، وهو أول حكم من نوعه يصدر ضد أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين. وحسبما أفاد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس فإن "ستة من بين هؤلاء حوكموا وهم محبوسون احتياطيا"، ما يعني أنهم سينفذون الحكم بالسجن. وبموجب القانون المصري يحق لهؤلاء الاستئناف أمام محكمة أعلى إلا أنهم يظلون قيد الحبس إلى أن تصدر الأخيرة قرارها.
"الإسلام هو الحل" شعار سياسي؟
ويأتي هذا الحكم عشية الانتخابات التشريعية المصرية التي تشهد منافسة حادة بين أعضاء الحزب الوطني الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين. وكانت اللجنة العليا للانتخابات حظرت قيام المرشحين بأي دعاية انتخابية "دينية"، غير أن الإخوان، الذين يشاركون في الانتخابات بنحو 130 مرشحاً، اعتبروا أن شعارهم الرئيسي "الإسلام هو الحل" هو شعار سياسي وليس دينياً.
ويشكو الإخوان منذ أيام عدة من أن السلطات "بدأت تزوير الانتخابات مبكراً" من خلال الاعتقالات في صفوفهم وعرقلة الحملات الانتخابية لمرشحيهم، في حين أعلن الحزب الوطني الحاكم يوم الخميس (25 نوفمبر/ تشرين الثاني) أنه تقدم ببلاغ للنائب العام عبد المجيد محمود يطلب فيه فتح تحقيق قضائي قد يؤدي إلى إلغاء عضوية نواب الإخوان المسلمين الذين سينتخبون، إذ يطعن بلاغ الحزب الحاكم في شرعية ترشيح أعضاء الإخوان للانتخابات معتبراً أنهم "ينتهكون القانون والدستور" لخوضهم الانتخابات رسميا بصفتهم "مستقلين" وقيامهم بعد ذلك بدعايتهم الانتخابية كأعضاء في "جماعة غير شرعية". واعتبر المتحدث باسم الحزب، علي الدين هلال، أنه "حان الوقت لاتخاذ إجراءات قانونية وليست أمنية". واعتبر هلال أن الهدف هو تأسيس نظام يقوم على المواطنة وليس على الدين، مضيفاً أن "مصر يجب ألا تتحول إلى دولة دينية".
الصحف الحكومية تواصل هجومها الشديد على الإخوان
وقد واصلت غالبية الصحف المصرية الحكومية الصادرة اليوم السبت هجومها على ما سمته قوى "التطرف"، وخصوصاً جماعة الإخوان المسلمين، في حين أعربت الصحف المستقلة عن مخاوف من حدوث أعمال عنف غداً أثناء العملية الانتخابية في "يوم الحسم" بين آلاف المرشحين لمقاعد مجلس الشعب المصري.
وتحت عنوان "أخطر الانتخابات المصرية" دعت صحيفة الأهرام الحكومية إلى "وقوف كل القوى المدنية صفاً واحداً ضد محاولات تحويل مصر إلى إيران وأفغانستان أخرى بالعنف أو من خلال صناديق الانتخابات على الطريقة النازية التي أوصلت هتلر إلى السلطة من قبل".
وتحت عنوان "قوة الفوضى الثلاثية"، حملت افتتاحية صحيفة الجمهورية الحكومية بشدة على جماعة الإخوان المسلمين و"بعض" الأقباط وأمريكا. وكتبت الصحيفة أن الإخوان المسلمين يشتركون مع "الإخوان المسيحيين في إثارة الفتنة والعنف في الشارع المصري قبل الانتخابات". وهاجمت الصحيفة الأقباط معتبرة أن الدولة دللتهم، مما جاء "بنتيجة عكسية، فاستقووا بالخارج وشعروا أنهم فوق القانون لأنهم على دين أمريكا".
ومن المعروف أن الأقباط يتمتعون بحضور اقتصادي قوي، غير أن حضورهم السياسي ضعيف، وهو ما تجلى في البرلمان المنتهية ولايته والذي لم يضم سوى عضو قبطي منتخب واحد، هو وزير المالية يوسف بطرس غالي، إلى جانب عدد من النواب المسيحيين الذين عينهم الرئيس المصري، مستخدماً حقه الدستوري في تعيين عشرة أعضاء في البرلمان.
"البلطجة" لصالح الوزراء والمستقلين
ويخشى كثير من المصريين الإدلاء بأصواتهم في وجود ما يُطلق عليهم بـ"البلطجية" الذين يستأجرهم المرشحون المتنافسون. وأصبح استئجار تلك العصابات من الفتيان جزءاً لا يتجزأ من المشهد الانتخابي في مصر إلى حد أن صحيفة يومية نشرت قائمة بالأسعار التي يحصل عليها الرجال والنساء الذين يعتمدون على قوتهم العضلية.
وأفادت دراسة نشرتها صحيفة "الوفد" المعارضة بأن أسعار استئجار البلطجية تبدأ من 800 جنيه (140 دولارا) وقد تصل إلى 40 ألف جنيه "حسب نوع المهمة"، وأضافت: "يعرض البلطجية من الرجال والنساء تقديم تخفيضات هائلة للوزراء الحاليين والسابقين ومرشحي الحزب الوطني ويرفعون السعر للمستقلين ومعارضي الحكومة ويزيدون في مغالاتهم للدوائر الملتهبة والمناوئين للحزب الوطني وأجهزة الأمن."
(س ج / أ ف ب، رويترز)
مراجعة: عارف جابو