الكوتا النسائية ـ "عربة سيدات في قطار النظام المصري"
٢٥ نوفمبر ٢٠١٠ترى نرمين البدراوي، مرشحة الحزب الوطني الحاكم لمقعد كوتا محافظة 6 أكتوبر، أن فوزها المتوقع بالتزكية، بعد أن أحجم الجميع عن التنافس معها، هو نتيجة طبيعية لمارستها الحزبية، لا لكونها امرأة أو محسوبة على الحزب الحاكم. وتذكر، في حوارها مع دويتشه فيله، إلى مناصبها الحزبية النسوية: فهي عضو الأمانة المركزية للمرأة بالحزب، وخاضت معركة شرسة على مقعد الفلاحين في عام 2005 عن نفس الدائرة. (البرلمان المصري مقسم إلى مقاعد للعمال والفلاحين وباقي فئات الشعب).
ولم تبتعد البدراوي عن دائرتها الانتخابية رغم خسارتها في الانتخابات الماضية. فقد قامت بالتبرع من مالها الخاص لبناء مكتب بريد في قرية نزلة الأشطر تسهيلا لمعاملات المواطنين. وبحكم خبرتها بمحافظتها ذات التركيبة الريفية، ترى أن ترجيح مرشح على آخر لا يأتي من كونه ذكرا أو أنثى، بل بحجم ما يقدمه من خدمات لأبناء دائرته. وتعرب البدراوي عن اعتقادها بأن من يتحدثون عن الكوتا كتكتيك لسيطرة الحزب الوطني على المقاعد "يروجون لأفكار تبرر فشلهم في اللحاق بالآخرين".
الاستجابة الرئاسية لـ "الكوتا المغرضة"
الإعلامية جميلة إسماعيل، المرشحة في دائرة قصر النيل(وسط البلد) على مقعد الفئات، رفضت أن تخوض المعركة علي نسبة الكوتا، وهي تواجه الآن مرشحا شهيرا للحزب الحاكم على المقعد نفسه. وترى الزوجة السابقة للمرشح الرئاسي المعارض أيمن نور، في حوار مع دويتشه فيله، أن تطبيق الكوتا لم يكن ثمرة لنضالات المجتمع المدني، بل جاء بإشارة رئاسية تم بموجبها "طبخ قانون الكوتا بأسرع ما يمكن".
وترى إسماعيل في تطبيق نظام الكوتا "استخداما مغرضا لمفهوم التمييز الإيجابي؛ فقد استولى النظام من خلاله، وكما حدث في تأسيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، على خطاب مناضلي حقوق الإنسان". ولا يكفي نظام الكوتا لتصديق "نية النظام، التي سرعان ما تظهر رائحتها سريعا، خصوصا أن إعادة انتخاب الرئيس مبارك لمرة سادسة، أو اختيار خلفه في حال خلو السلطة بشكل مفاجئ، تقع على عاتق المجلس القادم".
وتتوقع مرشحة حزب الغد أن تفوز مرشحات الحزب الوطني الحاكم وفق هذا النظام بمعدل 55 مقعدا من أصل الـ64 هي عدد المقاعد المتنافس عليها وفق هذا النظام. وتكشف المذيعة جميلة إسماعيل لدويتشه فيله أن ناخبيها معجبون بفكرة ترشحها خارج الكوتا. فرغم استهداف النظام لها شخصيا، عبر آليات تشويه السمعة كسيدة، فإن جمهورها يراها "ست جدعة" بالمفهوم الصعيدي.
إدماج النساء بعزلهن أكثر
وبدورها تقول نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، بأنها كحقوقية ترى في الانتخابات الحالية "أمرا محبطا". وتنبه أبو القمصان، في حوار مع دويتشه فيله، إلى تاريخية دعوتها بربط الكوتا بتغيير النظام الانتخابي من الفردي إلى نظام القائمة النسبية. فالنظام الفردي يدعم فكرة الترشح على أساس المال أو العصبية القبلية، والكوتا في ظل هذا النظام "تؤبد أمراض الحياة السياسية المصرية"، أما نظام القوائم النسبية فيسمح للمرشحات من النساء، أن يكن ضمن برنامج سياسي عام وشامل". وترى أبو القمصان أن إضافة 64 مقعدا، إلى مقاعد المجلس البالغة 444 مقعدا، هي أقرب لثقافة العزل منها للإدماج. فلن تأخذ المرأة، وفق هذا النظام، مواقعها الحقيقي، بل "يتم إلحاقها عبر نسبة مضافة، دون إغضاب للرجال، كـإقامة عربة للسيدات في مترو الأنفاق".
ووفقا لتحليلها الكمي والكيفي لعدد المرشحات على الكوتا ترى أن فرص المستقلات منهن شبه معدومة. فعلى الرغم من جرأتهن في خوض المغامرة إلا أن فرص الحزبيات أفضل. لكن المؤكد رقميا هو زيادة تمثيل المرأة، والفرصة الوحيدة هو العمل مع التركيبة الداخلة وتدريبها وتوعيتها لاحقا بمطالب لوبي نسائي. وتضيف أبو القمصان بأن المشكلة تكمن بأن هؤلاء النسوة سيتعرضن غالبا لابتزاز أنهن نساء وقادمات بكوتا.
كوتا بمقاييس الرجال
ولا تخفي ميسان حسن (باحثة 25 سنة) موقفها المزدوج كناخبة لن تشارك في التصويت وكباحثة في مجال المرأة، أي معنية بتجربة الكوتا. فهي كناخبة تتشابه حالاتها مع ملايين النساء المعلق تصويتهن على إجراءات بيروقراطية عقيمة تتعلق بمناطق ميلادهن وسكنهن، وهي كمهتمة بالشأن العام لا تخفي حذرها من "التمييز الإيجابي للنساء" (الكوتا). وهي ترى في النساء المشاركات في هذا النظام صنيعة "حسبة ذكورية" إما في الحزب الحاكم أو عند المستقلين. ولا يعني نجاحهن أي زيادة في الوعي بقضايا النساء الحقيقية، خاصة وأن الجميع سيتعامل معهن لا كمرشحات لكل الناس بل على أساس أنهم مرشحات النساء.
وترى ميسان حسن أن نجاح نماذج مثل الأكاديمية زينب رضوان في الانتخابات الماضية، ربما أفاد على نطاق ضيق جدا في معارك كمعركة قانون الخلع. وتضيف الباحثة بأنها لا تتوقع أن تتحالف "نساء الكوتا" لما فيه الدفاع عن حقوق المرأة؛ فمشاربهن مختلفة وارتباطهن بمؤسسات ذكورية سيجعل منهن مجرد عدد في التصويت. لذا ترفض هي "الكوتا" انطلاقا من ضرورة "أن يكون تمييز المرأة نتاجا لنضال حقيقي في المجال العام، جنبا إلى جنب مع غيرها من الفئات المهمشة، وبعيدا عن الرغبات المزاجية والشكلية للنظام".
هاني درويش ـ القاهرة
مراجعة: أحمد حسو