الإصلاح الأمني الفلسطيني قبل خطوات الحل السياسي
في خطوة جديدة تهدف إلى إصلاح الأجهزة الأمنية أجرى الرئيس الفلسطيني تعديلات جديدة أبرزها تعيين رشيد ابو شباك مديرا عاما للامن الوقائي في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد ان كان مديرا للامن الوقائي في قطاع غزة. وفي خطوة سابقة سلّم عباس العميد علاء حسني قيادة الشرطة والعميد طاريق أبو رجب إدارة المخابرات والعميد أحمد عبد الكريم مديراً للاستخبارات العسكرية. كما أحال العشرات من رجال الأمن وكبار القادة العسكريين إلى التقاعد. وشمل ذلك 40 ضابطاً برتب عقيد وما فوق ممن تجاوزوا سن الستين. ومن بين الذين أحيلوا إلى التقاعد مدير الامن العام ورئيس الاستخبارات العسكرية السابق اللواء موسى عرفات و رئيس جهاز المخابرات العامة السابق اللواء امين الهندي. وقد تم تعيين كل منهما مستشاراً للرئيس الفلسطيني.
تحقيق الأمن يحتاج إلى أكثر من تغيير الأشخاص
يرى المراقبون في تعيين رشيد أو شباك رئيساً لجهاز الأمن الوقائي المعني بمراقبة الجماعات السياسية خطوة هامة لتقوية ساعد الرئيس محمود عباس بعد إقالته لعدد من الضباط الكبار الذين خدموا في عهد الرئيس الراحل عرفات. ويُعتبر أبو شباك من القادة الصارمين والمتمرسين. وقد أثبت ذلك خلال قيادته حملة أمنية استهدفت إسلاميين ناشطين في قطاع غزة خلال التسعينيات. من جهة أخرى تشكل التعديلات الجديدة خطوة نحو تلبية المطالب الأمريكية والإسرائيلية الخاصة بإصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية التي تتهمها إسرائيل بالتقصير في مواجهة الجماعات المتطرقة. وتربط إسرائيل نجاح هذا الإصلاح بملاحقة هذه الجماعات وتجريدها من سلاحها. كما تعتبر نجاحه شرطاً للانسحاب من باقي مدن ومناطق السلطة الفلسطينية التي أعادت احتلالها. إضافة لذلك فهي لا ترغب في بحث تنفيذ خارطة الطريق قبل تحقيقه. لكن الأهم من ذلك أن الإصلاح يستجيب لآمال الشارع الفلسطيني بالتخلص من حالة الفوضى. وقد سادت هذه الحالة عقب إعادة احتلال المدن الفلسطينية من قبل الجيش الإسرائيلي وتدميره لمقرات أجهزة الأمن وشله لعملها بشكل كلي أو جزئي خلال السنوات الأربع الماضية. غير أن العديد من المراقبين يرى أن القضاء على الفوضى يتطلب أكثر من تعيين قادة جدد، فمن أجل ذلك لا بد من إقامة مؤسسات تعمل على أساس سيادة قوانين وأنظمة واضحة وشفافة لا تسمح بتداخل صلاحيات الأجهزة واستشراء الفساد والمحسوبيات كما هو عليه الحال حتى الآن.
خلل بالأمن من خلال قسّام جديدة
ميدانياً تم إطلاق صاروخين من نوع قسّام على جنوب إسرائيل يوم أمس الأربعاء. وقد اعتبر المراقبون ذلك نوعاً من التحدي لمحمود عباس ولرئيس جهاز الأمن الوقائي الجديد أبو شباك. وفي الوقت الذي لم تعلن فيه أية جماعة مسؤوليتها عن الحادثين، قال عباس للصحفيين أن مثل هذه الأعمال "فوضوية وتنتهك الاجماع القومي. كما أنها لا تخدم القضية الفلسطينية ويجب وقفها بكل الوسائل." ويشكل إطلاق الصورايخ خرقاً لوقف إطلاق النار الذي التزمت به الفصائل الفلسطينية حتى نهاية هذا العام. ويخشى كثيرون أن تتخذ إسرائيل من الخرق سبباً إضافياً لتأجيل انسحابها من قطاع غزة في حال تكراره. في هذه الأثناء ما يزال الغموض مسيطراً على مصير خطة الانسحاب بعد الدعم الذي تلقاه شارون بهذا الخصوص من قادة العديد من أجهزته الأمنية الذي يفضلون تأجيلها. وعلى هذا توقعت مصادر حكومية إسرائيلية أن يتم الانسحاب في 15 آب/ أغسطس بدلاً من 20 تموز/يوليو القادم. وفي هذا السياق يتوقع أن يُعلن شارون في الشهر القادم عن تأجيل الخطة لمدة ثلاثة أسابيع بدعوى تزامن فترة الانسحاب السابقة مع فترة حداد دينية يهودية.
بوادر نظرية جديدة لدفع العملية السلمية
يرى المراقبون أن صورايخ قسام الجديدة التي أطلقت اليوم لن توقف الاتصالات الفلسطينية- الإسرائيلية التي تكررت بشكل ملحوظ في الأسابيع الماضية. وعلى هذا الأساس رجحت مصادر حكومية فلسطينية وإسرائيلية عقد لقاء بين الرئيس الفلسطيني عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي شارون قبل توجه الأول إلى واشنطن في الشهر القادم. وسيبحث هناك في سبل دفع عملية سلام الشرق الأوسط من خلال تنفيذ خارطة الطريق التي تأخر تطبيقها سنوات. وفي هذا السياق أبدى ولي العهد السعودي الأمير عبدالله تفاؤله بقرب التوصل إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية خلال زيارته الحالية للولايات المتحدة. ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن الأمير قوله في حفل لمجلس رجال الاعمال السعودي-الامريكي: "اعتقد اننا تجاوزنا الايام والمحن الخانقة واننا امام مرحلة تبشر بانحسار موجة الارهاب." ويعتقد المحللون أن هذا الكلام يعكس على ألأرجح إشارة قوية تلقاها الزعيم السعودي من الرئيس بوش خلال لقاءه معه قبل يومين. ومن أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي في موسكو خلال الخريف القادم من أجل تسريع تنفيذ خارطة الطريق. وقد رحبت السلطة الفلسطينية بالاقتراح على لسان وزير الإعلام الفلسطيني نبيل شعث. وقال شعث لوكالة فرانس برس أن السلطة ترحب بالمؤتمر من أجل تنفيذ الخارطة والانتقال إلى مفاوضات الحل النهائي ووقف الاستيطان وفقاً لقرار الشرعية الدولية.
د. ابراهيم محمد